الإسراء والمعراج..بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
الإسراء نبأ بلغه رسول الله عن ربه كما قال الله سبحانه: (سُبحانَ الَّذي أَسرى بِعَبدِهِ لَيلًا مِنَ المَسجِدِ الحَرامِ إِلَى المَسجِدِ الأَقصَى الَّذي بارَكنا حَولَهُ لِنُرِيَهُ مِن آياتِنا إِنَّهُ هُوَ السَّميعُ البَصيرُ) (الاسراء: 1).
وقد ذكر القرآن الإسراء بعبده صراحة دون توضيح الكيفية التي تم الاسراء به وعلى المسلم أن يؤمن بكل ما جاء في القرآن الكريم من آيات الذكر الحكيم من القصص والأنباء والأحداث وخاصة التي لم يشرحها النص القرآني بالتفصيل
وليس بالضرورة أن يؤمن الإنسان بما يفسره الناس بالتأويل أو يستنجونه بالاستنباط من ايات القرآن الكريم وما أدركتهة عقولهم من المفاهيم. وليس كل ما جاء به بعض العلماء من محاولة لشرح كيفية الإسراء برسوله عليه السلام أن يصدقه المسلمون فالإسراء حدث وقع بمقتضى قول الله سبحانه: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الإسراء: 1).
فعلى كل مسلم أن يؤمن بما جاء من آيات في القرآن الكريم، وليس بالضرورة أن يرتبط الإيمان بما شرحه المفسرون وليس إلزاماً على المسلم أن يصدق ما قاله الشارحون، أما المعراج فلا يوجد نص في القرآن وآية تذكر صراحة عروج الرسول إلى السماء وليس على المؤمن ذنب إن لم يصدق استنتاج الفقهاء والعلماء وما روته الروايات من الأساطير التي ألفها الفقهاء وشيوخ الدين اتباعاً لقول الله سبحانه (هُوَ الَّذِى أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُوْلُوا الأَلْبَابِ )(آل عمران: 7).
ولذلك فالآيات التي ذكرتها (سورة النجم ) وتم تأويلها من قبل المفسرين ووصفت بعض آياتها بأنها تشرح معراج الرسول الى السماء وما أحاطها من أساطير واسرائيليات لم يرد للمعراج نص صريح وتفصيل بشأنه في الكتاب المبين ولايعلم تأويل تلك الآيات إلا الله، وعلى المسلمين أن يؤمنوا بكل ماجاء في القرآن حتى وان لم تدركه عقولهم ومفاهيمهم ، وقد جعل الله على بعض الآيات قيداً لكي لا يؤًوله الناس خطأً وحكم بحقه وحده في التأويل ورفع عن المسلمين الحرج في عدم فهم النص القرآني لحكمة إلهية وتفسير علماء الدين لا يلزم المسلمين الإيمان باستناجاتهم بما أطلق عليه (المعراج) وتفصيلاته وكيفية العروج وحكاياته وطالما لا يوجد في النص القرآني توضيح صريح بشأن المعراج فلا ذنب على المسلمين إن صدقو أو لم يقتنعوا باستنباط المفسرين.
فلقد ذكرت سورة المعارج قول الله سبحانه (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) (المعارج: 4)، فالآية تذكر عروج الملائكة إلى الله وحددت المدة الزمنية التي يتطلبها عروج الملائكة فالله سبحانه ذكر في قرآنه عروج الملائكة ولم تذكر آياته معراج الرسول عليه السلام ولذلك فتأويل بعض آيات النجم من قبل المفسرين هي محاولة لتقصي معاني الآيات والوصول إلى فهم مقاصدها وتلك المحاولات العقلية والتفكر في معانيها لا تلزم المسلمين بالإيمان بنتائج ما وصلت اليه مفاهيم السابقين من علماء الدين إنما إيمان المسلمين بمصداقية آيات القرآن الكريم فقط هو أساس إقرار الإنسان بإيمانه بدين الإسلام.
الخلاصة
أعظم رسالة أنزلها الله على رسول هي رسالة الإسلام، التي تضمنتها آيات القرآن المجيد، لتهدي الناس إلى الطريق المستقيم في الحياة الدنيا، ليحيوا حياة طيبة مطمئنة، ويحقق الله لهم باتباع كتابه الفوز بالجنة، فماذا يريد المسلمون من الإسراء والمعراج حادثة مضت لا يدركها الإنسان ولم يشاهدها بشر أو جان.. ألا تكفي الناس آيات الذكر الحكيم، وفيها كل ما يحقق للإنسان حياة سعيدة، أساسها الرحمة والعدل والتعاون والإحسان ونشر السلام بين الناس؟
لماذا ينشغل المسلمون بقضية الإسراء والمعراج، وما الذي سيستجدّ للناس أو يستفيدونه من معلومات، إضافةً على آيات القرآن الكريم ، بعدما بلغ الناس عليه السلام في حجة الوداع بقول الله سبحانه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة:3 ) فماذا ينتظر الناس بعد الآية المذكورة؟
أقول تتردد على مدى قرون من يقول إن الرسول عرج إلى السماء، ومن يستند إلى عدم وجود نص في القرآن يؤكد المعراج، فما هي الفائدة المرجوة من عروج الرسول للسماء أو لم يحدث ذلك المعراج، لتقفل تلك المهاترات التي لا تزيد إلا الاختلاف على شيء غير مؤكد، ولا يرتجى من مصداقيته فائدة، وعدم التصديق به خسارة..
فتمسكوا أيها المسلمون بكتاب الله كما أمر الله رسوله عليه السلام بقوله: (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) (الزخرف-43).
لذلك والذي ينتظره المسلمون من معراج الرسول فقدرة الله أعظم مما تتخليه العقول، وكفي به أنه عليه السلام شرفه الله برسالة الإسلام لخير البشرية جمعاء، فدعونا نتمسك بآيات الله ونطبقها في حياتنا قولا وعملا وسلوكا ، لنكون خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتنشر السلام في الأرض وتدعو للتعاون لخير الإنسانية جمعاء، تدعو للرحمة وتحكم بالعدل ، تحرم الظلم، وتساوي بين الناس جميعا بالحق والإنصاف، وتطالب الناس باحترام حقوق الإنسان أينما كان، وفي أي زمان تحمي حق الإنسان في حرية الاعتقاد ، وتحافظ على ممتلكاته وتحميه من العدوان ، اتباعا لتشريعات القرآن.
يكفي المسلمون أن يتبعوا ما أنزل الله على الرسول عليه السلام، ويتركوا الماضي بكل أحداثه الغيبية ، والروايات الوهمية، والبحث عن اية قضية لتحدث الجدال والخلاف دون مبرر، ولا فائدة منه ترجى.
اللهم اهد المسلمين لآيات الذكر الحكيم توحد صفوفهم وتشد من أزرهم، وأن يعتصموا بكتابك المبين، ليضيئ لهم الطريق المستقيم، ولا يجعلهم أذلاء محاصرين من قوى الشر والشياطين، وأرجعهم إلى التمسك بالذكر الحكيم، الذي وعدتهم إن تمسكوا به لتنصرنهم إلى يوم الدين.