موسم وجدل كل عام.. أيام تفصلنا عن معركة السوشيال ميديا حول أعياد الكريسماس.. هل يعاقب القانون على تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم؟.. البرلمان يدرس مشروع قانون منذ 4 سنوات.. والقضاء والقانون يتصديان للفتاوى المضللة
تنشط في مثل هذا الأيام من كل عام بعض الدعوات من قبل المتشددين للمطالبة بـ تحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم وفِي بعض الأحيان تكفيرهم، وعلى ما يبدو أن معركة تهنئة الأقباط بمناسبة رأس السنة الميلادية ما بين الإباحة والتحريم اشتعلت هذه المرة قبل أوانها، بأيام فعادة ما تبدأ المعركة ليلة رأس السنة، وتكون بين مؤيد ومعارض، والتى دائما مال يصاحبها الفتاوى الشاذة بتحريم تهنئة الأقباط، حيث تنطلق دعوات من قبل المتشددين بـ تحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم وفِى بعض الأحيان تكفيرهم، لكن طبيعة الشعب المصرى الأصيل يرفض مثل هذه الفتاوى الشاذة والدعاوى التكفيرية الدخيلة على تقاليد وقيم مجتمعنا وفى كل عام يبرهن المصريين على ترابطهم وتماسهم، وأنهم نسيج واحد وصمام أمان هذا الوطن.
وذلك فى الوقت الذى لن تجد فيه دولة فى العالم مثل مصر يهنئ فيها المواطنين بعضهم البعض، لدرجة تصل إلى حد حضور مسلمين القداس ورفع صور برقيات التهانى على صفحاتهم الشخصية – فيس بوك وتويتر – للسيدة العذراء وللكنائس وهم يهنئون إخوانهم الأقباط، وكذا هو الأمر فى أعياد المسلمين لا تستطيع أن تفرق بين مسلم ومسيحى فى الأعياد باعتبارهم نسيج واحد، كما قال عنهم النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث فيما معناه: “هم فى رباط إلى يوم الدين”، وأثناء احتفال المسلمين بالمولد النبوى الشريف تجد مسيحى يرسل لمسلم علبة الحلوة كنوع من الاحتفال، ومثل هذه الأمور لن تجدها أو تراها سوى فى مصر ومصر فقط.
أيام تفصلنا عن معركة السوشيال ميديا حول أعياد الكريسماس
هذه الروح بين المصريين بعضهم البعض لم تكن وليدة اللحظة، والتاريخ الإسلامى يُقر هذا الأمر قبل أن نخوض فى المسألة من الناحية الشرعية والقانونية، فمن المشهور أن سيدنا عمر ابن الخطاب – رضى الله عنه – حينما دخل القدس سنة 16 هجريا وأراد أن يصلى وهو فى الكنيسة صلى خارجها وقال: “لو صليت داخل الكنيسة أخذها المسلمون بعدى وقالوا: (هنا صلى عمر)”، ومثل هذه التعاليم شربها الفاروق عمر من النبى صلى الله عليه وسلم فى أكثر من موقف لعل أبرزها موقف النبى مع وفد أهل نجران سنة 9 هجريا، حينما استقبلهم النبى فى المسجد وسمح لهم بممارسة الشعائر، ومن هنا بدأ أول حوار مسلم ومسيحى فى التاريخ.
والسؤال الذى يطرح نفسه هنا، هل نحن بحاجة إلى قانون يتصدى للفتاوى المضللة والمتشددة؟ أم أن هناك قانون لمواجهة هذه الدعاوى دون الحاجة لتشريع؟ وما هو الرأى الشرعى فى تهنئة الأقباط بأعيادهم؟ وما هو مصير الفتاوى السامة والطائفية التى تصدر بشكل موسمى من غير ذوى العلم ممن يريدون نشر الكراهية بين أبناء الشعب المصرى لتنفيذ أجندات هدامة تستهدف إحداث الفُرقة بين قطبى الشعب المصرى، ودائما ما تُواجه مثل هذه الفتاوى بالرفض والسخط من الشعب المصرى، وأحيانا تتم مواجهتها بالسخرية ممن يُطلقونها، وهكذا هو حال المصريين عادة عند مواجهة أى أزمة تكون السخرية والتهكم هو العنوان الأبرز.
المادة “98 و” من قانون العقوبات تتصدى للأزمة
وفى هذا الإطار – يقول الخبير القانوني والمحامى بالنقض هانى صبرى – تنشط في مثل هذا الأيام من كل عام بعض الدعوات من قبل المتشددين للمطالبة بتحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم وفِي بعض الأحيان تكفيرهم، لكن طبيعة الشعب المصري الأصيل يرفض مثل هذه الفتاوي الشاذة والدعاوى التكفيرية الدخيلة علي تقاليد وقيم مجتمعنا وفِي كل عام يبرهن المصريين علي ترابطهم وتماسكهم وأنهم نسيج واحد وصمام أمام لهذا الوطن الحبيب، ويتبارى المصريون في تقديم التهاني لبعضهم البعض، ويحتفلوا معاً في مشاهد تصيب هؤلاء المتشددين بالصدمة، ولكنهم لا يتعملوا من دورس الماضي، والجدير بالذكر إن دعوات المتشددين بتحريم تهنئة المسيحيين بأعيادهم مخالف لقيم مجتمعنا لذلك يجب ردعهم وفقاً للقانون.
وبحسب “صبرى” في تصريح لـ”برلماني”: وقد سبق وأن أصدرت دار الإفتاء المصرية، فتاوي كثيرة تقرر فيها إنه لا مانع شرعًا من تهنئة المسلمين للمسيحيين بأعيادهم وتقديم الهدايا لهم، وأكد الأزهر للفتوي أن تهنئة المسيحيين بأعيادهم جائزة، فهي تندرج تحت باب الإحسان إليهم والبر بهم، أما ما يدَّعيه هؤلاء المتشددين، وغير المصرح لهم بالفتوي من دعاوي تحريضية ضد الأقباط تمثل جرائم استغلال الدين للترويج لأفكار غير صحيحة بقصد إثارة الفتنة وتحقير وازدراء الدين المسيحي والطوائف المنتمية له، والإضرار بالوحدة الوطنية وتعكير السلم والأمن العام، وفي تقديري أن ما يقترفه هؤلاء المتشددين يعد جريمة ازدراء أديان مكتملة الأركان وهذا ثابت من خلال تصريحاتهم والتعدي بالقول وبطريق العلانية علي الدين المسيحي .
سلوكيات تثير الفتن
ووفقا لـ”صبرى”: ويستفاد ذلك من نص المادة ( 98 و) من قانون العقوبات تنص علي: “يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تجاوز خمس سنوات أو بغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه، ولا تجاوز ألف جنيه كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو بالكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار متطرفة بقصد إثارة الفتنة أو تحقير أو ازدراء أحد الأديان السماوية أو الطوائف المنتمية إليها أو الإضرار بالوحدة الوطنية”.
ويضيف الخبير القانوني: والقانون يعرف جريمة ازدراء الأديان بأنها احتقار الدين، أو أحد رموزه، أو مبادئه الثابتة، أو نقده أو السخرية منه بأي شكل من الأشكال، أو إساءة معاملة معتنقيه، لأن مثل هذه السلوكيات هي التي تثير الفتن، ومن هنا، فإن الهجوم بأي شكل على كل ما يتعلق بالدين يعد ازدراء له، وأن الازدراء أو التجديف هو عدم إظهار تقدير أو احترام تجاه شخصيات مقدسة في الديانات الإبراهيمية، أو الأعتداء علي قدسية الاعتقاد الديني والإساءة للدين ، ومهاجمة العقيدة ، والذي يعبر عنه بالتطرف الديني، إما باحتقاره، وإهانة الدين، أو التشدد المخل، وهي الصورة الأكثر انتشارا.
الخبير القانونى والمحامى بالنقض هانى صبرى
الدستور المصرى الصادر فى 2014 فى المادة 211
ويشير إلى أن حرية الإعتقاد والرأي مكفولة بمقتضى الدستور والقانون، إلا أن هذا لا يبيح لمن يجادل في أصول دين من الأديان أن يمتهن حرمته أو يحط من قدره أو يزدريه عن عمد منه، فليس له أن يحتمي من ذلك بحرية الاعتقاد وإنما تضع مرتكب تلك الجرائم تحت طائلة القانون، وأن مثل تلك الدعوات التي تحض على الكراهية تعد مخالفة أيضاً لميثاق الشرف الإعلامى ومدونة السلوك المهنى، فنحن نحتاج إلى ضبط الأداء الإعلامى، والتدقيق فيما يقدم والبعد عن الأمور التى تحدث أى إثارة أو بلبلة، حيث يرتكب هؤلاء المتشددين بتصريحاتهم غير المسؤولة مخالفة كود الاخلاق الذى نص على عدم التحقير من الاشخاص، ومخالفة المادة (16) من لائحة الجزاءات والتى تنص على ان استخدام الفاظ تؤذى مشاعر الجمهور مخالفة تقتضى توقيع الجزاء على المخالف.
ويؤكد “صبرى”: الدستور المصرى الصادر فى 2014 فى المادة 211 منه أناط بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام مسئولية وضع الضوابط والمعايير اللازمة لضمان التزام الصحافة ووسائل الأعلام بأصول المهنة وأخلاقياتها والحفاظ على مقتضيات الأمن القومى، وأوجب عليه القانون رقم 180 لسنة 2018 اتخاذ الإجراءات المناسبة اللازمة لبلوغ تلك الغايات، وخوَّله من الاختصاصات والسلطات، وأتاح له استخدام العديد من التدابير وتوقيع ما يراه ملائماً من الجزاءات المعينة له فى هذا المقام.
أين مفوضية عدم التمييز؟
فقد نصت المادة (19) من القانون رقم ن 180 لسنة 2018 تنظيم الصحافة والإعلام يحظر على الصحيفة أو الوسيلة الإعلاميـة أو الموقع الإلكترونى، نشر أو بث أخبارً كاذبة أو ما يدعـــو أو يحرض على مخالفة القانون أو إلى العنف أو الكراهية، أو ينطوى على تمييز بين المواطنين أو يدعو إلى العنصرية أو التعصب أو يتضمن طعنًا فى أعراض الأفراد أو سبًا أو قذفًا لهم أو إمتهانا للأديان السماوية أو للعقائد الدينية.
وطبقاً للمادة 211 من الدستور الصادر عام 2014 والمادة (94) من القانون رقم 180 لسنة 2018 بشأن قانون تنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام واللوائح الصادرة تنفيذاً له، فإن تلك الأفعال غير المسؤولة التي تصدر منهم مخالفة لميثاق الشرف الإعلامى ومدونة السلوك المهنى فى باب أولاً المبادئ العامة فى فقراتها أرقام (2، 4 ، 6، 9) والتى نصت على التالى:
1- الفقرة رقم 2 على احترام القيم المجتمعية وآداب وتقاليد المهنة.
2 – الفقرة رقم 4 احترام الوحدة الوطنية.
3- الفقرة رقم 6 احترام الكرامة الإنسانية وعدم الإساءة إلى أى فئة من فئات المجتمع.
4- الفقرة 9 تنص، على احترام حقوق الجماهير مستمعين ومشاهدين.
دور المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام
كما تنص الفقرة الثانية فى باب الواجبات، على عدم مخالفة الالتزام بالموضوعية فى التناول، والتوازن فى عرض وجهات النظر، وعدم تغليب المصالح الخاصة على الاعتبارات المهنية، لذلك يجب أن يكون هناك توازن دقيق بين الحق في حرية الرأي والتعبير وحق الآخرين في حماية مشاعرهم الدينية ، واحترام مقدساتهم وأن الأستهزاء بعقائد الآخرين والطعن في الذّات الآلهية لا يدخل ضمن الحرية الشخصية، ونتمني أن يتعايش الجميع في سلام وبحرية ومساواة رغم الاختلاف لان في التنوع ثراء وليس تهديد – الكلام لـ”صبرى”.
لدينا حلم وأمل أننا سنكون قادرين على شق جبل اليأس والتعصب بصخرة الأمل وسنكون قادرين على تحويل أصوات الفتنة إلى لحن جميل من المحبة والإخاء، وسنكون قادرين على العمل معاً والكفاح معاً من أجل حياة أفضل لنا ولمجتمعنا وللعالم بأسره، وبناء عليه فأنني أناشد النائب العام بصفته صاحب الاختصاص الأصيل في تحريك الدعوي الجنائية ضد أي شخص يحضّ علي الكراهية والتمييز بين المصريين أو ازدراء الديانات الإبراهيمية حيث تتولى النيابة العامة سلطتي التحقيق والاتهام وإحالة المتهمين إلى المحاكمة الجنائية العاجلة إذا ما ثبت تورطهم في تلك الجريمة هكذا يقول “صبرى”.
وطالب “صبرى” المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام أعمالاً للمادة 94 من القانون رقم 180 لسنة 2018 حجب مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي المختلفة التي تزدري الدين المسيحي، ونطالب اللجنة العليا لمواجهة الأحداث الطائفية المشكلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 602 لسنة 2018م مواجهة مثل هذه الدعاوي التحريضية التي تنال من سلامة واستقرار الوطن لمنع حدوث حالة من الاحتقان تضر بالمجتمع ومواجهتها بكل حزم وفقاً للقانون للمحافظة علي الوحدة الوطنية وسلامة وأمن البلاد، كما أناشد مجلس النواب: إنشاء مفوضية عدم التمييز المنصوص عليها في المادة 53 من الدستور الحالي.
رأى محكمة القضاء الإدارى فى الأزمة
هذا وقد سبق لمحكمة القضاء الإدارى التصدى لهذه الأزمة بتاريخ 26 يونيو 2021، حيث أنهت المحكمة الإدارية العليا، صراع أحقية الإفتاء ومن لهم الحق فى إخراج الفتاوى الدينية، الصادر برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى، نائب رئيس مجلس الدولة بحظر الإفتاء من غير المتخصصين لمواجهة دعاة الإرهاب، وحظر اعتلاء المنابر من غير الحاصلين على ترخيص من الأزهر الشريف أو وزارة الأوقاف بحسب الأحوال، حيث كشفت فيه المحكمة ولأول مرة أن المشرع لم يضع تعريفاً للمجتهد، وأنه يوجد فراغ تشريعى – وليس شرعياً – لتنظيم عملية الإفتاء، ووضعت عدة مبادئ بحظر الإفتاء من غير المتخصصين، وقد أصبح هذا الحكم نهائيا وباتا.
يأتى الحكم فى الوقت الذى تواجه فيه مصر والمجتمعات العربية ظاهرة خطيرة بانتشار المواقع الدينية وقنوات المتشددين والدعاة غير المتخصصين واستخدام السوشيال ميديا لوضع مفاهيم متطرفة تخالف مقاصد الشرع الحنيف، فتثير الفتنة فى المجتمعات، وأيضا عدم وجود تجريم عقابى على من يسىء استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية أو مالية مما تلقى بأثارها الخطيرة على الشباب وفى توجيه الفكر الدينى من الاستقامة والوسطية إلى التشدد والتطرف والفتنة، فكيف تعرض القضاء المصرى لهذه القضية المجتمعية الخطيرة وتأثيرها على المجتمع واستقراره.
10 مبادئ هامة فى حكم حظر الإفتاء على غير المتخصصين
أكدت المحكمة على عشرة مبادئ هامة فى حكم حظر الإفتاء على غير المتخصصين هى:
1- الفتاوى لغير المتخصصين واتخاذهم السوشيال ميديا كمنابر ترتب أثاراَ خطيرة سيئة على الأجيال الحالية واللاحقة.
2- التجارب المريرة التى عاشها الوطن من استخدام منابر المساجد والزوايا لاستغلال البسطاء بثت روح الفتنة والعنف.
3- المحكمة تحدد للمجتهد شروطاً للصحة، والإفتاء بالغ الدقة فى الفقه الإسلامى فلا يمارسه العوام.
4- قصر الإفتاء على المؤسسات الدينية للدولة المؤهلة بحكم ولايتها وخبرتها وتخصصها فلا يجوز الإفتاء بغير شروط.
5- المشرع لم يضع تعريفاً للمجتهد، ويوجد فراغ تشريعى – وليس شرعياً – لتنظيم عملية الإفتاء فى المجتمع المصرى.
6- قرار رئيس الجمهورية المؤقت 2014 بممارسة الخطابة خلا من تجريم استخدام منابر المساجد والزوايا لتحقيق أهداف سياسية او حزبية.
7- مستجدات العصر فى المسائل الخلافية بحاجة إلى اجتهاد جماعى وليس فردياً فلا ينفرد بها فقيه واحد.
8- الجماعات الإرهابية تتخذ من وسائل التواصل الاجتماعى منابر للإضرار بالدولة ويجب استنهاض همة المشرع للتجريم.
9- شرور فتاوى منابر الزوايا والسوشيال ميديا دعاة التطرف تستغل الدين سعياً للسلطة أو جلباً للمال.
10- وتوصم الدعوة بالضلال والظلام يصيب المجتمع من خلل وتفكك واضطراب وفوضى لا يعلم مداها.
تفاصيل الحكم حيثياته
المحكمة قالت فى حيثيات الحكم أنه يتعين قصر الإفتاء على المؤسسات الدينية للدولة المؤهلة بحكم ولايتها وخبرتها وتخصصها، فلا يجوز الإفتاء بغير شروط، وشروط الإفتاء ليست بالأمر اليسير فى الفقه الإسلامى حتى يمارسه العوام، وإنما هو أمر بالغ الدقة والصعوبة يستفرغ فيه المجتهد وسعه لتحصيل حكم شرعى يقتدر به على استخراج الأحكام الشرعية من مأخذها واستنباطها من أدلتها، وعلى ذلك يجب أن يشترط فى المجتهد شروطاً للصحة أهمها: أن يكون عارفاً بكتاب الله ومعانى الآيات والعلم بمفرادتها وفهم قواعد اللغة العربية، وكيفية دلالة الألفاظ وحكم خواص اللفظ من عموم وخصوص وحقيقة ومجاز وإطلاق ومعرفة أصول الفقه كالعام والخاص والمطلق والمقيد والنص والظاهر والمجمل والمبين والمنطوق والمفهوم والمحكم والمتشابه، وهى مسائل دقيقة للغاية تغم على عموم الناس من أدعياء الدين طالبى الشهرة ومثيرى الفتنة وجامعى الأموال والدين منهم براء، وهى فى الحق تستلزم التأهيل فى علوم الدين.
وكشفت المحكمة ولأول مرة عن أن المشرع لم يضع تعريفاً للمجتهد، كما أن هناك فراغا تشريعيا – وليس شرعياً – بشأن إيجاد تنظيم تشريعى متكامل لعملية الإفتاء فى المجتمع المصرى وهو ما يسبب مشكلات جمة، فمن يتصدى للفتوى من غير المتخصصين أو ممن ينقصهم اتقان التخصص فإنه ليس بأهل للفتوى ولا يجوز له ذلك، فعلماء الأمة قديماً وحديثاً تواترت آراؤهم على وجوب توافر مواصفات محددة فى المجتهد الذى يجوز له أن يفتى للناس فى أمور دينهم ودنياهم، ونهى غير المتخصصين الذين لا تتوافر فى شأنهم أهلية الاجتهاد أو ممن ينقصهم اتقان التخصص عن التجرؤ على الاجتهاد والإفتاء بدون علم ، لما يترتب على ذلك من مأسى دينية ودنيوية أو الإساءة إلى الإسلام وتشويه صورة المسلمين بين مختلف الشعوب.
شيخ الأزهر: يجوز تهنئة غير المسلمين بأعيادهم وإعطائهم من زكاة الفطر والصدقات
كما سبق لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، التصدى لمثل هذه الفتاوى فى برنامجه الذى كان يقدمه فى عام 2020 “الإمام الطيب”، بالاستدلال على جوازِ تهنئةِ المسلمِ لغيرِ المسلمِ فى أعيادِ الميلادِ وفى الأفراحِ، مستشهدًا بقولِه – تعالى:{لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة: 8]، موضحًا أنَّ العلماء استخرجوا من وحى هذه الآية جوازَ صدقةِ المسلم شرعًا لغير المسلمِ من المسيحيين أو اليهودِ أو المجوسِ، وكذلك زكاة الفطر، والكفارات، والوصية والوقف، وأنَّ بعضُهم يَذكُر فى سببِ نزولِ هذه الآية الكريمةِ أنَّ أسماءَ بنت أبى بكر الصديق -رضى الله عنهما- زارتها أمُّها فى المدينة، وكانت مشركةً، فسألَتْ أسماءُ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- هل تستقبلُ أمَّها وتصلُها، فقال -صلى الله عليه وسلم-: “نعم! صِلى أمَّك”، فإذا كانت صلةُ المسلم للكافر مطلوبةً أيكون مجردُ السلامِ على أهلِ الكتابِ وتهنئتهم منهيًّا عنها؟
شيخ الأزهر أكد فى حديثه أن القرآن الكريم وصف لنا أتباعَ عيسى -عليه السلام- بأنهم الأقرب مودة ورأفةِ ورحمةِ للمؤمنين فى قولِه -تعالى-:{وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [المائدة: 82]، وقوله تعالى: {وَجَعَلْنَا فِى قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً} [الحديد: 27]، متسائلًا أصحاب المذهبِ المتشدِّد: هل ينتظرُ المسلمُ وهو يقرأ هذه الآياتِ الكريمةَ أن تُفاجِئَه آيةٌ أو حديثٌ صحيحٌ يُحرِّمُ عليه تهنئةَ جارِه أو صديقِه المسيحى أو يَنهاهُ عن مُصافَحته؟، وكيف يُبيح القرآنُ للمسلم أن يَتَّخِذَ زوجةً له مسيحيَّةً أو يهوديَّة تَبقَى على دِينِها مع زوجِها المسلمِ، ويكونُ بينهما ما يكونُ بينَ الزوجِ وزوجتِه من المودةِ والرحمةِ والاحترامِ، والعيش الجميل المشترَكِ، وبينهما من الأطفال ما يَزيدُهما حُبًّا وتماسُكًا، وكيف يُبيحُ له القرآن الكريمُ والشريعة الإسلاميةُ كلَّ ذلك ثم يُقال له: احذَرْ من تهنئةِ زوجتِك فى أعيادِ الميلادِ فإنَّه حرامٌ؟! أم أنَّ الزوجةَ المسيحيَّةَ -فى مذهب هؤلاء- مُستَثناةٌ من هذا المنعِ؟ وكيف وعلَّةُ التحريمِ عندَ هؤلاء، وهى عدم الإسلام، واحدةٌ فى الموردين.
مشروع قانون لتنظيم الفتوى فى “درج مجلس النواب”
يشار إلى أنه فى عام 2018 قُدم مشروع قانون لتنظيم الفتوى العامة، بعد أن وافقت لجنة الشئون الدينية والأوقاف بالبرلمان على مشروع قانون تنظيم الفتوى العامة، والمقدم من النائب الدكتور عمر حمروش، بالتوافق عليه مع الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، والدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، والدكتور مختار جمعة، وزير الأوقاف، والدكتور محيى الدين عفيفى، أمين عام مجمع البحوث الإسلامية.
والمشروع تتضمن العقوبات المقررة بأن يعاقب كل من يُصدر مثل هذه الفتاوى الشاذة والمضللة بالحبس مدة لا تزيد عن 6 أشهر وغرامة لا تزيد عن 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفى حالة العودة تكون العقوبة هى الحبس عام وغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ويحظر مشروع القانون التصدى للفتوى العامة إلا إذا كانت صادرة من هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، أو دار الإفتاء المصرية، أو مجمع البحوث الإسلامية، أو الإدارة العامة للفتوى بوزارة الأوقاف، كما يمنح المشروع للأئمة والوعاظ ومدرسى الأزهر الشريف وأعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر أداء مهام الوعظ والإرشاد الدينى العام بما يبين للمصلين وعامة المسلمين أمور دينهم ولا يعد ذلك من باب التعرض للفتوى العامة.
ويتساءل الكثيرين عن أصل شجرة الكريسماس ؟
أصلها فرعوني حيث بدأت منذ آلاف السنين من مصر القديمة وكان يسمي عيد الشجرة أو عيد أوزوريس، وبعدها انتقلت لكل العالم ولكن اختلفت المناسبات في مصر، عن العالم.
وتحكي الأسطورة، كيف غـدر “ست” بأخيه “أوزوريس” الذي كان يبغض فيه الجمال والحكمة والخير فمكر به ودبر مكيدة للقضاء عليه، فاتفق مع أعوانه، أن يقيموا له حفـلاً تمجيدًا لأعماله الخالدة وتكريمًا لذاته وذلك بنية الغدر به. وأنهم أعدوا تابوتًا جميلاً كسوته من الذهب، وزعم “ست” بأنه يقدم هذا التابوت النفيس هدية منه لأي من الحاضرين الذي يأتي على مقاسه ويناسبه، وهكذا جرب كل الحاضرين حظه في التابوت دون جدوى حتى جاء دور “أوزوريس”، وما إن رقد حتى أغلق “سـت” وأعوانه عليه الغطاء ثم حملوا التابوت وألقـوه في النيل، فحمله التيار حتى وصل إلى الشاطئ الفينيقي بمدينة بيبـلوس بجوار شـجرة ضخمة وارفة الظلال حوت التابوت في أحضانها بأمان، وكان في بيبلوس هذه ملكة جميلة هي الإلهة “عشـتروت” التي خرجت ذات يوم تتريض فبهرتها الشجرة الجميلة النادرة فوقفت مشدودة من الدهشة وأمرت بنقلها إلى حديقة قصرها.
“بعد أن عثرت عليه إيزيس طلبت من عشتروت أن تهديها جذع الشجرة الذي يضم تابوت زوجها، فأهـدته لها، وأمرت حراسها أن يحملوا جذع الشجرة إلى سفينة أعدتها لها لتحملها هي وشجرتها المقدسة وتبحر بها إلى أرض مصر”، و”لما وصلت أرض مصر أخرجت الجثة من تابوتها، وكان هناك مظاهر احتفالية بتلك الشجرة”، وظلت تتطور مع مرور الوقت حتى أصبحت شجرة الميلاد من أهم مظاهر الاحتفال برأس العام وكلمة Christmas تتكون من كلمتين الأولي Christ ومعناها المخلص وهو لقب السيد المسيح والكلمة الثانية وهي mas المشتقة من كلمة فرعونية ومعناها ميلاد، وتعد شجرة الصنوبر “التنوب” دائمة الخضرة، رمز إلى الحيوية والحياة المتجددة .