توب ستوريفن ومنوعات

مدينة العيون.. وجهة سياحية منسية في تونس

تحتوي منطقة العيون في الوسط الغربي التونسي جميع مقوّمات الوجهة السياحية البيئية والترفيهية، لتوفّر المناظر الطبيعية الخلّابة والجبل والغابة وعيون الماء الجارية، لكنها تشكو إهمالا من السلطات الرسمية، بحسب ما يؤكده نشطاء وأهالي المنطقة.

وسُمّيت العيون، الواقعة في محافظة القصرين، نسبةً إلى العدد الكبير من العيون المتدفّقة منها، وقد كانت إلى وقت قريب وجهة سياحية بالنظر إلى توفّر المسالك الجبلية والغابات والبحيرات والعيون، إضافة إلى الثروة الأثرية، لكنها تراجعت بعد ثورة 2011 وباتت تشكو الإهمال، ما زاد من معاناة المنطقة المصنّفة كأفقر مناطق تونس، بحسب الإحصائيات الرّسمية.

واعتبر الناشط منجي القاسمي، في تصريح لـه، أن ما تزخر به الجهة من مناظر طبيعية يمكن أن يجعلها من أكبر الوجهات السياحية لأصدقاء الطبيعة والبيئة، إذ كان المكان المعروف بـ “عين السلسلة”، تحديدًا، وجهة السّياح الأجانب والرحلات المدرسية، والمكان المُفضّل للكشّافة والمواطنين الباحثين عن الفسحة والترفيه عن النفس، في غياب الفضاءات المخصصة لذلك.

وأضاف القاسمي أن عدم الاهتمام بالمنطقة جعلها تفقد بريقها كوجهة سياحية لمواطني محافظة القصرين، وحتى المناطق المجاورة، رغم تخصيص موازنة مالية لتهيئة وتوسعة المبيت والمطعم والملعب الرياضي وكل المرافق الموجودة في هذه المنطقة، وفق تعبيره.

مدينة العيون في تونس
مدينة العيون في تونسمتداول

وأكد الناشط أن إعادة بريق المنطقة الغابية تساهم في تحريك الدورة الاقتصادية، وتوفر مواطن شغل مباشرة وغير مباشرة لأهالي المنطقة المصنّفة الأفقر على المستوى الوطني، وأضاف أن “هذه المنطقة جبليّة تُعرف بنسبة فقر مرتفعة وبالظروف الاجتماعية المتردية، رغم ما تمتلكه من موارد طبيعية قادرة على النهوض بالتنمية وبالمستوى المعيشي فيها.

وتابع القاسمي أنه من الضروري اليوم تضافر كل الجهود للتعريف بالمسالك الطبيعية السياحيّة، وتسهيل النفاذ إليها وتنظيمها وتأطيرها مع الحفاظ على مكوّناتها.

استراتيجية تسويق

ويعتبر رئيس جمعية “شباب فاعل”، بلال منصوري، أن السياحة البيئية في محافظة القصرين مرتبطة ارتباطا وثيقا برؤية جمعيته التي تعمل على التعريف بالموروث الجبلي والسياحة البديلة، وهو ما يساهم في دفع العجلة الاقتصادية في جهة معروفة بهشاشة نظمها الاقتصادية والاجتماعية.

وقال المنصوري إن أنشطة الجمعية التي تتمثل في زيارات ميدانية وتخييم بالمناطق الجبلية والبحيرات، فضلا عن إنتاج ومضات إشهارية وترويجها على أوسع نطاق للتعريف بثروات الجهة، يضفي على هذه المناطق حركية كبيرة، خاصة أثناء الزيارات التي يؤديها شركاء الجمعية من الأجانب.

وتعمل الجمعية على توظيف هذا النوع من السياحة في خدمة البيئة محليًا لتحقيق تنمية عادلة، وذلك بالعمل على تنمية قدرات المتساكنين المحلييّن، لتحسين ظروف العيش والتشجيع على الاستثمار في المجال البيئي والزراعي، مثلما يحصل في منطقة الأجرد وغيرها من المناطق الريفية المجاورة.

سياحة هادفة ومسؤولة

ويصف المنصوري السياحة البيئيّة بأنها “سياحة هادفة ومسؤولة”، مبينًا أنها تستهدف ثلاث فئات اجتماعية، هي: السكّان المحليون من حرفيين، والزوّار من مستكشفين تونسيين وأجانب، إضافة إلى الفاعلين المحليين مثل الدليل السياحي والناشطين في المجتمع المدني وكل المواطنين.

ويتّفق الفاعلون في مجال السياحة البديلة وتثمين الثروات الطبيعية والثقافية على بعض المعوقات الرئيسيّة، مثل ضعف الجهود المحلية لاستثمار كل هذه المقومات التي تملكها المنطقة، إضافة إلى غياب الاستراتيجيات اللّازمة للترويج للمنتوجات المحليّة، وغياب الوعي بقيمتها الغذائية والصحيّة، رغم أهميتها وارتفاع الطلب عليها في الأسواق العالمية.

ويقترح الفاعلون في هذا الإطار ضرورة تثمين الثروات الكبيرة الموجودة في محافظة القصرين واستغلالها، ما ينعكس إيجابا على كافة المؤشرات المتعلقة، خاصة بالجانبين الاقتصادي والاجتماعي.

وتعتبر السياحة البديلة في المناطق الداخلية التونسية خصوصا توجها ذا مستقبل واعد، وهي دافع مهم للتنمية المستدامة وتطوير الوضع الاقتصادي الذي يشهد ركودًا، رغم تطوره في مناطق أخرى، إذ أصبح ركيزة دورتها التنموية. وفي المقابل، لا يزال القطاع يشهد إهمالا من قبل مؤسسات الدولة، في ظل غياب قوانين تشجع على الاستثمار وتنظم السياحة البديلة وتحفزها.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button