قصص القرآن الكريم ملئ بالعبر والحكم، فهو ليس قصص للتسليه ولكنه لأخذ العبرة والاتعاظ من أحوال الذين سبقونا من أقوام، عاندوا واستكبروا فكان مصيرهم إلى فناء.
وذكر لنا القرآن الكريم قصة نبي الله صالح عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام مع قومه، وكيف عقروا الناقة التي جعلها الله معجزة وبينة رغم تحذير سيدنا صالح لهم، فحل عليهم العذاب من الله بعد ثلاثة أيام من جريمتهم فأهلكتهم.
يقول الله سبحانه وتعالى: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءتْكُم بَيِّنَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوَءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
أرسل الله سبحانه وتعالى نبيه سيدنا صالح إلى قومه “ثمود” ليدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ولكنهم أبوا واستكبروا وعاندوا وطلبوا من سيدنا صالح أن يأتيهم بمعجزة من عند الله ليؤمنوا، وزيادة في العنت طلبوا من نبي الله صالح عليه السلام أن يخرج لهم من صخرة ضخمة -حددوها بأنفسهم- ناقة عشراء –حاملاً- فأخذ عليهم سيدنا صالح عهداً إن تحققت المعجزة أن يؤمنوا به.
ودعا سيدنا صالح الله سبحانه وتعالى واستجاب لدعاءه، وإذا بالصخرة تتحرك ويخرج منها ناقة تحمل في بطنها جنينًا، ولما رأى قومه المعجزة قد تحققت أمن بعضهم وعلى رأسهم رئيس قبيلة ثمود واسمه “جندع بن عمرو” وكذلك آمن أبتاعه، ولكن استمر البعض على كفرهم يضمرون الشر.
وظلت الناقة ترعى في واديهم وتشرب من البئر الموجود هناك، وكانت تشرب يومًا وتتركه يومًا للناس لتشرب منه، وكانوا يشربون لبن الناقة في اليوم الذي تشرب فيه من البئر فيكفي القبيلة كلها كبيرهم وصغيرهم.
ولكن الذين ظلوا على كفرهم وهم تسعة رهط اتفقوا على أن يقتلوا الناقة وابنها ويستأثروا بماء البئر، وحذرهم سيدنا صالح من عاقبة ذلك فلم ينصتوا له، وقام أحدهم ويدعة “سالف بن قدار” برمي الناقة بسهم فخرت على الأرض، ثم أجهزوا عليها وعقروها.
وعندما رأى سيدنا صالح فعلتهم .. قال لهم: {تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ}، وبعد الأيام الثلاثة حل عليهم عذاب الله وجاءتهم صيحة من السماء ورجفة شديدة أسفل منهم فزلزلت الأرض تحت أقدامهم : {فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ}، ونجى الله سبحانه وتعالى سيدنا صالح ومن آمن معه من هذا العذاب.