موعد ليلة القدر وفضلها وسر تسميتها بهذا الاسم
ليلة القدر هي الليلة التي أُنزل فيها القرآن، وهي خير من ألف شهر، ومن فضلها أن الملائكة، والروح تنزل فيها لحصول البركة، ومشاهدة تنافس العباد في الأعمال الصالحة، ولحصول المغفرة، وتنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذّنوب العظيمة.
ومن فضلها أنها (سلام) أي سالمة من الآفات والأمراض. ومن فضلها حصول المغفرة لمن قامها لقوله، صلى الله عليه وسلم:””من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدَّم من ذنبه”.
وقد اختلف الناس في تعيينها. وذكر الحافظ ابن حجر في آخر كتاب الصيام من فتح الباري، ستة وأربعين قولاً في تعيينها،
ثم قال: وأرجحها أنها في الوتر من العشر الأواخر، وأنها تَنْتَقِلُ، وأرجاها أوتار العشر الأواخر،
وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين.
قال العلماء: الحكمة في إخفاء ليلة القدر ليحصل الاجتهاد في التماسها، بخلاف ما لو عينت لها ليلة، لاقُتصِر عليها إلخ،
وأكثر الأدلة ترجّح أنها في السبع الأواخر، أو أنها ليلة سبع وعشرين، لما استدلَّ به على ذلك من الآيات والعلامات وإجابة الدعاء فيها، وطلوع الشمس صبيحتها لا شعاع لها، والنور والضياء الذي يشاهد فيها.
وقد اختلف العلماء فسي سر تسميتها إلي عدة أقوال هي: القول الأول: لأن الله تعالى يقدِّر فيها الأرزاق والآجال وما هو كائن؛ أي: يقدِّر فيها ما يكون في تلك السنَة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام؛ قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: “يكتب في أمِّ الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنَة من الخير والشرِّ والأرزاق والآجال، حتى الحُجَّاج، يقال: يحج فلان، ويحج فلان”، وقال الحسن ومجاهد وقتادة: “يُبرم في ليلة القدر في شهر رمضان كل أجل وعمل وخَلْق ورِزق، وما يكون في تلك السنَة”.
القول الثاني: أنها مأخوذة من عِظَم القدر والشرف والشأن كما تقول: فلانٌ له قدرٌ، وفلان ذو قدر عظيم، أي: ذو شرف.
القول الثالث: سُميَت بذلك لأنَّ العمل فيها له قدرٌ عظيمٌ، وهذا لا يحصل إلا لهذه الليلة فقط، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا..)
وعن مجاهد في تفسير قوله تعالى: ﴿ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ﴾ [القدر: 3] قال: “عملُها وصيامها وقيامها خيرٌ من ألف شهر”، وعن عمرو بن قيس الملائي قال: “عملٌ فيها خيرٌ من عمل ألف شهر.
القول الرابع: سُميَت بذلك لأن الله تعالى قدَّر فيها إنزال القرآن.
القول الخامس: لأنها ليلة الحكم والفصل؛ عن مجاهد قال: “ليلة القدر ليلة الحكْم”، وقال النووي: “وسُميَت ليلة القدر، أي: ليلة الحكم والفصل، هذا هو الصحيح المشهور”.