أسرة ومجتمع

نصائح للوالدين للتعامل مع مرحلة التمرد عند الطفل

نصائح للوالدين للتعامل مع الطفل، تُعد مرحلة التمرد عند الطفل من أكثر المراحل التربوية تعقيدًا، إذ تُشكّل تحديًا كبيرًا للوالدين، سواء على مستوى الفهم النفسي أو أساليب التعامل السليمة.

وتظهر بوادر التمرد غالبًا في مرحلتين أساسيتين من نمو الطفل: الأولى في عمر ما بين السنتين إلى الأربع سنوات، والثانية خلال فترة المراهقة، وتحديدًا ما بين 11 إلى 18 عامًا.

ويؤكد خبراء التربية على أن التمرد ليس سلوكًا سلبيًا بالضرورة، بل هو تعبير عن حاجة الطفل إلى الاستقلال وتأكيد الذات. لكن عدم التعامل الواعي من الأهل قد يُحوّله إلى صراع يومي يؤثر سلبًا على العلاقة الأسرية وعلى الصحة النفسية للطفل.

أوضحت الدكتورة عبلة ابراهيم استاذ التربية ومستشارة العلاقات الأسرية، أن التمرد هو جزء طبيعي من نمو الطفل، ولا ينبغي أن يُقابل بالخوف أو القمع، بل بالفهم والاحتواء والتوجيه.

أضافت الدكتورة عبلة، أنه على الوالدين أن يتذكرا أن تربية طفل سوي لا تعني خلوّه من التحديات، بل تعني امتلاك القدرة على التعامل السليم مع هذه التحديات. ومع كل أزمة تربوية، هناك فرصة لبناء جسر جديد من الثقة والحب بين الطفل ووالديه، يُمهّد لمستقبل أكثر توازنًا واستقرارًا نفسيًا.

أولًا: فهم أسباب التمرد

وأشارت الدكتورة عبلة، إلى أنه من الضروري أن يبدأ تعامل الوالدين مع التمرد بفهم أسبابه، والتي قد تشمل ما يلي:

الرغبة في الاستقلال: الطفل يسعى لاختبار قدرته على اتخاذ قراراته بنفسه.

الشعور بعدم التقدير: قد يتمرّد الطفل إذا شعر أن آراءه لا تُحترم أو أن قراراته تُلغى باستمرار.

التغييرات البيئية: مثل انتقال الأسرة إلى مكان جديد، أو طلاق الوالدين، أو قدوم أخ جديد.

ضغوط نفسية: كالشعور بالإحباط، الغيرة، أو التوتر المدرسي.

الأسلوب التربوي الصارم أو المتساهل جدًا: كلا النقيضين قد يدفع الطفل إلى سلوك متمرّد نتيجة لغياب التوازن والحوار.

تمرد الأطفال
تمرد الأطفال

ثانيًا: أساليب التعامل مع التمرد

أكدت الدكتورة عبلة، أنه لا يمكن معالجة التمرد بالعناد المقابل أو بالعقاب المفرط، بل بتوظيف مجموعة من المهارات النفسية والتربوية التي تساعد الوالدين على احتواء الطفل وتوجيهه، وهو ما تستعرضه في السطور التالية.

1. الهدوء وضبط النفس
أهم خطوة هي أن يتحلى الوالدان بالهدوء وعدم الرد على السلوك المتمرّد بالغضب أو الصراخ. فكلما كان رد الفعل هادئًا ومتزنًا، كلما شعر الطفل بالأمان، وأدرك أن ما يقوم به ليس وسيلة فعّالة للفت الانتباه أو تحقيق رغباته.

2. منح الطفل مساحة للقرار
من أسباب التمرد الأساسية شعور الطفل بأنه لا يمتلك السيطرة على حياته. لذا، من المفيد أن يُمنح الطفل حق الاختيار في الأمور البسيطة (مثل اختيار ملابسه أو وجبته)، مما يعزز ثقته بنفسه ويقلل من رغبته في التمرد.

3. الحوار بدلًا من الأوامر
الأسلوب الحواري في التعامل هو مفتاح النجاح مع الطفل المتمرّد. بدلًا من إصدار أوامر صارمة، يُفضل استخدام أسلوب التفاوض والنقاش. على سبيل المثال، بدلًا من قول “اذهب للمذاكرة الآن”، يمكن قول “ما رأيك أن تنهي مذاكرتك ونلعب سويًا بعدها؟”

4. الاهتمام بمشاعر الطفل
الطفل في مرحلة التمرد يُخفي وراء سلوكه رسائل عاطفية، منها الحاجة للاهتمام، أو التعبير عن الغضب أو الإحباط. لذلك، يجب على الأهل الإصغاء لمشاعره والتعبير عن التعاطف معه. يمكن للوالدين قول جمل مثل: “أشعر أنك منزعج، هل ترغب في الحديث عن السبب؟”

5. تقديم القدوة الحسنة
الطفل يتعلّم من تصرفات والديه أكثر مما يتعلّم من نصائحهم. فإذا شاهد الطفل والدته أو والده يتعاملان مع الخلافات بهدوء واحترام، فإنه يكتسب هذا النمط السلوكي تلقائيًا.

6. تحديد قواعد واضحة وثابتة
يحتاج الطفل إلى أن يعرف حدود السلوك المقبول وغير المقبول، ويشعر بالاستقرار عندما تكون القواعد واضحة وغير قابلة للتغيير المزاجي. يجب أن تكون هذه القواعد مقرونة بنتائج منطقية لسلوك الطفل، لا عقوبات تعسفية.

7. الابتعاد عن العنف والتهديد
استخدام العنف اللفظي أو الجسدي لا يعالج التمرد، بل يزرع الخوف والرفض والانعزال، ويُكرّس الصراع بدلًا من الحل. الطفل لا يتعلّم من التهديد، بل من الحوار والتفاهم والاحتواء.

8. تعزيز السلوك الإيجابي
عندما يُظهر الطفل سلوكًا جيدًا، ينبغي تعزيزه بالثناء أو التشجيع أو مكافأة رمزية. هذا يشعره بالتقدير، ويُحفّزه لتكرار السلوك الجيد.

التعامل مع الطفل المتمرد
التعامل مع الطفل المتمرد

ثالثًا: التوازن بين الحزم والحنان

من الأخطاء الشائعة أن يظن بعض الأهل أن الحزم يتعارض مع الحنان. على العكس، التوازن بين الحزم والحنان هو ما يُنتج شخصية سوية. الطفل يحتاج إلى من يضع له الحدود، لكنه في الوقت ذاته يحتاج إلى من يضمّه إذا أخطأ، ويُشعره بأن المحبة لا تتغير مهما كان.

رابعًا: متى يجب استشارة مختص؟

في بعض الحالات، قد يتجاوز التمرد حدوده الطبيعية، ويُصبح سلوكًا عدائيًا أو تخريبيًا أو يترافق مع أعراض اكتئاب، كالعزلة، واضطرابات النوم، وانخفاض الأداء الدراسي. في هذه الحالة، لا بد من استشارة مختص نفسي أو تربوي لفهم أعمق للأسباب ووضع خطة علاجية مناسبة.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button