توب ستوريمقالات وتنوير

الدين عند الله الإسلام .. بقلم المفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء

 حينما كلف الله رسوله بحمل خطابه للناس ورسالته، من أجل إرشادهم وهدايتهم إلى طريق الحق والنور، الذي حمله لهم رسوله الكريم، ليبلغهم آيات القرآن الكريم، ويبين لهم سبل العيش الكريم، في ظل التراحم والعدل وحرية العقيدة للناس أجمعين

فإنه دعاهم في كتابه الكريم إلى تطبيق تشريعاته، واتباع عظاته، والتعامل فيما بين الناس بقيم الفضيلة والأخلاق الكريمة، في منهاجه الإلهي ليسيروا على هديه في الحياة الدنيا، في ظل الأمن والسلام دون خوف أو فزع يضيق عليهم سكينتهم

وقد وضع الله للناس حق اختيار الطريق الذي يقررون اتباعه، إما طريق الحق وإما طريق الباطل ، فقال سبحانه (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ۝ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى) (طه: 123- 124)

كما أمر الله سبحانه كل الناس بالتقيد باتباع كتابه وحكمة آياته، لتتحقق لهم المنفعة والخير في الحياة الدنيا، ويجازيهم يوم القيامة بما طبقوه من التشريعات الإلهية، واتباع منهاجه في التعامل والسلوك، متبعين الأخلاق القرآنية، ومنفذين الابتعاد عن محرماته، وقال سبحانه يدعوهم باتباع قرآنه (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) (الأعراف -٣)

ويحذرهم سبحانه من اتباع كتب غير القرآن، وفتاوي لم يتنزل بها سلطان، وأكاذيب تم تزويرها على عقيدة الإنسان، وبالتالي سيجدون أنفسهم يوم القيامة في خسران، ولذلك جعل الله القرآن المرجعية الوحيدة لدين الإسلام، حتى لا يضللهم أعوان الشيطان،

ومن أجل ذلك حذرهم سبحانه من التفرق، و أن تأخذهم أقوال البشر بعيدا عن دين الإسلام ، وقد حذر المسلمين من التفرق بقوله (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ۚ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159) (الأنعام -١٥٩)

 

فالله يبلغ رسوله بأن المسلمين سيتفرقون إلى فرق وطوائف، وسوف يؤدي ذلك إلى الصراع والقتال فيما بينهم، إلى سفك دماء الأبرياء، واستباحة المحرمات والاعتداء على التشريعات الإلهية، لتحل البغضاء بدل المودة، ويحل الخصام بدل الوئام، لأنهم عصوا أمر الله، الذي أمرهم باتباع كتابه، واتبعوا كتب البشر، وما سمي بالأئمة والمفسرين وناقلي الروايات

فتفرقوا وفق تعدد المرجعيات البشرية التي غررت بالمسلمين واستدرجتهم إلى طريق الباطل، وشحنت العقول بالسموم والروايات الكاذبة والتحريف، فوقع الخلاف بين المسلمين، وتعددت المذاهب وأضلتهم عن دين الإسلام ، حين ابتعدوا عن رسالته التي بلغها الرسول الأمين عليه السلام

والشرط الأساسي لصحة إسلام المرء اعتماده كليا على مرجعية القرآن، كما أمر الله الناس بقوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ)( آل عمران-103) وحذرهم بقوله (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ )( الأنفال-46) فأبوا إلا أن يعصوا الله، فحق عليهم عقابه، ولذلك قال سبحانه مخاطبا رسوله الكريم وآمرا للناس (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ * وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ ) (الزخرف-43-44)

تؤكد الآية الكريمة مرجعية الإسلام كتاب الله وآياته مرجعية وحيدة لدين الإسلام ولذلك كلفه الله سبحانه بالتمسك بقرآنه، وأمر بتذكير قومه باتباعه والتمسك بكتابه، وسوف يسألون عنه يوم القيامة، وعن مدى تمسكهم بكتابه في حياتهم الدنيا وكل على أساسه سينال جزاءه لذلك
يؤكد الله على الناس بقوله(وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرين) (آل عمران -٨٥)

فما عاشه المسلمون في الماضي ويعيشونه اليوم من تفرق إلى جماعات وطوائف إنما سببه اختلاق مذاهب متعددة، ما أنزل الله بها من سلطان، ومن يريد الإسلام الحق والخالص عليه أن يؤمن بوحدانية الله لا شريك له، وبكتاب الله الذي لا ند له، وبرسوله محمد عليه السلام إمامًا أوحد، كلفه الله وحده بتبليغ كتابه للناس ، وعلمهم إقامة شعائر العبادات من صلاة وزكاة وصيام وحج،

كما علم الناس قيم الإسلام وأخلاقياته، من خلال ممارستها على أرض الواقع، في علاقاته المختلفة مع كل الناس، دون تفرقة لدين أو مذهب، وذلك من أجل أن يتأسى المسلمون به ويتخذوه قدوة في تعاملهم بالإحسان والمعروف والرحمة والعدل، ودعوتهم للتعاون في كل ما يحقق مصالحهم وأمنهم واستقرارهم، كما قال سبحانه(وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَان)ِ (المائدة-2)

هذا هو الإسلام.. دين شرعته ومنهاجه القرآن.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button