حقيقة زواج والد بلقيس من جنية وهل هناك حديث نبوي عن ذلك ؟
هل تزوج والد الملكة بلقيس من جنية وهل هناك حديث نبوي عن ذلك؟ هذا هو محور حديث اليوم حيث من المعروف أن القرآن الكريم لم يذكر اسم بلقيس صراحة في القرآن الكريم، ولكن ورد ذكر قصة الملكة بلقيس في سورة النمل وتحديدا قصة الهدهد و سيدنا سليمان، كما وردت القصة في العديد من الآيات والسور القرآنية الأخري
وفي السطور التالية سوف نستعرض معكم ما روته الكتب التاريخية عن بلقيس حاكمة مملكة سبأ؟ وهل تزوج والدها من جنية ونسبها واسمها و حياتها فإلي التفاصيل.
من هي بلقيس؟
هي بلقيس بنت السرح بن الهداهد بن شراحيل بن أدد بن حدر بن السرح بن الحرس بن قيس بن صيفي بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح.
سبب زواج أبي بلقيس من جنية
كان جدها الهداهد ملكا عظيم الشأن، قد ولد له أربعون ولدا كلهم ملوك، وكان ملك أرض اليمن كلها، وكان أبوها السرح يقول لملوك الأطراف: ليس أحد منكم كفؤا لي، وأبى أن يتزوج منهم، فزوجوه امرأة من الجن يُقال لها ريحانة بنت السكن، فولدت له بلقمة وهي بلقيس، ولم يكن له ولد غيرها.
ويقال: إن سبب تزوج أبيها من الجن أنه كان وزيرا لملكٍ عاتٍ يغتصب نساء الرعية، وكان الوزير غيورا فلم يتزوج، فصحب مرة في الطريق رجلا لا يعرفه، فقال: هل لك من زوجة؟ فقال: لا أتزوج أبدا، فإن ملك بلدنا يغتصب النساء من أزواجهن، فقال: لئن تزوجت ابنتي لا يغتصبها أبدا. قال: بل يغتصبها. قال: إنا قوم من الجن لا يقدر علينا.. فتزوج ابنته فولدت له بلقيس.
قال القرطبي، كانت أم بلقيس من الجن يقال لها “بلعمة بنت سيصان” ، وذكر نسبها إلى سام بن نوح ، وأن أباها واسمه “السرح” تكبَّر على الملوك ، ولم يتزوج منهم فزوَّجوه امرأة من الجن يقال لها “ريحانة بنت السكن” ، فولدت له “بلقمة” وهي بلقيس .
وذكر عن أبي هريرة أن النبي ـ ﷺ ـ قال : ” كان أحد أبوي بلقيس جنيًا “، وهو حديث منكر ، ولما مات أبوها تملك رجل فاجر فتزوجته بلقيس وقتلته وهو سكران فنصَّبوها ملِكة عليهم ، وذكر كلامًا آخر يؤكد أن أباها تزوَّج جِنيَّة ولدتها.
وحسبما ورد في كتب التاريخ الإسلامية وغيرها، فإن والد بلقيس الهدهاد ابن حمير الأصغر، كان في أحد الأيام خارجاً للصيد مع حاشيته، وأثناء مروره في أحد وديان اليمن، رأى ذئباً يلاحق غزالاً وقد كاد يدركه، وأحب الهدهاد أن يأخذ الغزال من الذيب.
وبالفعل، طرده وبات يلاحق الغزال ليرى أين سيذهب، وأثناء ملاحقته للغزال في أحد أودية اليمن، دخل الغزال من فتحة فكانت المفاجأة، حيث رأى مدينة كبيرة فيها قلاع وقصور وأنعام ونساء ورجال.
وفي تلك الأثناء جاءه رجلٌ يدعى اليلب ابن الصعب ، وسأله عن سبب استغرابه، وأخبره أنه هذا حي في مأرب من الجن تسكنه قبائل عرم، وأنه هو أي اليلب ملك هذا الحي.
وفي تلك الأثناء، مر بجوارهما امرأة شديدة الجمال، فأبدى الملك الهدهاد إعجاباً كبيراً بها وقد بدا ذلك في وجهه دون أن يتكلم، فقال له اليلب إن أردت زوجناك بها، فسأله الهدهاد، من لي بذلك، فأجابه أنا أفعل ذلك، ثم سأله ألم تعرفها؟
فأجابه أن لا، هذه أول مرة أراها فيها، فقال له هذه الغزالة التي أنقذتها قبل قليل من الذئب، وسنزوجها لك رداً للجميل، لكن ليس الآن، بل تذهب وتأتي بخاصة أهلك وقومك وتأتي لنا الشهر القادم، حسبما ذكر في قصيدة للهدهاد.
عاد الهدهاد إلى قومه، وهو مستغرب مما حدث معه، وكان في حيرةٍ من أمره، وإن كان يجب أن يخبر بما رأه وهل سيصدقونه، وأخذ في تلك الأثناء ينشد قائلاً:
“عجائب الدهر لا تفنى أوابدها … والمرء ما عاش لا يخلو من العجب
ما كنت أحسب أن الأرض يعمرها… إلا الأعاجم في الآفاق والعرب
وكنت أخبر بالجن الخفاة فلا… أرد أخبارهم إلا إلى الكـذب
حتى رأيتُ مقاصيراً مشيدة… للـجن محفوفةَ الأبواب والحجب
يحفها والماء والزرع المحيط به… مع المواقير من نخل ومن رطب
وكل بيضاء تحكي الشمس ضاحكةً… هيفاء لفاء من موصوفة العرب
حتى أوافي خيار الجن من عرمٍ… عن ابن صعب وهو المعروف باليلب
نبغي لديه الذي نادى ومنّ به… من التواصل والإصهار والنسب.
وبعد أن انتهى شهر جماد، وجاء رجب جمع الهدهاد خاصة أهله وحاشيته وتوجه إلى الوادي الذي فيه الموعد، وما إن وصل حتى رأى قصراً كبيراً محفوفاً بالنخل في الوادي خارج مدينة الجن، حسبما ذكر في كتاب “ملوك حمير وأقيال اليمن”.
وكان على رأس الجن ملكهم اليلب، وقد استقبلوهم استقبالاً عظيماً، ووجدوا لديهم رفاهية أكبر من تلك التي كانوا يعيشونها ملوك اليمن، وكذلك الطعام، فوجودا حياة مختلفة.
ويقال أن الهدهاد وقومه جلسوا لثلاثة أيام في ضيافة اليلب وقومه، ثم زوجوه الحرور ابنة اليلب وأخذها الهدهاد، ويقال أنه عاش معها إلى أن أنجبت له بلقيس التي ملكت وكانت لها القصة المذكورة أعلاه مع نبي الله سليمان.
يشار إلى أن ما ورد في هذه القصة منقول عن مصادر تاريخية، وجله قد تم ذكره في كتاب “ملوك حمير وأقيال اليمن”.
قال الماوردي: والقول بأن أم بلقيس جنية مستنكر من العقول لتباين الجنسين، واختلاف الطبعين، وتفارق الحِسَّيْن; لأن الآدمي جسماني والجن روحاني، وخلق الله الآدمي من صلصال كالفخار، وخلق الجان من مارج من نار، ويمنع الامتزاج مع هذا التباين، ويستحيل التناسل مع هذا الاختلاف.
وقيل أيضا إن الله -سبحانه وتعالى- جعل أزواج بني آدم من أنفسهم وليس من الجن؛ فقد قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا)، ” سورة النساء: 1″ وهذا يدل على أنّ الله -سبحانه وتعالى- قيّد الزوجية في بني آدم في القرآن الكريم، وجعل زواجهم من أنفسهم.
ولا يوجد أي دليل في الكتاب ولا في السنة على صحة زواج الجن والإنس ، ولا فيما يتعلّق بوالديّ ملكة سبأ، وكما نعلم إنّ من مقاصد الزواج السكن والمودة، قال -تعالى-: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً). ” سورة الروم: 21″
ولو افترضنا وقوع الزواج بين الجن والإنس فلن يحدث الانسجام بينهما؛ لاختلاف الجنس، وعليه لن تتحقق هذه المودة والسكن والرحمة، وهي الحكمة من الزواج، وفي النهاية إنّ هذا الحديث مُنكر لا يصح، ولا يصح الاعتماد عليه، ولا يصح اعتماد القول بأن والدي ملكة سبأ من الجن، والله -تعالى- أعلم.