مفهوم السنة في الآيات القرآنية.. بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء
كلف الله محمد عليه السلام رسولا للناس جميعا، يبلغهم آياته وتشريعاته ومنهاجه، وتكون مهمته تطبيق شرعة الله ومنهاجه، ليكون قدوة للناس جميعا في عبادته وسلوكه وتعامله مع الناس جميعا ، يتأسى المسلمون بأفعاله، ولذلك قال فيه الله سبحانه (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) (الأحزاب -٢١)
لذلك يصبح مفهوم السنة تطبيقاً عمليا لكل ما يتعلق بجميع أحكام الله في القرآن، وتطبيق منهاجه الرباني في كافة معاملاته وعلاقاته مع جميع الناس، وحينما يكلف الله رسولًا من خلقه، فذلك يعني ألا يحيد الرسول عن المهمة المكلف بها، وأن يلتزم بإيصال الأمانة الإلهية لعباده دون تعديل أو إضافة، فنرى في خطاب التكليف قول الله سبحانه مخاطباً رسوله (قُلْ إِنَّمَآ أُنذِرُكُم بِٱلْوَحْىِ ۚ وَلَا يَسْمَعُ ٱلصُّمُّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ) (الأنبياء -٤٥) وأمر الله لرسوله عليه السلام قوله(نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) (ق -٤٥)
هل في هذه الآية شبهة أو تفسير آخر غير ما كلف الله به رسوله عليه السلام، ثم إن مفهوم رسول في اللغة العربية، هو من يقوم بحمل رسالة من المرسل إلى المرسل إليه، وليس له الحق في الزيادة والنقصان على ما تم تكليفه ليوصله لمن أرسل إليه، قضية واضحة لغة وتكليفا ومعنى ومهمة تسليم الأمانة،
ولكن بعض الناس تأخذهم العزة بالإثم، كما حدث للنبي إبراهيم عليه السلام ، كما في القرآن الكريم كما يلي ( قَالُوا أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ﴿62﴾ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِن كَانُوا يَنطِقُونَ ﴿63﴾ فَرَجَعُوا إِلَى أَنفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنتُمُ الظَّالِمُونَ ﴿64﴾ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاء يَنطِقُونَ ﴿65﴾ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ ﴿66﴾ أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴿67﴾ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ ﴿68﴾) (الأنبياء -٦٣/ ٦٨)
ذلك شبيه بموقف من قدس العلماء من دون الله، ولم يتنبه إلى تعظيم كلام الله الذي نطقه الرسول بلسانه عليه السلام، حيث قال الله سبحانه (فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) (الدخان -٥٨)، ولم يلاحظ ما قاله الرسول مباشرة مما أوحي إليه من الآيات في القرآن ، مخاطباً المسلمين بقوله (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (ال عمران – ٣١)
فهل قال الرسول اتبعوا من سميتموهم العلماء الذين أضلوا المسلمين برواياتهم المزورة على الرسول وافتراءاتهم عليه، وما تسببوا به من تفريق المسلمين إلى طوائف وفرق تحارب بعضها بعضا، نشروا الفتن وتم تشريد الملايين من أوطانهم وتخريب ديارهم، تحت شعار الروايات المنسوبة للرسول عليه السلام ظلما وعدوانا، وكأن هؤلاء يرددون ما قاله قوم إبراهيم كما قال الله سبحانه(إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ* قَالُواْ وَجَدْنَآ آباءنَا لَهَا عَابِدِينَ) (الأنبياء -٥٣/٥٤)
فعلى ما يبدو من العبث تغيير تفكير هؤلاء ممن قدسوا الروايات علي كتاب الله، لأن الروايات المزورة على الرسول عليه السلام استحكمت في عقولهم، كما حدث مع السابقين الذين قدسوا البشر وجعلوا منهم أصناما يعبدونها ، دون إدراك لمًا ينتظرهم يوم القيامة ، ومثل آخر من القرآن الكريم يصف أمثال هؤلاء في قول الله سبحانه (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ۖ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ) (الزمر -٤٥)