ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.. بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
١- الزكاة ليس لها وقت محدد في شريعة الله، وهي استحقاقها حين يتحقق المكسب أو الربح من نشاطه التجاري، أو الصناعي، أو الزراعي، وغير مرتبط بمدة زمنية، والقاعدة محددة بحصول المكسب.
٢- الله سبحانه يأمر عباده بالإنفاق ومساعدة القادر للمحتاج بالصدقة، حيث إنه لم يحدد التشريع الإلهي مصادرها، وليست كالزكاة التي فرضها الله على المسلمين، والصدقة يدفعها الإنسان حسب قدرته، وفي أي وقت مرتبطة بحالة الإنسان المحتاج .
٣ – أما الزكاة فقد حددها الله سبحانه نسبة عشرين في المائة من المكسب في أي وقت يتحقق.
٤- كل من لا يعمل في أي نشاط لا يدر عليه مكسباً فهو معفى من الزكاة وليس عليه ذنب، كما أن الله سبحانه سمح لغير القادرين، وعدم استطاعتهم أداء فريضة الحج أسقط الله عنهم فرض الحج، وكذلك فرض الزكاة، ما لم يتحقق للإنسان مكسب من نشاطه الاقتصادي أو العقاري، فليس عليه استحقاق الزكاة.
وتحديد النسبة المذكورة أعلاه قيمة استحقاق الزكاة، تأكيدا لقول الله سبحانه مخاطباً المسلمين بقوله ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (41) (الأنفال)
ولو احترم المسلمون شرع الله في الكتاب المبين، وتم تطبيق فرض الزكاة- كما أقره الله سبحانه في شرعته- ولم يحدد له زمن معين، بل جعل تحصيل الزكاة في كل وقت يتحقق للمسلم مكسب من أنشطته التجارية المختلفة، والتزم بدفع عشرين في المائة من مكسبه، لما بقي فقير في المجتمعات الإسلامية، أو محتاج أو متسول بل تحقق لأفراد المجتمع- بغض النظر عن دياناتهم وعقائدهم – الاكتفاء الذاتي، وتحقق السلم الاجتماعي والرحمة بين الناس، كما وصف الله رسوله عليه السلام في خطاب التكليف بقوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (10)) (الأنبياء)
وفيما يتعلق بتشريع الزكاة التي شرعها الله في الذكر الحكيم، وحدد مصدرها في قوله سبحانه (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الْأَرْضِ ۖ) (البقرة:267)
إضافة على ما سبق فقد حذر الله سبحانه المسلمين بقوله (وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) (البقرة)
فالله سبحانه يحذر الناس من خطورة عدم الإنفاق في سبيل الله، وأهميته لتحقيق السلم الاجتماعي، وكأن الله سبحانه يذكر الناس بأن فرض الزكاة جعله الله لحكمة من عنده حتى يبعد خطر ثورة الجياع عن المجتمعات الإسلامية ، ويحميهم من آثارها التدميرية التي لا تبقي ولا تذر نتيجة انتقام الجياع من الأغنياء، خوفاً عليهم من أضرار الثوار، وهم يتحركون ضد أصحاب المال والقصور والسيارات الفارهة دون حساب وتقدير..
لذلك على المسلمين أداء الزكاة وفق التشريع الإلهي في القرآن الكريم، الذي سيحميهم من ثورة الجياع التي سيترتب عليها هلاك الأغنياء.. فليسارع كل صاحب مال ومكاسب بدفع مستحقات الزكاة من مكاسبه، حتى لا يتعرض لما لا تحسب عقباه تنفيذا لأمر الله، وحماية لأموال الأغنياء والحفاظ على أرواحهم، وقد بلغهم الرسول عن ربه بقول الله سبحانه (وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (118)) (النحل).