إشادة نارية من الشيخ خالد الجندي بشأن كلمة وزير الأوقاف في موريتانيا
أشاد الشيخ خالد الجندي بكلمة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في افتتاح المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم بحضور كل من الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني.
وقال الجندي خلال برنامجه لعلهم يفقهون على ” دي إم سي” : أحيي وزير الأوقاف على الكلمة التي قالها في موريتانيا أمام الزعماء كلمة عن السلام والتسامح في إسلامنا وتفاعل الحضارات وانتشار السماحة مضيفا: تحية للوزير على هذه الكلمة المشرفة التي ألقاها باسم مصر في موريتانيا ، جزاك الله خيرا لأنك قمت بخطوة هامة لتفويت الفرصة على الخطاب المتطرف.
الجدير بالذكر أن أكد الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، أهمية كل دعوة تقوم على السلام، داعيًا إلى وقف جميع الحروب القائمة التي طالت تبعاتها العالم كله، كما دعا إلى إحلال لغة الحوار والسلام محل آلات الحرب والاقتتال، فديننا يدعونا إلى السلام، حيث يقول الحق سبحانه: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ادْخُلُوا في السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ”، ووفق مفهومي الموافقة والمخالفة الأصوليين فإن من يسير في طريق السلم الإنساني متبعٌ لما أمر الله به عباده المؤمنين، ومن يسلك مسالك الفرقة والشقاق، والتكفير والتفجير، والخوض في الدماء فسادًا أو إفسادًا، متبعٌ لخطوات الشيطان الذي هو للإنسان عدوٌّ مبين، بل إن من يحيد عن طريق السلم حيث موجباته ومقتضياته فإنه أيضًا متبع لطرق الشيطان بعيد عن هدى الإيمان.
جاء ذلك في كلمة ألقاها وزير الأوقاف، في افتتاح المؤتمر الأفريقي لتعزيز السلم بحضور كل من الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، والرئيس النيجيري، ورئيس وزراء موريتانيا، والشيخ عبد الله بن بيه رئيس مجلس الإفتاء الشرعي بدولة الإمارات العربية المتحدة ورئيس منتدى أبو ظبي للسلم، ونائب رئيس وزراء دولة غينيا بيساو، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، وسفير الحريات الدينية بوزارة الخارجية الأمريكية ووزراء الشؤون الإسلامية بموريتانيا والسودان ومالي وأمين عام مجمع الفقه الإسلامي بجدة وجمع واسع من الوزراء والعلماء من مختلف دول قارة أفريقيا والسفير خالد يوسف سفير جمهورية مصر العربية بدولة موريتانيا وعدد من السفراء والبرلمانيين وغيرهم،
وتابع وزير الأوقاف: “يقول سيدنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ (رضي الله عنه) : لَمَّا قَدِمَ النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، فَجِئْتُ في النَّاسِ لِأَنْظُرَ، فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ (صلى الله عليه وسلم) عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ، فَكَانَ أَوَّلُ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ”.
وأضاف جمعة:”لقد وجَّه النبي (صلى الله عليه وسلم) حديثه إلى الناس جميعًا: “أيها الناس أفشوا السلام”، ففضلًا عن تضمن الحديث ثلاثة أمور إنسانية في مقابل نافلة تعبدية فإنه قد قدَّم إفشاء السلام على إطعام الطعام وصلة الأرحام والصلاة بالليل والناس نيام، تأكيدًا على أهمية السلام في حياتنا، فبلا سلام وأمن وأمان لا مجال لإطعام طعام أو صلاة قيام أو صلة رحم، وإن الأمر لأبعد من ذلك، حيث بين نبينا (صلى الله عليه وسلم) أن الأقرب من ربه وعطفه وفضله هو الأسبق من غيره في بذل السلام وإلقائه وإفشائه، حيث يقول (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ”، والبدء بالسلام هنا يشمل القول والعمل وليس القول وحده ، كما أن إفشاء السلام لا يكون تاما بالقول دون العمل على إحلال السلام على أرض الواقع وفي دنيا الناس، وقد سمى ربنا (عز وجل) نفسه السلام، فهو السلام، يحب السلام، ومنه نستمد كل معاني السلام، وتحيتنا في الإسلام مستمدة منه، يقول الإمام البيهقي (رحمه الله) مَعْنَى السَّلَامُ عَلَيْكَ : اسْمُ السَّلَامِ عَلَيْكِ، وَالسَّلَامُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ (عَزَّ وَجَلَّ) فكأنه يُقَالُ: اسْمُ اللهِ عَلَيْكَ، وَتَأْوِيلُهُ لَا خَلَوْتَ مِنَ الْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكاتِ، وَسَلِمْتَ مِنَ الْمَكَارِهِ وَالْمَذَامِّ.
وأكد وزير الأوقاف في كلمته على عدة أمور هي :
1- وجوب العمل على نشر ثقافة السلام من خلال برامج تعايش إنساني على مستوى كل دولة، والعمل معًا على المستوى الإنساني والدولي، وهو ما يعد مؤتمرنا هذه صورة له وحلقة من حلقاته.
2- التركيز على المشتركات الإنسانية والقواسم المشتركة بين الأديان في الخطاب الديني والثقافي والتربوي والإعلامي، وسن القوانين التي تُجَرِّم التمييز على أساس الدين أو اللون أو العرق على جميع المستويات الوطنية والدولية، مع الحفاظ على خصوصية كل دين واحترام مشاعر أهله.
4- ضرورة الإيمان بالتنوع واحترام المختلف في الدين أو اللون أو الجنس، في الحياة بصفة عامة واحترام حقه في ممارسة شعائره الدينية بصفة خاصة، إذ لا يمكن للإنسان أن يكون في سلام مع نفسه أو مع الآخرين إلا إذا كان منصفًا للآخرين من نفسه، يعاملهم بما يحب أن يعاملوه به، فالسلام الحقيقي إنما تصنعه النفوس الصافية.
5- إفشاء السلام ليس مجرد إفشاء لفظي إنما هو قيمة وسلوك يتطلبان أن يستحضر من يلقى السلام قيم السلام، وأن يكون في سلام مع الدنيا وما فيها، مع الإنسان والحيوان والجماد والكون كله، فلا يقطع شجرًا، ولا يحرق زرعًا، ولا يخرب عامرًا، ولا يهدم بنيانًا، ولا يؤذى طائرًا أو بهيمة أو إنسانًا، وهذا ما نفهمه من قوله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا في السِّلْمِ كَافَّةً”.