في مواجهة المستقبل.. بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
القواعد الإلهية التي تحقق الأمن والاستقرار والسلام، ليعيش الناس جميعاً في سعادة وسلام وهي كما يلي :
1 (“وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ” (آل عمران:103)
2) “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب”(المائدة:2).
3( “وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ” (الأنفال:46)
وهذه القواعد الثلاثة يوجّهها الله للمؤمنين وليس للمسلمين، فالمؤمن هو من اتبع رسول الله عليه السلام في كل خطواته وسلوكياته، وتعامله مع الناس جميعاً، دون تفرقة بين دين وهوية، بالرحمة والعدل والإحسان والتسامح والعفو، حيث وصف الله رسوله الأمين بقوله:” فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ۖ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ” (آل عمران: 159).
تلك الآية حددت عناصر القيادة للنهوض بمقدرات الشعوب، وتوظيفها لخدمة المواطنين، في سبيل تحقيق الحياة الطيبة لهم في العيش الكريم، مطمئنين في حاضرهم، واثقين في مستقبل مزدهر للكل في الوطن، متحدين ومتعاضدين لحماية أمنه، وتوفير الرعاية لأبنائه والدفاع عن ثرواته، وحقه في تطوير حياته وتأمين غذائه.
فلا قلق يشغل بالهم، ولا خوف من غد وعدم الحصول على لقمة العيش لهم ولأطفالهم، تكفلت الدولة برعايتهم الصحية، وعلاجهم، ووفرت لهم سبل التعليم وفق مناهج تبني أفراداً صالحين، ليرتقي المجتمع بالعمل المخلص والأمانة وتتوحد الأيادي في بناء الوطن التي أخلصت الولاء، وأوفت بالعهد من أجل البناء..
وكل أفراد الشعب يساهم في التخطيط والتعمير، وتنفيذ المشروعات التنموية والخدمية لتحقيق ما يتمناه المواطن في دولته، من احترام لحقوقه ومشاركته في صناعة مستقبله الاجتماعي والاقتصادي، لتحقيق الاكتفاء الذاتي..
حتى لا يظل المواطن رهين يومه، مشغول يبحث عن قوته وقوت أطفاله، بل يتحرر من أسر حاجات الحياة اليومية لينطلق مع إخوته أبناء الوطن في بذل العرق والجهد، من أجل تحقيق أمنه الغذائي، وزيادة التصدير لمضاعفة الموارد المالية.
ولكن للأسف تم إشغال المواطنين بأسعار الدولار ارتفاعاً وانخفاضاً، وكأن جمهورية مصر أصبحت ولاية أمريكية، تخلت الحكومة عن حضارتها وتاريخها ومجدها ومقوماتها الاقتصادية وتراثها الثقافي، وأصبح شغلها الشاغل أسعار الدولار وأسعار الذهب، فاختطفت عقول المواطنين.
فبدلا من توجيههم للإنتاج ووضع تشريعات لتسهيل مشروعات القطاع الخاص، تحولت الدولة إلى أن تكون مشغولة كل يوم عن تأمين رغيف العيش لملايين المواطنين، فلماذا لا تترك المواطنين يعتمدون على أنفسهم، ويتحملون مسؤولية تأمين حياتهم،
والحكومة خلفهم بالتشريعات المبسطة لتشجيعهم على تحمل مسئولياتهم وإعادة صلاحيات المحافظين لتكون كل محافظة تتحمل مسئولية أبنائها، وتصدر القرارت والقوانين المحلية لتشجيع المواطنين بتخفيف العبء عن الحكومة، وليشاركوا في بناء وطنهم
ولتبقى الحكومة مسئولة عن التخطيط والرقابة وتذليل العقبات التي تواجهها المحافظات أثناء التنمية، ليتحقق للشعب المصري حشد ٢٩محافظا مع الحكومة، ليتحقق هدف سيمفونية التنمية المستدامة، بقيادة المايسترو وتسعة وعشرين عازفاً بمختلف الخبرات والألحان، ليستقبلها المجتمع الدولي لحنا يبعث الأمل للشعب المصري في التطور والتقدم ، نحو مزيد من الإنجازات ولا يجوز احتكار كل العقول في قرار منفرد، فالرسول الأمين عليه السلام كان يشاور أصحابه لما يحقق مصلحة الجميع، والله سبحانه أمرنا بالشورى إن كنا مؤمنين حقا بشرعته ومنهاجه.
آن الأوان لإعادة هيكلة نظام الدولة لحشد كل الطاقات في خدمة التنمية وتلاقي كل الأفكار والمبادرات، فيما يحقق مصلحة الشعب المصري وليس كما يحدث
يعيش المصري في قلق كل لحظة من خوف من المستقبل على أمنه الغذائي، وعلى استقراره وعلى بقاء دولته إذا لم يعاد النظر في كل المشروعات والقرارت الارتجالية الماضية، بوضع خطة اقتصادية تعليمية صحية تنموية شاملة للسنوات القادمة، توزع على المحافظات للتنفيذ والمشاركة في تحقيق أهداف التنمية الشاملة، وفتح الأبواب المغلقة للقطاع الخاص لينطلق نحو آفاق المستقبل بالخبرة والجهد والتشريعات، لتبسيط الإجراءات حتى لا يكون عالة على الحكومة، تبني وحدها مستقبله دون مشاركة الشعب في المشاركة الفعلية لصياغة مستقبل الوطن.