هل من نذر شيئاً لله ولم يوفِ به عليه ذنب؟
ورد على صفحة مجمع البحوث الإسلامية، بموقع التواصل الإجتماعي فيسبوك، سؤال يقول صاحبه “” نذرت إن رزقني الله بمكافأة مالية سوف أقسمها لله ولي ولإخوتي ورزقني الله وعلمت مؤخرا أن هذا النذر مكروه فماذا أفعل؟””.
وأجابت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية قائلة: على من نذر تقسيم هذه المكافأة إلى ثلاثة أجزاء ثلث لله، وثلث له، وثلث لإخوته لاشي فيه، أما بالنسبة لرجوعه عن هذا النذر فلا يجوز له الرجوع فيه؛ وذلك لقول الله عز وجل ـ “وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ” (سورة الحج/29) وقول الرسول صلى الله عليه وسلم:(مَن نذر أن يطيع الله فليطعه) رواه البخاري (6318).
وتابع: لقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: “أربع جائزة في كل حال [أي ماضية نافذة] : العتق والطلاق والنكاح والنذر” رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (4/82)، وعن علي رضي الله عنه: “أربع لا رجوع فيهن إلا بالوفاء: النكاح والطلاق والعتاق والنذر” ذكره ابن حزم في المحلى (8/197)وذلك مع العلم بأن النذر مكروه وإن لزم الوفاء به؛ لما روى عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ النَّذْرِ. وَقَالَ: “إِنَّهُ لَا يَرُدُّ شَيْئًا، وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيل” رواه البخاري (6608) ومسلم (1639) .
حكم العجز عن الوفاء بالنذر
قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن الإنسان إذا ما نذر شئً لله فعليه ان يوفى بما نذره فإن لم يستطيع فعليه أن يخرج كفارة يمين .
وأضاف عثمان، فى إجابته عن سؤال « نذرت بشئ ولم أستطيع أن أوفيه فماذا أفعل؟»، أنه يجب على الإنيسان أن يوفى بنذره فإن لم يستطع وعجز فعليه أن يخرج كفارة يمين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( كفارة النذر كفارة يمين )) فكيفى الإنسان إذا ما نذر وعجز ان يطعم عشرة مساكين.
وأشار الى أن الله عز وجل مدح فى كتابه الذين يوفون بالنذر قوله تعالى ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا ).
وتابع: إن الوفاء بالنذر واجب على كل مسلم تعهد بعمل شيء لوجه الله طالما كان مستطيعا لقوله تعالى ” يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا” .
حكم من نذر شيئا لله ولم يستطع الوفاء به
قالت الدكتور نادية عمارة، الداعية الإسلامية، إن النذر هو شيء يوجبه الإنسان على نفسه عند حصول منفعة أو درء مفسدة، فالإنسان يكلف نفسه به ولم يوجبه الله عليه.
وأضافت عمارة، فى الإجابة على سؤال « ماذا يفعل من نذر لله نذر ولم يستطيع الوفاء به ؟»، إن الإنسان إذا نذر شيئًا لله فلابد عليه أن يوفي ما أوجبه على نفسه، فيكون أوجب هذا الأمر بهذه العبادة فلو ضاقت بالإنسان ولم يستطيع بعد ان ألزم نفسه باداء قربه معينة أو عبادة معينة ففتح لنا الشرع الشريف أفاق التيسير والتخفيف وعند هذه المشقة والتعسر بالإنفاذ عن القيام بما أوجبه على نفسه من العبادة يأتى التيسير.
وأشار إلى أن من لم يستطيع القيام بهذا النذر فعليه أن يسدد الدين وبعد أن يتيسر الحال فعليه الوفاء بالنذر.
الحكمة من عدم أكل صاحب النذر من الذبيحة
هل يجوز لصاحب النذر أن يأكل من نذره ؟.. سؤال أجاب عنه الدكتور عبدالله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، وذلك خلال لقائه بالبث المباشر لصفحة دار الإفتاء المصرية المذاع عبر صفحة الفيسبوك.
وأكد العجمي، أن صاحب النذر لا يأكل من نذره هو ومن تلزمه نفقته كالزوجة والأبناء ولكن يجوز لأمه وأخواته أن يأكلوا من نذره.
هل يجوز للناذر الأكل من ذبيحة النذر؟
قالت دار الإفتاء، إن الفقهاء اختلفوا في حكم أكل الناذر من النذر، مؤكدة أن الحنفية والشافعية، لا يجوزان أكل الناذر من النذر مطلقًا.
وأضافت دار الإفتاء، في فتوى لها، أن الكاساني الحنفي قال في “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع” (2/ 226 ط/ دار الكتب العلمية-بيروت): [وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ دَمِ النَّذْرِ شَيْئًا، وَجُمْلَةُ الْكَلَامِ فِيهِ أَنَّ الدِّمَاءَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ يَجُوزُ لِصَاحِبِ الدَّمِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَهُوَ دَمُ الْمُتْعَةِ وَالْقِرَانِ وَالْأُضْحِيَّةِ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا بَلَغَ مَحِلَّهُ، وَنَوْعٌ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَهُوَ دَمُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَاتِ وَهَدْيُ الْإِحْصَارِ وَهَدْيُ التَّطَوُّعِ إذَا لَمْ يَبْلُغْ مَحِلَّهُ؛ لِأَنَّ الدَّمَ فِي النَّوْعِ الْأَوَّلِ دَمُ شُكْرٍ فَكَانَ نُسُكًا، فَكَانَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ، وَدَمُ النَّذْرِ دَمُ صَدَقَةٍ، وَكَذَا دَمُ الْكَفَّارَةِ فِي مَعْنَاهُ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ تَكْفِيرُ الذَّنْبِ].
وأشارت دار الإفتاء، إلى أن العمراني الشافعي أوضح في “البيان” (4/ 458، 459 ط/ دار المنهاج-جدة): [فإن كان نذر مجازاة، بأن قال: إن شفى الله مريضي أو قدم غائبي فعلي لله أن أهدي أو أضحي شاة لم يجز له أن يأكل منها؛ لأنه لزمه على وجه المجازاة، فهو كجزاء الصيد، وإن كان بغير مجازاة، بأن يقول ابتداء: علي لله أن أهدي أو أضحي شاة، وقلنا: يلزمه، على المذهب، فهل يجوز له أن يأكل منها؟ فيه ثلاثة أوجه: أحدها: لا يجوز؛ لأنه دم واجب، فلم يجز أن يأكل منه، كدم الطيب واللباس.
وتابعت دار الإفتاء،: والثاني: يجوز؛ لأنه وجب بفعله، فأشبه الهدي والأضحية المتطوع بهما؛ لأنهما وجبا بفعله. والثالث: حكاه في “المهذب” أنه يجوز له الأكل من الأضحية دون الهدي؛ لأن الأضحية المطلقة في الشرع، وهي المتطوع بها يجوز الأكل منها، وأكثر الهدايا في الشرع لا يجوز الأكل منها فحمل مطلق النذر على ذلك. فإذا قلنا: لا يجوز له الأكل، فخالف وأكل ضمنه].
وأكدت دار الإفتاء، أن الحنابلة قالوا بعدم جواز أكل الناذر من الذبيحة المنذورة عدا الأضحية فيجوز له الأكل منها، قال ابن قدامة الحنبلي في “المغني” (3/ 465 ط/ مكتبة القاهرة): [قَالَ: (وَلَا يَأْكُلُ مِنْ كُلِّ وَاجِبٍ إلَّا مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ) الْمَذْهَبُ أَنَّهُ يَأْكُلُ مِنْ هَدْيِ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ دُونَ مَا سِوَاهُمَا، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ. وَلَعَلَّ الْخِرَقِيِّ تَرَكَ ذِكْرَ الْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ مُتْعَةٌ، وَاكْتَفَى بِذِكْرِ الْمُتْعَةِ لِأَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ سَبَبَهُمَاغَيْرُ مَحْظُورٍ، فَأَشْبَهَا هَدْيَ التَّطَوُّعِ. وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِ الرَّأْيِ.
لماذا لا يجوز للناذر الأكل من ذبيحة النذر
قالت لجنة الفتوى التابعة لمجمع البحوث الإسلامية: إن الوفاء بالنذر واجب إذا تحقق ما عُلِّقَ عليه النذر، مشيرة إلى أنه يجوز لصاحب النذر أن يأكل وأسرته منه في حالة واحدة.
وأوضحت «البحوث الإسلامية»، في إجابتها عن سؤال: «أخي نذر لله نذرًا بأن يذبح خروفا ويوزعه وحـقـق اللـه لـه طـلبه وسـينفذ نذره فهـل يجوز أكـل الأسـرة مـنـه بـجـانـب تـوزيع المـعـظـم عـلـى الـفـقـراء والـمحـتـاجـيـن؟»، أن الأكل من النذر المذكور، فله عدة حالات، منها أنه لو نَذَرَهُ لله تعالى صدقةً، أو نذره للفقراء والمساكين، فَيَحْرُم عليه الأكل منها مطلقًا هو وأسرته والأغنياء؛ لأنه نَذْر مجازاة.
وأضافت: وأما إن كان قد نوى – عند عقد النذر – أن يأكل منه، جاز له الأكل، وإلا فلا، وعليه أن يوزعه على الفقراء.
يجوز الأكل من ذبيحة النذر في حالة واحدة فقط
قال الدكتور مجدي عاشور المستشار العلمي لمفتي الجمهورية: إنه يجوز لمن نذر ذبيحة أن يأكل منها إذا كانت نية الناذر أن يأخذ منها جزءًا له وآخر للأقرباء، والجزء الثالث للفقراء والمساكين.
وأضاف «عاشور» خلال البث المباشر عبر صفحة دار الإفتاء أنه لا يجوز للناذر أن يأكل من الذبيحة إذا كانت نيته عند النذر أن يخرج الشيء المنذور كله لله تعالى، فيجب عليه أن يخرجها كلها للفقراء والمساكين.