بعد 100 يوم من الحرب.. القطاع الخاص بالسودان “يئن”
كبّدت الحرب الدائرة في السودان بعد ما يزيد عن 100 يوم، أرباب الأعمال والعاملين بالقطاع الخاص، خسائر جمّة، جراء استمرار الاشتباكات الدائرة في العاصمة ومناطق مجاورة دون آفاق قريبة للحل، ما تسبب في تعطل أعمالهم وتضرر حياتهم المعيشية.
من بين هؤلاء العاملين المتضررين من الحرب، الشاب الثلاثيني خالد جبريل، الذي عمل لـ 5 سنوات في مصنع لإنتاج الملابس، قبل أن يتم إعطاؤهم إجازة مفتوحة غير مدفوعة الأجر لحين استقرار الأوضاع وعودة الأعمال بانتظام مجددًا.
يقول جبريل إن قرابة الـ 700 عامل باتوا في مهب الريح حالياً دون عمل بعد تسريحهم، وهو ما ألقى بظلال على حياتهم الأسرية التي ضاقت جراء عدم وجود مصدر دخل ثابت.
وأضاف: “الوضع الحالي صعب للغاية على جميع العاملين في القطاع الخاص، فأصحاب الأعمال تركونا، وهم تضرروا بالفعل من هذه الحرب الدموية، لكننا الأكثر تضررًا، ولا توجد أي قرارات رسمية بشأن طبيعة التعامل معنا في وسط هذه الظروف، وبالتالي نأمل أن تتوقف الحرب في وقت قريب للعودة إلى حياتنا الطبيعية”.
ومع استمرار القتال، يزداد حجم التدهور الاقتصادي المريع، خصوصا في ظل الدمار الكبير الذي لحق بالبنية التحتية والاقتصادية، حيث تتمثل الآثار السلبية في تدمير البنية التحتية وتدمير القطاع الصناعي وانكماش النمو، وفقدان الوظائف وتدهور الأوضاع المعيشية للسكان.
واقع كارثي
* أعلنت الجبهة النقابية التي تنضوي تحت رايتها عدّة نقابات مهنية سودانية على رأسها الأطباء والصحفيون والمعلمون، تضامنها مع ما تعرض له أصحاب القطاع الخاص من أضرار، مع مناشدتهم بتقديم حلول عادلة للعاملين، والتي تراعي حجم أضرارهم دون اللجوء للتخلص من العاملين الذين كانوا وقوداً لمؤسسات هذا القطاع المهم.
* شددت الجبهة على أن هذا النزاع المسلح خلق واقعًا كارثيًا على العاملين في الدولة وبعض مؤسسات القطاع الخاص التي أرسلت منسوبيها في إجازات مفتوحة أو التصريح بفكرة تقليص عدد العاملين.
* حذرت الجبهة من التعدي على حقوق العاملين، مؤكدة أن الأجر هو حق ثابت للعاملين بموجب القوانين الوطنية ومعايير العمل الدولية، مع الاحتفاظ بكامل حقها في الدفاع عن هذا الحق عبر كافة الوسائل القانونية والنقابية المعروفة في الوقت المناسب.
أضرار واسعة
* 50 مليار دولار خسائر مادية مباشرة نتيجة الإنفاق العسكري اليومي والدمار الذي لحق بالبنيات التحتية والمواقع التاريخية.
* 300 مصنع ومؤسسة إنتاجية تعرضت للدمار الكامل ونهبت مخازنها، مما أحدث خسائر كبيرة في أوساط رجال الأعمال السودانيين.
* 80 بالمئة من الأعمال اليومية في العاصمة توقفت تماما، مما أثر على حياة أكثر من 6 ملايين من سكان مدنها البالغ عددهم نحو 9 ملايين شخص.
* 3 ملايين شخص نزحوا داخل وخارج السودان بسبب القتال الدائر في الخرطوم وولايات إقليم دارفور غربي البلاد.
وظائف بديلة
ومن الخرطوم، يرى المحلل السياسي السوداني، المثنى عبدالقادر الفحل، في تصريحات خاصة لـ”سكاي نيوز عربية”، أن القطاع الخاص في العاصمة الخرطوم أكبر شريحة تضررت جراء الحرب حيث أغلقت الأغلبية العظمى من الشركات أبوابها وفضلت تسريح الموظفين.
وحدد “الفحل” تداعيات الحرب على العاملين في القطاع الخاص، بعدد من النقاط:
- القطاع الخاص يفوق القطاع الحكومي في عدد العاملين، ففي الشركات الأغلبية لم تتلق مرتبات منذ مارس قبل اندلاع الحرب
- الأسواق الرئيسية بالعاصمة الخرطوم في المدن الثلاث (الخرطوم – بحري – أم درمان) نُهبت ودمرت خاصة أسواق الذهب
- الشركات التي كانت بمدينة الخرطوم، صارت عودتها للعمل مرة أخرى بنفس الكفاءة تحتاج إلى سنوات حيث لم تسلم مخازن الشركات في المدن الثلاث من النهب المنظم وهو ما يؤكد إفلاس تلك الشركات الأمر الذي سينعكس على العاملين الذين فقدوا مدخراتهم حياتهم بسبب ارتفاع الأسعار بفعل الحرب.
- يضم السودان نحو 6 آلاف مصنع في مختلف المجالات وأغلبها في الخرطوم، وبالتالي نتحدث عن “تشريد” مئات الآلاف من العمال والموظفين حيث تدمرت أماكن عملهم وأفلست شركاتهم، خاصة بعدما خرجت معظم الشركات من جائحة فيروس كورونا مثقلة بالديون والخسائر، كما أضيف إليها الأزمة الاقتصادية والتجارية التي سبقت الحرب من حالة عدم الاستقرار والاضطرابات.
- بعض الموظفين الذين غادروا إلى ولايات البلاد المختلفة بدأوا بامتهان حرف هامشية لإخراج قوت يومهم، فيما لجأ آخرون إلى الزراعة وفئة ثالثة للبحث عن عمل خارج السودان بعد أن أغلقت أمامهم الأبواب بالداخل.
- شريحة الموظفين والعمال في القطاع الخاص لا تخلو حياتهم من تأمين المأكل والمشرب والسكن لكن هناك الأمراض المزمنة والفواتير الشهرية للكهرباء والماء ومسؤوليات عائلاتهم، وبالتالي باتت أوضاعهم صعبة حالياً.