هل تتساوى تربية البنات مع تربية الأولاد؟ و 3 طرق للتعامل مع الفروق
يعتقد كثير من الآباء بأن قواعد وأسلوب التربية من القيم الثابتة التي يتركها الأجداد للآباء ليرثها الأبناء، وبدورهم يطبقونها على أطفالهم، والغريب أن يحدث ذلك رغم تغير الزمان واختلاف المفاهيم، ما يتطلب تغييراً شاملاً واختلافاً كاملاً في أسلوب تنشئة الطفل، وهنا نطرح سؤالاً: هل تختلف تربية البنات عن تربية الأولاد؟ وهل لتقدم العصر وهيمنة التكنولوجيا تأثير؟ وهل المساواة في أسلوب التربية خطأ يجب التراجع عنه، أم هي مطلوبة؟ للإجابة وتوضيح الأسلوب الأمثل في التربية يحدثنا الدكتور محمود زيدان أستاذ الطب النفسي وتعديل السلوك مستعرضاً الكثير من التفاصيل في التقرير التالي.فهم الاختلاف.. مهمة الآباء الصعبة
فَهم الاختلاف بين الولد والبنت يعد من المهام الصعبة على الوالدين، ولكنَّ مع التعرف إلى طريقة التفكير، والاختيارات، والتعامل مع المواقف سيُمكّن الأهل من تربيتهم على أحسن وجه.
وهذا يساهم في منح المجتمع أطفالاً يتمتّعون بشخصية مستقلّة وقويّة، كما سيجنّب الأهل الوقوع في أحد الأخطاء الشائعة وهي تربية الولد والبنت بنفس الطريقة.
وذلك لأن الأساليب المتبعة عند تربية البنت لن تحقق النتائج نفسها على الولد والعكس صحيح، ولكن رغم هذا الاختلاف، يجب أن يحظى كلاهما بمقدارٍ متساوٍ من الرعاية والحب والاهتمام.
هل تودين الاطلاع على كيف تربين طفلاً واثقاً من نفسه وشخصية مستقلة؟
الفروق بين البنت والولد
البنات يكتسبن مهارات لفظية واجتماعية أسرع:
تُشيرُ الدراسات إلى أنّ البنات يبدأنَّ بالكلام بصورة مُبكّرة مقارنةً بالأولاد، كما أنّهنّ أسرع في اكتساب المهارات اللغوية؛ مما يفسر ميل البنات للحديث والتعبير بالألفاظ أكثر من الأولاد.
لهذا على الأهل ألا يشعروا أنّ طفلهم الولد قد تأخّر في الكلام، أو يعاني من مشاكل لفظيّة؛ فالولد بطبيعته يميل ومنذ مراحل حياته الأولى إلى الانخراط في الأفعال، وممارسة الأنشطة الحركية أكثر من الكلام.
ولمساعدة الطفل الولد على اكتساب المهارات اللفظيّة، والتكلّم بشكلٍ أسرع، يجب أن يحرص الوالدان على التواصل اللَّفظي مع الولد بانتظام وبشكل مستمر، بالإضافة إلى تكرار الكلمات على مسمعه لتشجيعه على الكلام.
ومن ناحية أخرى، فإنّ الأولاد يتكلّمون بمعدّل كلمات أقل مرتين إلى ثلاث مرات من البنات يومياً، أما البنات فبالإضافة إلى عدد الكلمات فإنّهن يتكلمنَ بشكلٍ أسرع من الأولاد.
للتعامل مع هذا الفارق؛ يجب على الوالدين التحدّث بشكل هادئ وبطيء مع الولد ولكن دون المبالغة في البُطء؛ كالتوقف بعد كل كلمة، أما بالنسبة للبنت فيجب مجاراتها في السرعة بما يتناسب مع قدرتها على الكلام.
البنات أكثر اهتماماً بمشاعر الآخرين:
تشير العديد من الدراسات إلى أنّ البنات هنَّ أكثر اهتماماً بمشاعر الآخرين، وأكثر قدرة على فهم هذه المشاعر، وأكثر تأثّراً بتعبيرات الوجه الغاضبة والمخيفة من الأولاد الذين قد لا يبدون أي اهتمام بمثل هذه التعبيرات حتى في مرحلة الطفولة المبكرة.
وأظهرت إحدى الدراسات أنّ الأطفال الإناث يملن إلى التواصل البصري مع الأشخاص عند التحدث معهم، على عكس الأولاد الذين يتجنبون ذلك ويفضلون التحديق في هواتفهم الخلوية عند التحدث مع الآخرين.
من ناحية أخرى، فإنّ البنات يمِلن أكثر من الأولاد إلى التعبير عن مشاعرهن بالتحدّث عنها ومناقشتها، بينما يعبر الأولاد عن مشاعرهم من خلال سلوكيات جسدية مختلفة مثل الصراخ، أو ضرب الأرض بأقدامهم.
العراك هو تعبير الأولاد عن السلوك العدواني:
العدوانية موجودة عند الأولاد والبنات على حد سواء، لكن التعبير عنها عند البنات لا يكون مباشراً وجسدياً كما هو الحال عند الأولاد؛ إذ تميل الفتيات للتعبير عن العدوانية بطرق غير مؤذية مثل الثرثرة، وتجنب التواصل الاجتماعي، والتوقف عن الكلام مع الآخرين.
أما العدوانية عند الأولاد فتظهر بشكلٍ جسديّ مثل العراك، وهنا يؤكّد العلم أنّ كيميائية دماغ الذكر تجعله أكثر ميلاً للمشاكسة والعنف مقارنة بدماغ الأنثى، وهذا الاختلاف في السلوك الجسديّ والحركيّ بين النوعين يبدأ والطفل لا يزال جنيناً. حيث تكون حركة الولد أكثر من حركة البنت في رحم الأم، ويستمر الأمر إلى ما بعد الولادة، حيث تفضل البنت اللعب الهادئ مع الدمى والبقاء في المنزل على الخروج وممارسة الأنشطة الحركية.
مهارة التعلم أكثر صعوبة لدى الأولاد:
بالنسبة إلى عمليّة التعلّم، نجد أنّ عمليّة تعليم الأولاد تبدو أكثر صعوبة نظراً إلى أنّهم يشعرون بالملل بشكل أسرع، ويميلون إلى الحركة وعدم الهدوء، كما أنهم يفضّلون التعلّم في بيئة صاخبة، ونَشِطة، والتي تحتوي بعض الوسائل البصريّة والحركيّة، بينما تفضّل الفتيات الدراسة في بيئة هادئة؛ مما يمكّنهنّ من الكتابة، والقراءة، والتعلّم بشكلٍ أسرع؛ لذلك يحتاج الولد عادةً إلى المزيد من التدريب العملي والاهتمام أثناء عملية التعليم.
مهارة المكان لدى الأولاد أفضل:
يتمتّع الأولاد بمهارات مكانيّة أفضل من البنات، وقدرة أعلى في التعامل مع المسافات، والأحجام، والقياسات، وتشير بعض الدراسات إلى أن هذا الاختلاف يبدأ بالظهور في سنّ مبكرة من حياة الطفل، إذ يمكن للولد بعمر 3-5 سنوات. هذا، عكس البنات فلا يمكنهن في نفس العمر تخيّل ذلك، ومن أجل تعزيز مهارات البنت المكانيّة؛ يمكن ممارسة رياضة كرة القدم معها، وإعطاؤها بعض ألعاب البناء أو التركيب، وتوجيهها في المراحل العمرية التالية نحو الألعاب التي تعتمد التركز على هدف أو شيء معين.
الأولاد أقل استجابة للانضباط والتأديب:
تختلف استجابة الولد للانضباط عن استجابة البنت؛ إذْ يُعدّ الأولاد أقل استجابة للانضباط والتأديب من البنات، ويعود ذلك إلى أسباب علميّة؛ إذ تشير بعض الدراسات إلى أنَّ البنات يتمتّعن بمهارات لفظيّة أفضل من الأولاد ويمتلكن حاسة سمع أقوى مما يعزز سرعة الاستجابة لديهن، ولهذا فإن عمليّة تأديب وضبط الأولاد قد تتطلّب أكثر من مجرّد إنذار شفهي.
تمتلك البنات مهارات اجتماعية أكثر:
البنات قادرات على تكوين الصداقات بشكل أسرع من الولد، نظراً لامتلاكهن مهاراتٍ اجتماعيّة أكثر من الأولاد، الذين يشعرون بالخجل عادةً عند التعرّف إلى أشخاص جُدد، ولهذا فإنّه يجب تشجيع الولد منذ طفولته على تكوين الصداقات والانخراط مع الناس من أجل تنمية مهارات التواصل الاجتماعي لديه.
الأولاد أكثر إقبالاً على التجارب الجديدة:
عندما يتعلّق الأمر بالإرادة الحرّة، فإنّ الأولاد يملكون شخصيّاتٍ أكثر اندفاعاً وإقبالاً على التجارب الجديدة والمخاطرة دون تردّد، في حين تكون الفتيات أكثر حذراً وأقلّ إقبالاً على التجارب والمسارات الحياتيّة الجديدة؛ ولهذا يجب تشجيع البنت منذ الصغر على اتخاذ المخاطرة وخوض التجارب الجديدة، وهذا من شأنه أن يعزز ثقتها بنفسها، ويطوّر شخصيّتها مع مرور الوقت.
احترام الذات والثقة بالنفس متساوية:
بناء احترام الذات وتعزيز الثقة بالنفس من الأمور المهمة جداً والتي يجب على الوالدين مراعاتها عند تربية البنات والأولاد؛ ويكون ذلك من خلال التركيز على السلوك الجيّد والإطراء عليه، بالإضافة إلى الابتعاد عن أي طريقة للانتقاد الساخر الذي قد يؤدّي إلى جرحهم أو إشعارهم بقلّة أهمّيتهم، وهذا التعامل الداعم والمُحبّ من شأنه أن يحدد طريقة تعامل الأبناء مع مختلف مواقف الحياة بعيداً عن بيئة المنزل المعتادين عليها.
نصائح للتعامل مع الولد والبنت
- تعليم الولد والبنت على حدّ سواء نفس القيم الأخلاقية مثل؛ الرحمة، والاستقلاليّة، والثقة، والاحترام.
- معاقبة الولد والبنت بالطريقة نفسها عند صدور سلوك عدوانيّ من قبل أي منهما، والحرص على تعليمهما طرقاً بديلة للتعامل.
- إعطاء الأطفال- ولداً أو بنتاً- الفرصة لاكتشاف اهتماماتهم والتعرف إليها، مع مراعاة الاختلافات الفردية بين الأبناء.