وزير الخارجية يرد على شائعة إلغاء الديون مقابل تهجير سكان غزة إلى سيناء
أكد وزير الخارجية سامح شكري اليوم الخميس، أنه يجب التركيز الآن على إنهاء الصراع الحالي في غزة وإنهاء معاناة المدنيين وليس على ما هو بعد ثم تناول الإطار الدولي الملائم لأي ترتيبات، وأن تكون هذه الترتيبات موحدة فيما يتعلق بكل من الضفة وقطاع غزة.
وأضاف الوزير أن هناك مقررات صادرة وهي الإطار القانوني الذي يحكم ما هي المسئوليات التي تقع على عاتق دولة الاحتلال، موضحا أن أي ترتيبات أخرى يجب أن تكون تحت إطار قانوني منتظم.
وأوضح شكري أنه ليس من الملائم أن تكون هناك ترتيبات تعزز الفصل بين قطاع غزة والضفة الغربية أو تأتي بأية ترتيبات مغايرة للجهتين، مشددا على وحدة واتساق قطاع غزة والضفة الغربية باعتبارهما أراضٍ محتلة ويخضعان للقانون الدولي والمسئوليات الملقاة على عاتق دولة الاحتلال.
جاء ذلك خلال اللقاء الذي عقده وزير الخارجية سامح شكري اليوم مع المراسلين الأجانب والعرب بالقاهرة حول الأوضاع في قطاع غزة بحضور المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية ومدير إدارة الدبلوماسية العامة السفير أحمد أبو زيد.
وقال شكري -ردًا على سؤال حول ما صدر من تصريحات من جانب إسرائيل حول أن دول جوار غزة سيكون لها دور في مستقبل القطاع، وما إذا كانت مصر سيكون لها دور- أنه من المبكر تناول قضية مستقبل قطاع غزة إلا انطلاقًا من الأسس المرتبطة بأن كلا من قطاع غزة والضفة الغربية هما وحدة متكاملة من الأراضي الفلسطينية لا تتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة الواقعة تحت الاحتلال.
وأشار شكري إلى الوضع القائم فيما يتعلق بالسلطة الوطنية الفلسطينية ومسئوليتها فى إدارة الأراضي المحتلة، مؤكدا أن منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد لفلسطين هي من الناحية القانونية المسئولة عن إدارة الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وردا على سؤال حول حل الدولتين الذي أصبح فضفاضًا في ظل وجود غاز بشرق المتوسط أمام قطاع غزة وربما تطمع فيه إسرائيل، وبالتالي فإن حل الدولتين سيقلص أي أرض ستكون ضمن فلسطين، قال وزير الخارجية إنه وفيما يخص حل الدولتين فهو أمر أكدنا أهمية وضرورة تنفيذه، وهناك توجه دولي عكسته التصريحات العديدة سواء خلال قمة القاهرة للسلام أو من خلال البيانات الصادرة عن كل الدول التي تحدثت في هذا الأمر والتي أكدت أن حل الدولتين هو الحل الذي يؤدي إلى إنهاء الصراع وهذا أمر ضروري.
وأكد على أن إقامة الدولة الفلسطينية على حدود ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية تقره أيضا مقررات الشرعية الدولية، ولكن من الناحية العملية لابد أن نتساءل بعد الثلاثين عامًا وأكثر من المفاوضات فيما بين الطرفين (السلطة الوطنية الفلسطينية وإسرائيل) والمفاوضات المكثفة التي تمت برعاية العديد من الدول وأن يتم السعي للوصول إلى اتفاق حول إقامة الدولة الفلسطينية وإنفاذ حل الدولتين، معربًا عن الأسف أنه لم يتم الوصول حتى الآن إلى هذه النقطة.
وقال وزير الخارجية “إنه إذا كان هناك هذا التوافق وهذه الرغبة من قبل المجتمع الدولي وإذا كانت المفاوضات قد وصلت إلى كثير من التفاهمات اتصالًا بهذا الأمر، فلا بد من طرح السؤال هل هناك إرادة سياسية لدى الطرفين؟”، مضيفا أنه ليس من الملائم أن نستمر في الدفع والدعوة وليس هناك إرادة سياسية من أي من الطرفين.
وأوضح أن السلطة الوطنية الفلسطينية تؤكد في كل المناسبات أنها تدعم حل الدولتين وتسعى إليه لأنه يجسد طموحات الشعب الفلسطيني في إقامة دولته، ونتطلع إلى التعبير عن إرادة ملائمة من جانب دولة إسرائيل، ولكن في ذات الوقت فإن المجتمع الدولي لديه من الآليات التي يستطيع من خلالها إنفاذ حل الدولتين.
وأكد شكري أننا ربما وصلنا إلى النقطة التي لابد أن يتحمل فيها المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية مسئوليتهم، ولا يمكن أن نستمر في إطلاق دعوة غير قابلة للتنفيذ، وغير قادرين على تنفيذها، وبالتالي فإن تكرار الاعتداد بها هو تشدق بشىء لا يأتي بنتيجة فيما وأن هناك شعب محروم من حقوقه الواردة في ميثاق الأمم المتحدة، مشددًا على أن هذه الأوضاع أدت إلى تكرار الصراع والمعاناة على كل من الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني.
ونبه وزير الخارجية من استمرار هذه الحالة والصراع المتكرر والمعاناة للمدنيين من الطرفين، موضحًا أنه لا يمكن أن نستمر طوال هذه السنوات نتحدث في إطار نظري ولا نأتي بأي حل.
وفي سياق آخر، أكد وزير الخارجية أن ما يعاني منه المرضى بمستشفى مجمع الشفاء بقطاع غزة وخاصة الأطفال الخدج (مبتسرين) هو أمر مؤلم، وبالتأكيد إذا توافرت لدينا القدرة على التعامل مع هذه المشكلة وتوفير أي قدر من الرعاية لهؤلاء لن نتردد، والأمر يحتاج من الناحية اللوجيستية إلى ترتيبات وإمكانيات وأجهزة، وإذا توافرت كل هذه الاعتبارات اللوجيستية، بالتأكيد أن مصر لن تتردد في توفير الرعاية الصحية لهؤلاء.
ومن ناحية أخرى، قال وزير الخارجية -ردا على أسئلة المراسلين- إنه ليس على علم بأن النشاط العسكري الإسرائيلي سوف ينتقل برياً إلى جنوب القطاع، مشددًا على أننا نطالب بوقف العمليات العسكرية في قطاع غزة، ولن نتحدث في أمور افتراضية، ولكن الأمر بالنسبة لنا يتمثل في أهمية وقف الصراع ورفع المعاناة عن الفلسطينيين في غزة والعمل على توفير المساعدات بالكميات اللازمة والاحتياجات لحوالي ١ر٢ مليون مواطن يعانون معاناة شديدة في هذه الأوقات بسبب عدم وجود احتياجاتهم الأساسية والطبية.
حقيقة إلغاء ديون مصر مقابل الموافقة على تهجير سكان غزة
وحول الشائعات بشأن ضغوط على مصر لإلغاء ديون مصر مقابل الموافقة على تهجير سكان غزة إلى سيناء أو الأراضي المصرية، أكد وزير الخارجية سامح شكري أن كل التصريحات الصادرة من مصر كانت واضحة في هذا الصدد، ولن تكون هناك أية إمكانية للنزوح أو لانتقال الفلسطينيين إلى هذه الأراضي وأن يتركوا موقعهم، ولم تكن هناك أية مناقشات في صدد اعتبار الموقف الاقتصادي لمصر يرتبط بالتطورات في غزة.
وأضاف أن مصر دولة تتمسك بالمبادىء وهذا من مبادئنا، ولا يجب أن ينظر إلى الأمر على أنه يعتمد على معاملة شىء مقابل شىء، ولكنه أمر يتصل بالمبادىء والتمسك بها.
وفيما يخص إصرار إسرائيل والولايات المتحدة على هدنة مشروطة بتحرير الرهائن، قال الوزير إن موضوع الهدنة تجاوز صدور قرار مجلس الأمن بالأمس وأي اعتراض من قبل دول دائمة العضوية.. والهدنة المرتبط بها هي هدنة إنسانية أو توقف لفترات للأغراض الإنسانية، وإن كان هذا الأمر لا نعتبره كافيًا ولكنه يعد تطورًا إيجابيًا من حيث المبدأ، للقدرة على الوفاء باحتياجات الشعب الفلسطيني في غزة، ونأمل أن يتطور ذلك إلى وقف كامل لإطلاق النار.
وأوضح أن صدور القرار من مجلس الأمن وعدم الاعتراض عليه من أي من الدول دائمة العضوية ورحبنا بهذه الخطوة باعتبارها تطورًا إيجابيًا يخدم مصلحة الشعب الفلسطيني في غزة ويوفر الفرصة لتكثيف وصول المساعدات الإنسانية وما يتعلق بالمسائل الصحية.. مشيرًا إلى أهمية بداية إدراك المجتمع الدولي لخطورة استمرار الوضع الراهن دون التعامل الجدي مع إنهاء الصراع.
وعن المتحكم في دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى قطاع غزة.. قال شكري إن معبر رفح مفتوح منذ بداية الأزمة وهو جاهز لتوفير أي قدر من الشاحنات المحملة بالمساعدات الإنسانية ولكن هذا يتم من خلال التنسيق بين مصر والمنظمات الأممية الإغاثية وأيضا إسرائيل باعتبارها دولة الاحتلال، ويتم وضع إجراءات مرتبطة بالكشف على الشحنات والتي تستغرق وقتًا نعتبره أكبر مما يجب في ضوء الاحتياج الشديد للمساعدات.
وأضاف أننا نعمل بكل طاقتنا على تيسير هذه الإجراءات والعمل على إدخال أكبر كم من المساعدات، وبالتأكيد لم نستطع إدخال إلا ١١٣٦ شاحنة محملة بحوالي ١٠ آلاف ٢٣٨ طنًا من المساعدات نصفها أو أكثر من قبل الحكومة المصرية ومنظمات المجتمع المدني المصري، لافتًا إلى أنه تم في العريش فتح مراكز لاستقبال الشحنات من الدول الصديقة والداعمة للقضية الفلسطينية، وعندما نقارن الاحتياجات العادية لقطاع غزة في الظروف العادية فهي ٥٠٠ شاحنة، فإن المقدر أن يكون العدد أكبر من ذلك الآن لتجاوز الأزمة والتعامل مع الاحتياجات المعيشية والطبية.
وردا على سؤال حول موقف الدول العربية والإسلامية مما يجري في غزة .. قال وزير الخارجية إن الحديث عن ما تقوم به أو لا تقوم به الدول العربية يتسم بالتصعيد والمزايدة.. مشيرًا إلى أن كل الدول ذات سيادة وتتخذ ما تراه ملائما لمصالحها ولمصالح القضايا التي تدعمها ومن ضمنها القضية الفلسطينية.
وأضاف أن الكثير من الدول العربية والإسلامية اتخذت من الإجراءات وكانت دائما داعمة ومنخرطة في القضية الفلسطينية، والسؤال يجب أن يوجه لدول أخرى في المجتمع الدولي تقاعست ولم تتخذ إجراءات فعلية لتأكيد المبادىء المدرجة في ميثاق الأمم المتحدة ومبدأ حق تقرير المصير، قبل التوقع بأن الدول العربية والإسلامية لم تتخذ إجراءات وفقا للموقف.
وشدد على أن الدول العربية والإسلامية تتخذ قرارات وتقوم بدور، وتتواصل على المستوى الدولي وهو أمر له تأثيره على المشهد ولكن المزايدة ليست مفيدة، وإنما هي لمخاطبة ربما دوائر في الرأي العام وتسعى دائما للتشكيك والتشكك في كل عمل بغرض تحقيق مصالح ذاتية لها.
وفيما يخص وضع الرهائن والوساطة في هذا الشأن، أكد شكري أن مصر لديها صلات مع كافة الأطراف المعنية وأنه لا يريد الخوض في تفاصيل، مشيرًا إلى أن مصر ستواصل بذل جهودها فيما يخص الرهائن وكذلك لتوفير المناخ لوقف الأعمال العدائية على المدنيين، معربًا عن الأمل في أن تكلل جهود مصر وآخرين بالنجاح في هذا الشأن.
وحول دعوات إسرائيل للتهجير القسري من غزة، ورفض القيادة المصرية الواضح لهذه المسألة وتطور المواقف الغربية اقترابا بشكل أكبر مع الموقف المصري الرافض للتهجير، قال شكري إن تزايد التفهم لدى الشركاء الأوروبيين بعدم جواز التهجير القسري – باعتباره متناقضًا مع القانون الدولي الإنساني ويعد جريمة حرب – له وقعه على من قد يرغب في مثل هذا الحل لتسوية القضية الفلسطينية، مشددًا على أن لدينا إرادة قوية وأكيدة في رفض أي شكل من أشكال التهجير للشعب الفلسطيني في محاولة لتصفية القضية أو في محاولة للإلقاء بالمسئولية على دول الجوار.
وأعرب عن الثقة التامة في وعي الشعب الفلسطيني وتمسكه بأرضه وحقوقه وعدم انسياقه وراء أي مخططات تؤدي إلى هذه النتيجة وهو ما ينعكس بشكل أقوى على المجتمع الدولي وسيكون لذلك بالتأكيد تأثير على من قد يخطط لمثل هذا الحل، وبالتأكيد فإن التداعيات التي قد تترتب على محاولة تنفيذ ذلك سوف تحد من فرص توظيفه أو التفكير في تنفيذه.
وردا على سؤال حول انهيار قطاع الاتصالات في غزة وما إذا كانت مصر مستعدة لتوفير شبكات المحمول وغيرها من شبكات الاتصالات.. قال شكري إنه لا تتوفر لديه معلومات بهذا الشأن، ولكن يبدو أن هناك تعطيلًا قسريًا للاتصالات في غزة.. ونأمل أن تجذب وسائل الإعلام الدولية الوعي بهذه المسألة.. فالاتصالات مهمة للغاية بالنسبة للمنافذ الإعلامية.. مشيرًا إلى أن قطع هذه الاتصالات هو حجب للإعلام وتقويض لدوره، كما يحد من قدرة المواطنين على التواصل مع أسرهم والتعامل مع احتياجاتهم الأساسية بما في ذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضاف أن “شبكاتنا متوافرة على الحدود ولكن لا يعلم إلى أي مدى أو على أي مسافة وهل يمكن أن تصل إلى غزة، وأعتقد أنه من الضروري أن يكون لديهم في هذه الحالة كروت هاتف مصرية .. وأعتقد أن هذا غير متوافر في غزة نتيجة للحصار.. وأنه يجب أن يحصلوا على كروت هاتف مصرية وهذه مشكلات تقنية، فاللوائح التي تنظم عمل هذه الشبكات لابد من رصدها ومراجعتها”.
وردا على سؤال حول عدم توقف إطلاق النار حتى الآن رغم قرار القمة العربية الإسلامية الأخيرة.. قال إن الأعمال التي يتم اقترافها مخالفة للقانون الدولي سواء في إطار ميثاق الأمم المتحدة أو الاتفاقيات المعقودة دوليا، إضافة إلى الآليات التي يتم من خلال إنفاذ القانون الدولي.. وعلى المتضرر وفقا للقانون الدولي أن يلجأ إلى هذه الأطر.
وأضاف أنه يعتقد أن السلطة الفلسطينية قد لجأت بالفعل إلى المحكمة الجنائية الدولية لإجراء التحقيق اللازم.. وهناك دعاوى أيضا للدفع بلجان تحقيق فيما يحدث بقطاع غزة وتحديد المسئولية وإلى أي مدى تمت مخالفة القانون الدولي وتحميل المخالف لمسئوليته بهذا الشأن.. وهذه مسئولية تقع على المجتمع الدولي وآلياته ومجلس الأمن والمحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية وعلى الإرادة الدولية بصفة عامة، ويستطيع مجلس الأمن أن يتخذ من الإجراءات القسرية تجاه من يخالف قواعد القانون الدولي.
وقال شكري أما أن يتخذ مجلس الأمن هذا الإجراء أو لا يتخذه فهذه هي المسئولية الجماعية التي تقع على عاتق أعضاء مجلس الأمن، ويجب أن يوجه لهم السؤال في هذا الشأن.. ولكن مصر والدول العربية والإسلامية أكدوا خلال قمتهم الاستثنائية الأخيرة على ضرورة وجود آليات للتحقق وتحديد المسئولية واتخاذ الإجراءات حيال هذه المخالفات في الأطر الدولية.