متظاهرون في لبنان يطالبون بتغيير النظام السياسي القائم علي المحاصصة
تدخل المظاهرات اللبنانية يومها العاشر، اليوم، مطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ومكافحة الفساد، إلا أن تلك المظاهرات التي خرجت بمطالب اقتصادية واجتماعية في البداية تطورات إلى مطالبات بإسقاط النظام، كما طالبت قطاعات من المحتجين بإعادة النظر في بنية النظام السياسي القائم على المحاصصة الطائفية.. حيث يكتسب النظام السياسي الحالي في لبنان جزءا كبيرا من تكوينه السياسي من الميثاق الوطني الصادر عام 1943، والذي حاول “اتفاق الطائف” المصدق عليه في 22 أكتوبر من عام 1989 تلافي بعض سلبياته، الاتفاق الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، وهو نظام جمهوري برلماني توافقي طائفي اعتمد في البداية على تعداد السكان عام 1932، وأعيد النظر في مرات لاحقة مسألة النسبة بين المسيحيين والمسلمين بحسب تعدادات لاحقة.
ويتكون النظام السياسي مما اصطلح عليه في لبنان بـ”الرئاسات الثلاث”، وهي: رئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزارء ورئيس البرلمان، ولعل إعلاء مصطلح “الرئاسات الثلاث” يعكس مكانة كل رئيس منهم داخل منظومة الحكم كان اختيارهم يأتي على أساس طائفي.
رئيس جمهورية لبنان مسيحي
لا يتمتع بصلاحيات واسعة مقارنة برئيس الوزراء، ولا بد أن يكون من طائفة المسيحيين الموارنة وينتخب بشكل غير مباشر، أي من قبل مجلس النواب لولاية واحدة فقط تمتد لـ 6 سنوات.
ونتيجة لصراعات الأحزاب السياسية والأبعاد الطائفية، دائما ما تكون هناك خلافات كبيرة داخل البرلمان اللباني بشأن انتخاب رئيس جديد والتوافق عليه، حتى أن الرئيس اللبناني الحالي ميشال عون اننتخب بعد فراع منصب رئيس الجمهورية اللبنانية لنحو سنتين ونصف.
رئيس الوزراء مسلم سُني
بحسب النظام السياسي اللبناني يشترط أن يكون رئيس الوزراء مسلم سني، ويكلفه رئيس الجمهورية بتشكيل الحكومة بالتشاور مع أعضاء مجلس النواب المنتخبين وموافقتهم.
وعادة ما تشكل الحكومة اللبنانية بشكل توافقي للكتل الممثلة في البرلمان، لكن شريطة أن يبقى منصب رئيس الوزراء حصرا في المسلمين السنة.
ونتيجة أيضا للخلافات الحزبية والطائفية عادة ما يأتي تشكيل الحكومة بعد صعوبات طويلة، ومثال على ذلك رئيس الوزراء اللبناني الحالي سعد الحريري لم ينجح في الحصول على ثقة البرلمان وتشكيل حكومته، إلا بعدة عدة أشهر من إجراء الانتخابات النيابية.
رئيس السلطة التشريعية مُسلم شيعي
يمثل مجلس النواب السلطة الشريعية في لبنان ويشترط أن يأتي على رأس المجلس مسلم لكن من الطائفة الشيعية، وفي الوقت الحالي هو نبيه بري.
ويتم انتخاب مجلس النواب بشكل مباشر من قبل الشعب لمدة 4 سنوات.
تأتي أزمة الكتل السياسية اللبنانية أنها رغم حملها نفس مسميات الأحزاب إلا أنها عادة ما تعبر عن الكتل الطائفية أوالعائلات السياسية بالأساس، أكثر منها الحزبية بالمعنى المتعارف عليه.
محلل سياسي لبناني: المواطنون يريدون انتخابات جديدة وتعيين حكومة كفاءات ومتخصصين مصغرة
ويرى المنادون بتغيير النظام في لبنان أن النظام الطائفي كانت سلبياته أكثر من إيجابياته، وفي هذا السياق يرى المحلل السياسي اللبناني محمد سعيد الرز، أن المطالب بتغيير النظام الحالي تأتي نتيجة لتماهي السلطات المتعاقبة في الطائفية على حساب أي شيء آخر، وهذا أدى بالنهاية، بحسب تصريحه لـ”الوطن”، إلى الوضع الصعب الذي يعيشه اللبنانيون الآن.
وأضاف “الرز”: “حين يقول اللبنانيون إنهم يريدون إسقاط النظام، فإنهم يقصدون أن يتم مجابهة النظام الطائفي، أي أن يتم تقسيم لبنان إلى دائرة سياسية واحدة تقوم على مبدأ الوطنية والتكافؤ، وليس تقسيمها في الانتخابات إلى دوائر ترتبط بالتمركزات الطائفية، ويكون انتخاب كل شخص على أساس برنامج على مستوى الوطن ككل وليس على مستوى تجمع طائفي”.
وقال المحلل السياسي اللبناني: “اللبنانيون حين يطلبون تغيير النظام، فإنهم يريدون إجراء انتخابات جديدة نيابية، ووتشكيل حكومة مصغرة من المتخصصين والكفاءات بعيدة عن الحسابات الطائفية”.
وتبقى مسألة تغيير النظام دوما معضلة لها كثير من التبعات السليبية بحسب التجربة العربية في السنوات الماضية، ما دفع ربما الرئيس اللبناني ميشال عون إلى التحذير من دعوات إسقاط النظام من خلال الاحتجاجات وذلك في خطابه الأخير.