“معاش مبكر”.. الاستخبارات الأمريكية تعرض على رجالها “المغادرة الطوعية”
![](https://sho3la.com/wp-content/uploads/2025/02/امريكا-مقر-وكالة-الاستخبارات-المركزية-سي-اي-ايه-780x470.jpeg)
فيما قد يصبح هزة غير مسبوقة في مجتمع الاستخبارات الأمريكي، أبلغت وكالة المخابرات المركزية (CIA) موظفيها أنه يمكنهم ترك وظائفهم مع الحصول على ما يقرب من ثمانية أشهر من الأجر والمزايا. وذلك كجزء من حملة الرئيس دونالد ترامب لتقليص حجم الحكومة الفيدرالية.
ونقلت صحيفة “وول ستريت جورنال” عن مساعد لمدير الوكالة، إن وكالة التجسس الأشهر “تقوم أيضًا بتجميد توظيف المتقدمين للوظائف الذين حصلوا بالفعل على عرض مشروط”؛ مضيفًا أن بعض هذه العروض المجمدة “من المرجح أن يتم إلغاؤها إذا لم يكن لدى المتقدمين الخلفية المناسبة لأهداف الوكالة الجديدة”، والتي تشمل استهداف عصابات المخدرات، وحرب ترامب التجارية، وتقويض الصين.
خفض الحكومة
يأتي تقرير عروض المعاش المبكر لرجال ونساء الاستخبارات الأمريكية متوافقًا مع عملية التغيير الشاملة للحكومة التي بدأتها إدارة ترامب الجديدة، والتي طردت وأبعدت مئات الموظفين المدنيين في خطوات نحو تقليص حجم البيروقراطية وتنصيب المزيد من الموالين للرئيس العائد.
وفي وقت سابق من يوم الثلاثاء، رفعت النقابات التي تمثل موظفي الحكومة الأمريكية دعوى قضائية لمنع خطة إدارة ترامب لتقديم عروض المغادرة الطوعية لموظفي الحكومة الفيدرالية.
وقال متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية لشبكة CNN إن القرار كان جزءًا من جهود مدير الوكالة الجديد جون راتكليف “لضمان استجابة القوى العاملة في وكالة المخابرات المركزية لأولويات الأمن القومي للإدارة”، وأنه “جزء من استراتيجية شاملة لتزويد الوكالة بطاقة متجددة”.
ويعتبر موظفو الحكومة الأمريكية -باستثناء العاملين في مكاتب البريد- أكبر قوة عاملة في البلاد بأكثر من 2.4 مليون موظف؛ والأسبوع الماضي، عرض البيت الأبيض على مليوني موظف فيدرالي مدني بدوام كامل فرصة التوقف عن العمل هذا الأسبوع وتلقي الأجور والمزايا حتى 30 سبتمبر، في الوقت الذي يسعى فيه ترامب إلى خفض حجم الحكومة.
وذكرت شبكة CNN أن إدراج وكالة المخابرات المركزية في هذا البرنامج “يبدو أنه كان قرارًا حديثًا”، نقلًا عن مصدر قال إن مسؤولي الوكالة كانوا يحاولون مؤخرًا تحديد ما إذا كان سيتم إدراجهم في هذا التخفيض الرئاسي.
وبينما لم تكشف الوكالة عن ميزانيتها أو عدد الأشخاص الذين توظفهم، نقلت CNN عن مصدر آخر إنه من غير الواضح من سيُسمح له من رجال الاستخبارات بقبول العرض، وقد يتم تقييد بعض العملاء أو ذوي مجالات الخبرة المحددة.
فقدان الخبرات
يرى خبراء ومراقبون أن تنفيذ وكالة الاستخبارات المركزية لخطة المغادرة الطوعية على نطاق واسع قد يكون له تأثيرات جوهرية على عمليات الوكالة وبنيتها التنظيمية. حيث تعتمد بشكل أساسي على كوادرها البشرية المدربة في جمع وتحليل المعلومات الاستخباراتية وتنفيذ العمليات السرية في الخارج “مما يعني أن فقدان عدد كبير من موظفيها، لا سيما ذوي الخبرة، قد يترك فراغًا كبيرًا يصعب تعويضه بسرعة”، كما أشارت إذاعة “مونت كارلو” الدولية.
ويشير بعض المراقبين إلى أن التأثير الأكثر خطورة لهذه الخطوة هو فقدان الخبرات التراكمية داخل الوكالة حيث يعتمد العمل الاستخباري على المعرفة المتراكمة التي يكتسبها الضباط والمحللون عبر سنوات طويلة من العمل الميداني. وبالطبع، فإن تدريب كوادر جديدة يحتاج إلى وقت طويل، وسيؤدي إلى ثغرات أمنية يستغلها خصوم الولايات المتحدة، ويذهب بعض المحللين إلى أن فقدان هذه الكوادر قد يؤدي إلى تراجع مستوى التحليل الاستخباراتي، مما قد يؤثر على قرارات السياسة الخارجية الأمريكية؛ حسب التقرير.
وبينما قد تحاول الوكالة تعويض هذا النقص عبر التوسع في استخدام التكنولوجيا الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، إضافة إلى الاستخبارات الإلكترونية والعمليات السيبرانية التي قد تساعد في سد بعض الفجوات التشغيلية. لكن بالرغم من أهمية هذه الأدوات، إلا أن التكنولوجيا وحدها لا تستطيع تعويض الخبرة البشرية، خصوصا في المجالات التي تعتمد على التجسس البشري والعلاقات الميدانية، مثل اختراق الشبكات المعادية أو تنفيذ العمليات السرية الحساسة.