هل رجم الشياطين كان موجودا قبل بعثة النبي؟
سورة الجن، أوضح الشيخ محمد سيد طنطاوي في تفسيره لسورة الجن، الحكمة الإلهية من وضع الحرس والشهب في السماء للجن بعد نزول القرآن الكريم، كما أجاب عن تساؤل هل كل الشهب في السماء لرجم الشياطين؟.سورة الجن الآية 9
قال تعالى: «وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَن يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَّصَدًا».
تفسير الشيخ محمد سيد طنطاوي للآية 9 من سورة الجن
قال الشيخ محمد سيد طنطاوي: «وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها» أي من السماء «مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ» أي: كنا نقعد منها مقاعد كائنة للسمع، خالية من الحرس والشهب… «فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ» بعد نزول القرآن، الذي هو معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم والذي آمنا به وصدقناه، «يَجِدْ لَهُ شِهابًا رَصَدًا» أي: فمن يجلس الآن ليسترق السمع من السماء يجد له شهابا معدا ومهيأ للانقضاض عليه فيهلكه، فالرصد: جمع راصد، وهو الحافظ للشيء، وهو وصف لقوله «شهابا».
ما الحكمة من وضع الحرس والشهب في السماء للجن؟
وأكمل الشيخ طنطاوي: والفاء في قوله: «فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ» للتفريع على محذوف، وكلمة «الآن» في مقابل كلمة «كنا» الدالة على المحذوف.. والتقدير: كنا نقعد منها مقاعد للسمع، فنستمع أشياء، وقد انقضى ذلك، وصرنا من يستمع الآن منا يجد له شهابا رصدا، ينقض عليه فيحرقه، والمقصود من هاتين الآيتين: تأكيد إيمانهم بالله- تعالى-، وبـرسوله صلى الله عليه وسلم، وحض غيرهم على اتباعهم، وتحذيرهم من التعرض لاستراق السمع، قال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهاتين الآيتين: «يخبر الله- تعالى- عن الجن حين بعث الله رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه القرآن، وكان من حفظه له أن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا، وحفظت من سائر أرجائها، وطردت الشياطين عن مقاعدها التي كانت تقعد فيها قبل ذلك، لئلا يسترقوا شيئا من القرآن، فيلقوه على ألسنة الكهنة، فيلتبس الأمر ويختلط ولا يدرى من الصادق، وهذا من لطف الله بخلقه، ورحمته بعباده، وحفظه لكتابه العزيز.
هل رجم الشياطين كان موجودا قبل بعثة النبي؟
وأتم طنطاوي: ولهذا قالت الجن: «وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا، وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع، فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا» أي: من يروم أن يسترق السمع اليوم يجد له شهابا مرصدا، لا يتخطاه ولا يتعداه، بل يمحقه ويهلكه»، وقال بعض العلماء: والصحيح أن الرجم كان موجودا قبل المبعث، فلما بعث صلى الله عليه وسلم كثر وازداد، كما ملئت السماء بالحرس والشهب، وليس في الآية دلالة على أن كل ما يحدث من الشهب إنما هو للرجم، بل إنهم إذا حاولوا استراق السمع رجموا بالشهب، وإلا فالشهب الآن وفيما مضى قد تكون ظواهر طبيعية ولأسباب كونية.