الرعد والبرق في الخطاب الإلهي
يحفل الخطاب الإلهي بالعديد من العبر والعظات التي وردت في مختلف سور القرآن الكريم وهو الخطاب الصالح لكل زمان ومكان حيث وردت الكثير من الوصايا والعبر في ثنايا هذا الخطاب حيث يقول الله سبحانه وتعالى في سورة “الرعد”: “هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ (12) وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ (13)” ويقول العلماء إن المراد بالرعد، بنص أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، هو الملك الموكل بالسحاب.
أقوال الرسول عند سماع الرعد ورؤية البرق:
وقد وردت أحاديث أخرى صحاح، تبين ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم عند حدوث هذه الظواهر الكونية، وهي تدل على كمال المعرفة بالله، وأنه سبحانه هو المحدث لها، وأنها تدل على تنزيه الله، وتعظيمه، وحمده؛ فقد أخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد، عن ابن عمر قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع صوت الرعد، والصواعق قال: اللهم لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك»؛ لأن احتمال الإهلاك والتعذيب بهذه الآيات الكونية أمر قريب ممكن.
وأخرج ابن أبي شيبة، وابن جرير عن أبي هريرة قال: كان صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد قال: “سبحان من يسبح الرعد بحمده”.
أسرار الرعد والبرق
يعتبرُ برقَ السماء من آيات اللَّه فتقول : {وَمِنْ آياتِهِ يُرِيْكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً}. هذه الآية تارة تذكر الخوف وأحياناً الأمل والرجاء.
الخوف الناتج عن الصوت المهيب الذي يرافق الرعد ، واحتمال تزامنه مع صاعقةٍ مميتة ، والأمل والطمع بسبب احتمال نزول المطر ، لأنّه في كثير من الحالات يعقبُ الرعدَ والبرقَ زوابع مليئةٌ بالبركة.
وهذه الظاهرة السماوية ليست مسألة عاديةً ، بل تُنبىءُ عن علم وقدرة اللَّه تعالى ، والمعروف أنّ الماء والبخار ، والغيوم الناتجة منهما عناصر لا تنسجم مع النار ، ولكن بقدرة الخالق تنطلقُ منها نارٌ هائلة أكثر احراقاً من أنواع النيران الموجودة على الأرض كافة ، وكذلك البخار ، الجسم اللطيف جدّاً ، ولكن ينطلقُ منه صوتٌ لا ينطلقُ من سقوط أثقل وأقوى الأجسام.
الرعد والبرق في العلم المعاصر
يعتقد العلماء المعاصرون أنَّ بريق السماء يحدث من خلال تقارب كتلتين من الغيوم المحملة بالشحنات الكهربائية المختلفة واحدة موجبة والأخرى سالبة ، فتُحدِثان بريقاً كما يحصل من اقتراب قُطبَيْ المُوصِّل الكهربائي تماماً، كما قد تقترب الغيوم الحاوية على الشحنات الموجبة من الأرض ، التي تحتوي على الشحنات السالبة لذلك يحدث البرق بين «الأرض» و«الغيوم» ، وهذا البرق العظيم الذي يسمى بالصاعقة خطيرٌ للغاية ، فهو يُحدثُ هزَّةً شديدةَ في المنطقة التي يقع فيها ، وكذلك يولد حرارة عالية جدّاً بحيث إذا أصابت أيَّ شيءٍ تجعلُهُ رماداً وقد أهلك الله سبحانه وتعالى أمما كافرة في الأزمان الغابرة بالصاعقة وجاء ذكرهم في القصص القرآني وكان على رأس هذه الأمم قوم عاد وثمود وبما أشارت إليه الآية 3 من سورة فصلت: «فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود».
فوائد وبركات الرعد والبرق
1- الري أحد بركات البرق: كلنا يعلم أن البرق يولِّدُ حرارة عاليةً جدّاً ، قد تبلغ 15 ألف درجة سانتيغراد ، وهذه الحرارة كافية لإحراق مقدارٍ كبيرٍ من الهواء المحيط ممّا يؤدّي إلى هبوط الضغط الجوي مباشرة ، ونحن نعلمُ أنّ الغيومَ تُمطرُ أثناء هبوط الضغط ، ولهذا فغالباً ما يبدأ نزول المطر عقبَ حدوث البرق وتنزل قطرات الأمطار الكبيرة .
2- رش السموم : عندما يظهر البرق بتلك الحرارة ، تتزود قطرات المطر بكمياتٍ إضافية من الاوكسجين ، ونحن نعلم أنّ من آثار هذا الماء هو القضاء على الجراثيم ، ولهذا يستعمل طبياً في تنظيف الجروح ، فهذه القطرات تقضي على بيوض الآفات المسببة لأمراض النباتات عندما تنزل إلى الأرض ، وتقوم برش السموم على أحسن وجهٍ ، لذلك فقد قالوا : في كل سنةٍ يَقلُّ فيها الرعد والبرق تزداد الآفات النباتية.
3- التغذية والتسميد: إنّ قطرات المطر وأثر حدوث البرق وحصول الحرارة الشديدة الناتجة عنه وتركيبها الخاص ، تحصل على حالةٍ من حامض الكاربونيك ، فتقوم بتكوين سمادٍ نباتيٍ مؤثرٍ أثناء تناثرها على الأرض وتخلُّلها فيها ، فتتغذى النباتات عن هذا الطريق، ويقول بعض العلماء : إنَّ كمية السماد الحاصل من حالات البرق في السماء خلال سنةٍ واحدة يبلغ عشرات الملايين من الأطنان ، وهذا رقم مرتفعٌ للغاية.