فالماء يعتبر القاطرة التي تُحرِّك النمو الاقتصادي، وهو عامل جوهري وأساسي للحياة ذاتها، حيث تتسبب “نوبات الجفاف” بانخفاض القدرة الإنتاجية للأرض، في الوقت الذي تُعد فيه الزراعة أكبر نشاط مستهلك للأراضي والمياه، ما يبرز الحاجة بحسب الخبراء إلى ضرورة الاستماع للرسائل التي يبعث بها المناخ من ضرورة إحداث تحوّل في طريقة عيشنا.

وتعاني أجزاء من جنوب غربي الولايات المتحدة من أسوأ ظروف الجفاف منذ أكثر من ألف عام، حيث حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة من تأثر الغرب الأميركي بنقص المياه، كما حذرت السلطات في ولاية كاليفورنيا، المواطنين من استخدام المياه بشكل مفرط لرش حدائقهم المنزلية، حيث من المتوقع أن يزداد الجفاف مع استمرار فصل الصيف.

وتتم زراعة أكثر من ثلث محصول الخضروات في الولايات المتحدة في ولاية كاليفورنيا، وكذلك نحو ثلثي محاصيل الفواكه، لكن آلاف الأفدنة ظلت غير مزروعة، لأن أصحابها لا يمكنهم الحصول على المياه الكافية لزراعتها، حيث ستكون آثار هذا الأمر واضحة في أرفف المتاجر العام المقبل.

في هذا الوقت تعيش أوروبا حالة من الجفاف غير المسبوق هي الأسوأ منذ 500 عام، وفق ما أعلن مركز الأبحاث المشترك التابع للمفوضية الأوروبية، بعد أن فرضت “نوبة الحر” الأخيرة ضغطاً كبيراً على أنهار وخزانات ومستويات المياه الجوفية في القارة العجوز.

وسيترتب عن الجفاف في أوروبا عواقب وخيمة على الإنتاج الغذائي، حيث تخشى فرنسا التي تعد أكبر منتج للحبوب في الاتحاد الأوروبي، من انخفاض كبير في محاصيلها الزراعية المختلفة.

أما في إيطاليا، فإن ثلث الإنتاج الزراعي بات عرضة للخطر بسبب موجة الحر التي تسببت بجفاف “نهر بو”، وهو شريان مهم للري في أنحاء منطقة شمال ووسط إيطاليا التي تعد منتجة رئيسية للفاكهة والخضروات والحبوب.

وهذه المخاوف تنطبق أيضاً على إسبانيا، ألمانيا، بلجيكا وبريطانيا.

أما في الصين، وبعد أن وصلت الحرارة في بعض المناطق الجنوبية إلى 45 درجة، فقد أصدرت السلطات منذ أيام أول تحذير وطني باللون “الأصفر” من حالة الجفاف لعام 2022.

ويُعتبر الإنذار الأصفر أقل بدرجتين من أخطر تحذير على المقياس الصيني.

وأعلن تلفزيون الصين المركزي، أن ما يصل إلى 66 نهرا عبر 34 مقاطعة في منطقة تشونغتشينغ الجنوبية الغربية جفت.

وتعتبر الفترة الحالية “فترة حرجة” لزراعة “حبوب الخريف” في الصين والتي تمثل 75 في المئة من إنتاج الحبوب السنوي للبلاد، كما أن محاصيل أشجار الشاي والحمضيات والمانغو ستكون “هشة” أمام موجات الحر.

ووفقا لبيانات أصدرتها وزارة الطوارئ الصينية، تسبب ارتفاع درجات الحرارة في شهر يوليو وحده في خسائر اقتصادية مباشرة بلغت 400 مليون دولار.