“نقطة تحول”.. عصابات “فيتو” تبث الفوضى في شوارع الإكوادور
قبل أيام، هرب أحد زعماء العصابات الأكثر شهرة في الإكوادور، وهو “خوسيه أدولفو ماسياس”، المعروف باسم “فيتو”، من زنزانته في سجن “جواياكيل”، إحدى أكبر المدن في البلاد، ما دفع الحكومة إلى إعلان حالة الطوارئ.
هكذا، استفزت الحكومة العصابات الإجرامية التي أطلقت العنان لغضبها في المدينة منذ 9 يناير. وهو ما يراه كثيرون بمثابة نقطة تحول في حرب الإكوادور ضد العصابات.
بعد ساعات من اندلاع العنف في جواياكيل، اتخذ الرئيس الإكوادوري دانييل نوبوا -الذي تم تنصيبه قبل شهرين فقط- خطوة غير مسبوقة. حيث أعلن عن “صراع مسلح داخلي” في البلاد وأمر القوات المسلحة الإكوادورية “بتحييد” أعضاء أكثر من 20 عصابة، وصفها بالجماعات الإرهابية.
منذ ذلك الحين، قامت قوات الشرطة والقوات المسلحة في الإكوادور بمداهمة منازل المشتبه في صلتهم بالجماعات الإرهابية.
ويقول تقرير لشبكة CNN: “إنهم -الجيش والشرطة- يعملون على الابتعاد عن الأنظار، ويرتدون ملابس مدنية، ويرفضون الكشف عن مواقع أهدافهم حتى ينفذوا العملية. ويحذرون من أن التسريبات قد تكلف الأرواح”.
جزيرة السلام
تقع الإكوادور، التي كانت تُعرف ذات يوم باسم “جزيرة السلام” في المنطقة الواقعة بين اثنين من أكبر منتجي الكوكايين في العالم، بيرو وكولومبيا، وقد جعلتها موانئها العميقة نقطة عبور رئيسية للكوكايين الذي يشق طريقه إلى المستهلكين في الولايات المتحدة وأوروبا.
كما أن اقتصاد البلاد المعتمد على الدولار جعلها أيضًا موقعًا استراتيجيًا للذين يسعون إلى غسل أموال التجارة غير المشروعة.
هكذا، في الثلاثاء الماضي، فوجئت البلاد باقتحام ملثمين لاستديو قناة TC التلفزيونية، وهم ملوحين بأسلحة ومتفجرات خلال بث مباشر.
ووفق ما ذكرته صحيفة “لوس أنجلوس تايمز”، دخل المسلحون بمسدسات وما يشبه أعواد الديناميت الاستوديو، وصرخوا قائلين إن لديهم قنابل.
وبعد فترة وجيزة، أعلن رئيس الشرطة الوطنية في الإكوادور أن السلطات ألقت القبض على جميع المسلحين الملثمين.
وقال قائد الشرطة سيزار زاباتا لقناة “Teleamazonas” التلفزيونية إن قوات الأمن صادرت الأسلحة والمتفجرات التي كانت بحوزة أفراد العصابة. فيما لم يذكر عدد الأشخاص الذين تم اعتقالهم.
يقول تقرير CNN: “يحذر الخبراء من أن الجماعات الإرهابية في الإكوادور متحالفة مع شبكة إجرامية أوسع، بما في ذلك “كارتل سينالوا” سيئ السمعة خارج المكسيك، مما يعقد محاولات نوبوا “لتحييد” الجماعات الإجرامية العاملة داخل حدوده”.
لكن الأدميرال جايمي فيلا إيرازو، رئيس القيادة المشتركة للجيش الإكوادوري، تعهد بعدم التراجع أو التفاوض مع الجماعات المسلحة.
ومع سريان حظر التجول على مستوى البلاد، أقامت الشرطة والجيش خلال النهار نقاط تفتيش متنقلة في شوارع جواياكيل.
وتقدر حكومة الإكوادور أن ما لا يقل عن 30 ألف شخص في البلاد مرتبطون بالعصابات.
طلب المساعدة
أشار كبار المسؤولين العسكريين في الإكوادور لشبكة CNN إلى أنهم قلقون بشأن ما سيحدث بعد الحملة التي يقودها الرئيس ضد العصابات المسلحة.
ويقول هؤلاء، إنهم لا يملكون المعدات التكتيكية والذخيرة والمعلومات الاستخباراتية اللازمة لمواصلة هذه المعركة على المدى الطويل.
لهذا، طلب الرئيس نوبوا المساعدة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
وفي حديثه للشبكة الإخبارية الأمريكية، قال نوبوا إن بلاده “ستقبل بكل سرور التعاون من الولايات المتحدة”.
وقال: “نحن بحاجة إلى معدات، ونحتاج إلى أسلحة، ونحتاج إلى معلومات استخباراتية، وأعتقد أن هذه مشكلة عالمية. لا يقتصر الأمر على الإكوادور فحسب، فهذه مشكلة تتجاوز الحدود”.
ومثل غيره من قادة المنطقة، أشار نوبوا إلى أن العصابات التي تعيث فسادا في بلاده تمول أنشطتها عن طريق بيع المخدرات إلى الأسواق الخارجية.
وأضاف لمحطة الإذاعة الكولومبية RCN الأسبوع الماضي: “يجب أن نكون معًا في مكافحة هذا، لأن استهلاك هذه المنتجات يمثل مشكلة إقليمية وعالمية. إنها في الولايات المتحدة، إنها في أوروبا، وعلينا أن نعمل معًا للمضي قدمًا”.
ورغم أن علامات الحياة الطبيعية بدأت تعود ببطء إلى جواياكيل بعد أيام من صدور مرسوم نوبوا بشأن “النزاع المسلح الداخلي”، لكن الرعب المسلح لم ينته بعد.
ففي 17 يناير، قُتل سيزار سواريز، المدعي العام المكلف بالتحقيق في الاستيلاء على استوديو تلفزيون “TC”، بالرصاص في سيارته وهو في طريقه إلى المحكمة؛ وهو الأمر الذي وصفته الشبكة الأمريكية بأنها “ضربة وقحة ضد جهود الحكومة في مكافحة الإرهاب، وتذكير بقبضة العصابات التي لا هوادة فيها”.