فقر وبطالة وعنف.. “قضية نائل” تعيد أزمة ضواحي فرنسا للواجهة
أعادت قضية مقتل الشاب الفرنسي من أصل جزائري نائل، أزمة الضواحي الفرنسية التي تعاني معدلات مرتفعة من الفقر والبطالة والجريمة، إلى الواجهة مجددا، فيما تطالب قوى سياسية الحكومة الفرنسية بضرورة إقرار “إجراءات عاجلة” لحل جذور الأزمة، بمعالجة مشكلات الضواحي المتفاقمة على مدى سنوات.
ووصف خبراء ، الأحياء الشعبية أو ما يعرف بـ”الأحياء ذات الأولوية”، بأنها “قنابل موقوتة تعاني جراء تفاقم الأوضاع الإنسانية، وتدني مستوى الخدمات، وارتفاع البطالة، والمشكلات الأمنية”.
“أخطر من مقتل نائل”
واعتبر المحلل السياسي، نزار الجليدي، أن “الحكومة الفرنسية تعاملت مع أزمة مقتل الفتى الجزائري بمنطق التهدئة الجزئية ومحاولة احتواء غضب الشارع، دون تقديم حلول جدية لجذور الأزمة”.
وقال: “الأحياء الشعبية أو الضواحي التي يسكنها غالبية من المهاجرين، تعاني إهمالا شديدا من جانب الحكومات الفرنسية المتعاقبة، التي تتجاهل طبيعة الديموغرافية الجديدة في البلاد، نتجت عن زيادة أعداد الوافدين وتعاقب الأجيال من أبنائهم”.
وأشار الجليدي إلى أن “ارتفاع البطالة والفقر وتدهور الظروف الاقتصادية والإنسانية في تلك الأحياء، يجعلها بمثابة قنابل موقوتة وألغام تعجز الحكومة عن إبطال مفعولها”.
ما يتوجب على الحكومة فعله”
وحول أداء الحكومة بخصوص مقتل نائل، قال الجليدي إنه “لم يكن مرضٍ ولم يتصف بالعدالة حتى الآن، على الرغم من تعجيل إجراءات المحاكمة للشرطي المتهم بالقتل، من أجل تهدئة الغضب الشعبي”.
وتابع: “كان يجب على الحكومة التحرك على محورين، الأول تحرك قريب يتعلق بالمحاكمة وإظهار التضامن مع الغضب الشعبي، والثاني هو مناقشة حلول لمشكلات المهاجرين، ووقف التعامل العنصري ضدهم”.
وحذر المحلل السياسي من أن تؤثر القضية على “تعزيز شعور الانفصالية لدى الجماهير، وحشد الرأي العام ضد الرئيس (إيمانويل) ماكرون وحكومته، الذي يواجه في الوقت الراهن اتهامات شعبية بانتهاك قيم الحرية”.
أرقام صادمة
وفق بيانات مركز الإحصاء الوطني الفرنسي “إنسي”:
- يعيش في فرنسا 5,2 مليون شخص في أحياء معدومة، أي حوالي 8 بالمئة من السكان.
- حدّدت الدولة 1514 حيا فقيرا في عام 2014، عرفت عنها بـ”الأحياء ذات الأولوية لسياسة المدينة”.
- يبلغ متوسط الدخل المتاح في الأحياء الشعبية 13.770 يورو سنويا لكل أسرة، أي 1147.5 يورو شهريا، مقارنة بـ21.730 يورو في المناطق المحيطة بها، وفق بيانات “إنسي” للعام 2020.
يذكر أنه بانتخابات الرئاسة لعام 2017، امتنع 48 بالمئة من سكان هذه الأحياء البالغين عن التصويت، أو لم يسجلوا في القوائم الانتخابية، بحسب دراسة أجراها “معهد مونتين” عام 2020، فيما انخفضت هذه النسبة إلى 29 بالمئة في بقية فرنسا.
آخر التطورات الميدانية
عاد الهدوء تدريجيا إلى المدن الفرنسية، بعد أسبوع من أعمال شغب ليلية تخللت الاحتجاجات على مقتل القاصر نائل برصاص شرطي في نانتير الضاحية الباريسية الثلاثاء الماضي.
وأبدى ماكرون، الثلاثاء، “حذرا شديدا” حيال العودة إلى الهدوء، بعدما شهدت فرنسا 7 ليال متتالية من أعمال شغب أوقعت أضرارا كبرى، لكنه اعتبر أن “ذروة هذه الأعمال مرت”، وذلك عند استقباله رؤساء بلديات مدن بين الأشد تضررا.