لماذا سمي جبل عرفات بهذا الاسم؟
الوقوف بعرفة هو الركن الأساسي لفريضة الحج، فمن تركه فلا حج له ولا يجبر بدم، لذلك قال النبي “صلي الله عليه وسلم” “الحج عرفة”قال النيسابوري: «عرفات جمع عرفة»، وقال الطبرسي: «عرفات: اسمٌ للبقعة المعروفة التي يجب الوقوف بها، ويوم عرفة يوم الوقوف بها»، و هناك عدة أقوال لتسمية عرفة بهذا الاسم، فقد قيل بأنها سميت بذلك لأن آدم عرف حواء فيها، وقيل لأن جبريل عرَّف إبراهيم فيها المناسك، وقيل لتعارف الناس فيها، وقيل بأن الكلمة مأخوذة من العَرْف وهو الطيب؛ كونها مُقدَّسة. إلا أن الروايتين الأكثر تأكيداً هما؛ أن أبو البشر آدم التقى مع حواء وتعارفا بعد خروجهما من الجنةفي هذا المكان ولهذا سمي بعرفة،والثانية أن جبريل طاف بالنبي إبراهيم فكان يريه مشاهد ومناسك الحج فيقول له: “أعرفت أعرفت؟” فيقول إبراهيم: “عرفت عرفت” ولهذا سميت عرفة.
وقد كان الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يؤمون هذا المكان ويعبدون الله فيه، وتم توارث ذلك من بعدهم، والاقتداء بسنة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أصل أصيل في باب التوقيت، وأيضًا وقوف المسلمين عليه يلبون ويلتمسون من خالقهم جل وعلا غفران الذنوب ومحو الخطايا أدعى إلى رحمة الله بهم وإجابة دعائهم في هذه الأوقات وهذه الأزمنة التي فارقوا فيها الأهل والأوطان وأتوا إليه ممتثلين أمر رب العالمين يدعون فيها والدعاء مستجاب.
فعن عمر وبن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي “صلى الله عليه وسلم” قال: “خير الدعاء دعاء عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”.
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال رسول الله “صلى الله عليه وسلم”: “أكثر دعائي ودعاء الأنبياء من قبلي بعرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي سمعي نورًا، وفي بصري نورًا، اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري، وأعوذ بك من وسواس الصدور، وشتات الأمور، وفتنة القبر، اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل وشر ما يلج في النهار، وشر ما تهب به الرياح، ومن شر بوائق الدهر”، ويستحب عند التوجه إلى عرفات أن يقول هذا الدعاء: “اللهم إني توجهت وعليك توكلت ووجهك أردت فاجعل ذنبي مغفورًا وحجي مبرورًا وارحمني ولا تخيبني وبارك لي في سفري واقض بعرفات حاجتي إنك على كل شيء قدير.
وكان أهل الحرم يقفون بعرفات ويقولون: نحن أهل حرم الله لا نفيض كغيرنا مما قصدنا فأنزل الله عز وجل: ” ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ”، فقد أمرهم المولى عز وجل بالإفاضة من حيث أفاض الناس والناس كانوا يفيضون من عرفات وأفاضتهم منها لا تكون إلا بعد حصولهم فيها، فكان الأمر بالإفاضة منها أمرًا بالوقوف بها ضرورة، وقد روى عن عائشة رضي الله عنها قالت: “كانت قريش ومن دان بدينها تقف بالمزدلفة يسمون الحمس، وسائر العرب تقف بعرفة، فأمر الله عز وجل نبيه بأن يقف بعرفة، ثم يدفع منها، ثم أنزل الله عز وجل: “ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ”