الخطاب الإلهي

من مكارم الأخلاق، تعرف على أهمية الحياء في الإسلام بالدليل من السنة النبوية

الحياء في الإسلام، قد جعل الله تعالى لكل دين من الأديان خلقا يتميز به، فجعل الله خلق هذا الدين دين الحياء.

من عظمة دين الإسلام أنه لم يترك تفصيل في الحياة أو جانب يهم الإنسان إلا وتحدث عنه وبيّنه لنا، لنتعلم القيم الإنسانية ولنميز الخير من الشر والحق من الباطل، فالشريعة الإسلامية دعت إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال ومن ضمن المكارم التي حث عليها الإسلام هي “الحياء”.

الحياء من مكارم الأخلاق

الحياء من مكارم الأخلاق التي حث عليها الإسلام وبعث الله نبيه محمدا -صلى الله عليه وسلم- ليتمم مكارم الأخلاق، قال عليه الصلاة والسلام: (أَكْمَلُ الْمُؤْمِنِينَ إِيمَانًا أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا)(رواه أبو داود بسند صحيح).

الحياء من الأخلاق الحميدة، وسيد الأخلاق المجيدة، وقد جعل الله تعالى لكل دين من الأديان خلقا يتميز به، وجعل خلق هذا الدين دين الإسلام الحياء وهو خلق الإسلام الذي اختص به كما في الحديث؛ فقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَخُلُقُ الْإِسْلَامِ الْحَيَاءُ)[رواه ابن ماجه بسند حسن].

الحياء من مكارم الأخلاق، فيتو
الحياء من مكارم الأخلاق، فيتو

 

مفهوم الحياء

الحياء في اللغة: مأخوذ من الحياة، ولذلك يسمى الغيث حَيَا؛ لأن به حياةَ الأرض والنبات والدواب.

قال العلماء: كما أن الماء حياة الأرض، فكذلك الحياء حياة القلب.. فقلب لا حياء عنده هو قلب لا حياة فيه.

وعلى حسب حياة القلب يكون فيه قوة الحياء، وقلة الحياء من علامات موت القلب، وكلما كان القلب أحيا “يتصف بالحياء” كان أحيا “أتم حياة”.

وأما الحياء في الاصطلاح فهو: «خُلق يبعث صاحبه على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق»[فتح الباري:1/68].. ويدل على هذا المعنى ما جاء في الحديث النبوي (إنَّ مما أدرَكَ الناسُ من كلامِ النبوةِ الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت)(أصله في البخاري).

أهمية الحياء من الله

جعل الرسول عليه الصلاة والسلام الغاية من بعثته هي الدعوة إلى مكارم الأخلاق فقد قال الرسول عليه السلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق).

ومن أهم مكارم الأخلاق “الحياء” فأنها من الأسباب التي ينال بها العبد رحمة الله سبحانه وتعالى، ويتوب الله على من تاب، ويغفر له الذنب.

والحياء يكون من الله، ومن الملائكة، ومن النفس، ومن الناس.. وأعظمها وأنفعها على الإطلاق الحياء من الله سبحانه وتعالى.

ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم به؛ فقال: (استحيوا من الله حق الحياء) قُلنا : يا رسولَ اللَّهِ إنَّا لنَستحيي والحمد لله قالَ : ليسَ ذاكَ، ولَكِنَّ الاستحياءَ منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ أن تحفَظ الرَّأسَ، وما وَعى، وتحفَظَ البَطنَ، وما حوَى، ولتَذكرِ الموتَ والبِلى، ومَن أرادَ الآخرةَ ترَكَ زينةَ الدُّنيا، فمَن فَعلَ ذلِكَ فقدَ استحيا يعني: منَ اللَّهِ حقَّ الحياءِ) أخرجه الترمذي وصححه الألباني.

وجاء إليه رجل فقال: أوصني.. قال: (أوصيك أن تستحي من الله تعالى كما تستحي من الرجل الصالح من قومك) (رواه أحمد في الزهد وحسنه الألباني).

وذلك أن من استحيا من الله حق الحياء لا يفرط في فريضة، ولا يصر على خطيئة لأنه يعلم أن الله ناظره وشاهده ثم هو سائله ومحاسبه، ومقرره فيخجل منه.. وهذا هو الحياء الحقيقي.

وفي حديث معاوية بن حيدة قال: (قلتُ يا رسولَ اللهِ!! عوراتُنا ما نأتي منها وما نذرُ؟ قال: احفظْ عورتَك إلا من زوجتِك أو ما ملكت يمينُكَ. قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ إذا كان القوم بعضُهم في بعضٍ؟ قال: إنِ استطعتَ أن لا يَرينَّها أحدٌ فلا يَرينَّها. قال: قلتُ يا رسولَ اللهِ إذا كان أحدُنا خاليًا؟ قال: اللهُ أحقُّ أن يُستحيا منهُ منَ الناسِ)(رواه ابن ماجه وحسنه الألباني).

قال كعب: “استحيوا من الله في سرائركم كما تستحيون من الناس في علانيتكم”.

الحياء من مكارم الأخلاق، فيتو
الحياء من مكارم الأخلاق، فيتو

 

الحياء خلق الملائكة والمرسلين

الحياء خلق كريم، ولهذا يتصف به أكرم الخلق فهو من صفات الملائكة المكرمين، وسمات النبيين والمرسلين، فقد وصف رسولنا صلى الله عليه وسلم موسى عليه السلام فقال فيما رواه البخاري: (إِنَّ مُوسَى كَانَ رَجُلًا حَيِيًّا سِتِّيرًا، لَا يُرَى مِنْ جِلْدِهِ شَيْءٌ اسْتِحْيَاءً مِنْهُ).

وأما نبينا صلى الله عليه وسلم فقد ملك ناصية الحياء، وبلغ منه ذراه؛ فقد وصفه أصحابه ومنهم أبو سعيد الخدري فقال: (كان رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أشد حياءً من العذراء في خِدْرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه)[رواه أحمد].

قال النووي: “معناه أنه – صلى الله عليه وسلم – لم يكن يتكلم بالشيء الذي يكره لحيائه، بل يتغير وجهه، فنفهم كراهيته، وفيه فضيلة الحياء”.

وعن عائشة رضي الله عنها: (أنَّ امْرَأَةً من الأنصار جاءت تسأل النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عن غُسْلِهَا مِنَ المَحِيضِ، فأمَرَهَا كيفَ تَغْتَسِلُ، قالَ: خُذِي فِرْصَةً مِن مَسْكٍ، فَتَطَهَّرِي بهَا، قالَتْ: كيفَ أتَطَهَّرُ؟ قالَ: تَطَهَّرِي بهَا، قالَتْ: كيفَ؟ قالَت عائشة: فاسْتَحْيا، فأعْرَضَ بوَجْهِهِ، وقال: سُبْحَانَ اللَّهِ، تَطَهَّرِي. قالت عائشة: فَاجْتَبَذْتُهَا إلَيَّ، فَقُلتُ: تَتَبَّعِي بهَا أثَرَ الدَّمِ)(رواهما البخاري).

وقد تعلم الصحابة رضوان الله عليهم من نبيهم الحياء حتى بلغ بعثمان الحياء مبلغا جعل الملائكة تستحيي منه من شدة حيائه، وحتى قال عنه النبي صلوات الله وسلامه عليه: (ألا أسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ المَلائِكَةُ) [أخرجه مسلم].

الحياء منهج حياة

أن الحياء حامل على فعل ما يمدح، عاصم عن فعل ما يستقبح، فمن كساه الحياء ثوبه، لم ير الناس عيبه، وأن من قل حياؤه قبح فعله، ومما يروى عن عمر رضي الله عنه: “من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه”.

وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الحياء منهج حياة، وضابطا للإنسان يضبط به أعماله وأفعاله؛ فعَنْ أبي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ الْبَدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: (إنَّ مِمَّا أَدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ الْأُولَى: إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت)[الْبُخَارِيُّ].

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button