مبادرات عابرة للقارات.. غرس الإمارات الإنساني «يثمر» حول العالم
تحيي دولة الإمارات، الإثنين، اليوم الدولي للعمل الإنساني، في وقت بدأ فيها العالم يجني ثمار مبادراتها الإنسانية الملهمة.
مبادرات عابرة للحدود والقارات تطلقها الإمارات وقيادتها تباعاً لنشر الخير في العالم ودعم المحتاجين ومواجهة أبرز التحديات التي تواجه البشرية، وعلى رأسها ندرة الماء والجوع والعمل على تعزيز الأمن الغذائي ومكافحة الأمراض المعدية ودعم تعليم وتأهيل ملايين الأفراد حول العالم.
وبمناسبة اليوم العالمي للعمل الإنساني الذي يصادف 19 أغسطس/ آب من كل عام ترصد “العين الإخبارية” أبرز تلك المبادرات:
مبادرة إرث زايد
مكاسب بالجملة ستتحقق للعالم والإنسانية، من مبادرة “إرث زايد الإنساني”، التي أمر الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، 29 مارس/أذار الماضي، بإطلاقها بقيمة 20 مليار درهم تخصص للأعمال الإنسانية في المجتمعات الأكثر حاجة حول العالم، وذلك تزامناً مع “يوم زايد للعمل الإنساني” وفي الذكرى العشرين لرحيل المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
وفي أولى ثمار تلك المبادرة، أعلنت الإمارات، 18 يوليو/تموز الماضي، عن إطلاق “برنامج مستشفيات الإمارات العالمية” بهدف تحسين الرعاية الصحية حول العالم.
ويستهدف البرنامج بناء 10 مستشفيات خلال العقد المقبل، مخصصة لتلبية الاحتياجات الصحية المتخصصة للمجتمعات المستفيدة بدعم مالي يبلغ حوالي 550 مليون درهم.
وأكد الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية أن أول ثمار برنامج الإمارات الدولي لدعم المستشفيات هو إطلاق مستشفى الإمارات – إندونيسيا لأمراض القلب.
ويجرى حالياً بناء “مستشفى الإمارات – إندونيسيا لأمراض القلب” في مدينة سورا كارتا “سولو” جاوة الوسطى.
مبادرة محمد بن زايد للماء
لمواجهة التحدي العالمي العاجل المتمثل في ندرة الماء، تم إطلاق “مبادرة محمد بن زايد للماء” يوم 29 فبراير/شباط الماضي، تنفيذاً لتوجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وتهدف المبادرة إلى تعزيز الوعي بأهمية أزمة ندرة المياه وخطورتها على المستوى الدولي بجانب تسريع تطوير حلول تكنولوجية مبتكرة لمعالجتها، إضافة إلى اختبار فاعلية هذه الحلول لمواجهة هذا التحدي العالمي المتفاقم.
كما تستهدف المبادرة تعزيز التعاون مع الشركاء والأطراف المعنية في العالم لتسريع وتيرة الابتكار التكنولوجي للتعامل مع ندرة المياه وتوسيع نطاق التعاون الدولي، والسعي إلى زيادة الاستثمارات الهادفة إلى التغلب على هذا التحدي لما فيه خير الأجيال الحالية والمستقبلية.
وفي إطار تنفيذ أهداف المبادرة، شهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، مطلع مارس/أذار الماضي الإعلان عن شراكة بين “مبادرة محمد بن زايد للماء” ومؤسسة “إكس برايز” الأمريكية، بهدف إطلاق مسابقة “إكس برايز للحد من ندرة المياه” التي ستمولها المبادرة بمبلغ 150 مليون دولار، وتتضمن جوائز تصل قيمتها الإجمالية إلى 119 مليون دولار، لتحفيز المبتكرين حول العالم على تقديم حلول فاعلة ومستدامة وتطويرها لتعزيز كفاءة تقنيات تحلية المياه وتكلفتها.
وتعد الإمارات من أبرز المساهمين في تمويل وتنفيذ مشروعات توفير مياه شرب النظيفة للمحتاجين حول العالم، وذلك عبر مجموعة من المؤسسات مثل صندوق أبوظبي للتنمية، ومؤسسة “سقيا الإمارات”، وهيئة الهلال الأحمر الإماراتي، وغيرها من الجهات الوطنية الناشطة في هذا المجال.
وقف الأم.. 1.4 مليار درهم
أيضاً يحل اليوم العالمي للعمل الإنساني، فيما يواصل أهل الإمارات دعم مبادرة “وقف الأم”، التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي 4 مارس/أذار الماضي بالتزامن مع شهر رمضان المبارك، بهدف تكريم الأمهات في دولة الإمارات، من خلال إنشاء صندوق وقفي بقيمة مليار درهم، لدعم تعليم ملايين الأفراد حول العالم بشكل مستدام.
وفي 2 أبريل/نيسان الماضي، أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نجاح الحملة في تخطي مستهدفاتها خلال أقل من شهر من إطلاقها، مؤكداً أن الحملة مستمرة وأن باب المساهمة سيبقى مفتوحاً طيلة العام.
ووصلت المساهمات في حملة “وقف الأم” خلال شهر واحد من إطلاقها إلى مليار و484 مليون درهم.
وأكد الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم أن نجاح حملة “وقف الأم” في تخطي مستهدفاتها في وقت قياسي، يؤكد دائماً وأبداً أن العطاء جزء من فطرة أهل الإمارات ومبادئهم وسلوكياتهم، مشيراً إلى أن المجتمع الإماراتي أفراداً ومؤسسات قدموا نموذجاً يحتذى في البذل والعطاء، وهم جزء من منظومة الإمارات القيمية وهويتها الإنسانية.
المؤتمر الإنساني العالمي.. مبادرات بالجملة
أيضاً على صعيد دعم الأعمال الإنسانية، استضافت أبوظبي في الفترة من 23 إلى 25 أبريل/نيسان، أعمال المؤتمر العالمي للأعمال الإنسانية الآسيوية 2024 (AVPN)، تحت رعاية الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس الشؤون الإنسانية الدولية.
واختتم المؤتمر بإطلاق العديد من المبادرات من أبرزها:
– الإعلان عن تخصيص المؤسسات الإماراتية صناديق تمويل بقيمة إجمالية بلغت 125 مليون دولار التزاماً منها بدعم الصحة العالمية والحد من الفقر والحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، بالإضافة إلى عقد اتفاقية مهمة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا وكازاخستان للحد من التلوث بالمواد بالبلاستيكية.
– أعلنت دولة الإمارات التزامها بتقديم 50 مليون دولار لدعم المرحلة الثانية من صندوق العيش والمعيشة (LLF 2.0)، وهي مبادرة إنمائية يسهم فيها العديد من المانحين لدعم الدول الأعضاء في البنك الإسلامي للتنمية من أجل تنفيذ مشاريع مستدامة لانتشال الفئات الأشد فقراً من دائرة الفقر.
– أعلنت مبادرة “بلوغ الميل الأخير” التي تشمل مجموعة من البرامج الصحية العالمية التي تقودها الأعمال الإنسانية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، الالتزام بتقديم تمويل بقيمة 15 مليون دولار للمعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية (غلايد) والذي يتخذ من أبوظبي مقراً له، وهي ثاني منحة منذ إطلاق المعهد في عام 2019.
وتؤكد المنحة التزام مبادرة “بلوغ الميل الأخير” بأهداف المعهد العالمي للقضاء على الأمراض المعدية في بناء عالم خالٍ من الأمراض المعدية التي يمكن الوقاية منها، وتؤكد دور أبوظبي كشريك في تعزيز الرعاية الصحية والتنمية العالمية المبتكرة والشاملة.
– أعلنت وزارة التغير المناخي والبيئة في دولة الإمارات ووزارة البيئة والغابات في إندونيسيا عن إطلاق مبادرة تاريخية من خلال توقيع مذكرة تفاهم بالتعاون مع منظمة “كلين ريفرز” العالمية غير الربحية المتخصصة في مكافحة تلوث الأنهار بالمواد البلاستيكية، الشريك التنفيذي لمواجهة التحديات البيئية الملحّة التي يفرضها تسرب النفايات البلاستيكية إلى المحيطات التي تطل عليها إندونيسيا.
– تم خلال المؤتمر الإعلان عن إسهام الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بمبلغ 40 مليون دولار لصندوق محمد بن زايد للحفاظ على الكائنات الحية.
وقام صندوق محمد بن زايد، الذي أنشأه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان في عام 2009، بدعم برامج متكاملة للحفاظ على الكائنات في 170 دولة.
ومن المتوقع أن يسهم هذا الدعم الجديد في زيادة وتعزيز وقف الصندوق إلى أكثر من 70 مليون دولار بحلول عام 2028.
– تم خلال المؤتمر توقيع مؤسسة زايد للأعمال الخيرية والإنسانية مذكرة تفاهم مع حكومة مدينة أستانا في جمهورية كازاخستان (أكيمات) لتأسيس مركز لتأهيل الأطفال من ذوي الهمم.
– أعلنت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية عن خطط لتمويل الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من أجل تطوير المشروعات التي تعزز قدرات رواد الأعمال الشباب في الدول الأقل نموا في العالم.
وخصصت المبادرة تمويلا بقيمة 27 مليون دولار لتمكين الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من تنمية أعمالها من أجل المساهمة في التنمية الاقتصادية.
– توقيع مذكرة تفاهم بين الشبكة الآسيوية للأعمال الإنسانية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لاستكشاف طرق الاستفادة من التمويل المبتكر والترتيبات المالية التي لا تمثل مساعدات إنسانية تقليدية قائمة على الجهات المانحة لتعزيز جودة حياة النازحين قسرا عبر آسيا.
الأمن الغذائي.. قمة عالمية
واستكمالاً لدورها في مواجهة أبرز تحديات البشرية وعلى رأسها الجوع والعمل على تعزيز الأمن الغذائي، تستضيف أبوظبي للمرة الأولى القمة العالمية للأمن الغذائي يومي 26 و27 نوفمبر 2024، في مركز أدنيك أبوظبي، ضمن فعاليات أسبوع أبوظبي للزراعة والأمن الغذائي.
تعقد القمة تحت رعاية الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس دولة الإمارات، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية.
وتُنظِّم القمة مجموعة أدنيك، بشراكة استراتيجية مع هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، ومجموعة مصنّعي الأغذية والمشروبات، شريك المعرفة، بهدف تعزيز الحوار والخطوات العملية الملموسة لبناء نظام غذائي عالمي مستدام والقضاء على الجوع.
وتستقطب القمة كوكبة من الخبراء وصنّاع القرار لمناقشة الحلول المبتكرة بهدف تعزيز منظومة الأمن الغذائي العالمية، حيث تركِّز على محاور وطنية وإقليمية ودولية، وتوفِّر منصة لتبادل أفضل الممارسات والابتكارات في قطاع الأمن الغذائي، ما يدعم الجهود الدولية للقضاء على الجوع، وتعزيز مكانة دولة الإمارات كمركزٍ لإدارة الحوارات والنقاشات والمبادرات في مجال الأمن الغذائي العالمي.
مقومات النجاح
مبادرات إنسانية تنطلق من الإمارات عاصمة الإنسانية للعالم أجمع، تملك هي ومثيلاتها مقومات وأسباب نجاحها، ولا سيما بعد صدور المرسوم الاتحادي بشأن تشكيل “مجلس الشؤون الإنسانية الدولية”، الذي يُعنَى بإعداد ومراجعة السياسة العامة للشؤون الإنسانية الدولية، والإشراف العام على منظومة الشؤون الإنسانية الدولية، ومتابعة إعداد وتنفيذ الخطط والمبادرات والمشروعات ذات العلاقة، ووضع تصوُّر مستقبلي للشؤون الإنسانية الدولية وتحديد الأطر العامة لتنفيذه من قِبَل الجهات المختصة، وإعداد الموازنة متوسطة الأجل للشؤون الإنسانية الدولية، وإجراء مراجعة دورية لأولويات التعاون التنموي، واتخاذ القرارات المتعلِّقة بالخطط والمبادرات والمشروعات ذات الصلة بالشؤون الإنسانية الدولية.
من أبرز تلك الأسباب والمقومات:
1- وجود قواعد قوية وأسس متينة للعمل الإنسانية ممثلة في إرث ومبادئ المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان التي تعلي قيمة التضامن الإنساني وتحث عليه.
2- وجود قائد ملهم داعم للعمل الإنساني والخيري والتنموي العالمي مثل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات.
ويسجل تاريخ الإنسانية بأحرف من نور للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عددا من المبادرات التاريخية والمواقف الإنسانية التي تعزز ريادة الإمارات إنسانياً.
ولا تكاد تمر فترة قليلة، إلا ويحصد العالم ثمار المبادرات الإنسانية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، التي تترجم مفهوم الأخوة الإنسانية ونشر التسامح والسلام.
3- وجود حكومة داعمة للخير والإنسانية يقودها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، التي رسمت أطراً تشريعية وتنفيذية لترسيخ دور الإمارات كعاصمة إقليمية وعالمية للعمل الإنساني، وخدمة البشرية، وتعزيز قيم وثقافة الخير في المجتمع.
الأمر الذي ترجم على أرض الواقع باحتلال الإمارات لسنوات عديدة المركز الأول عالمياً كأكبر جهة مانحة للمساعدات الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي، فيما بلغت حجم المساعدات الإماراتية الخارجية منذ تأسيسها وحتى عام 2021 نحو 320 مليار درهم في 201 دولة.
4- شعب الإمارات المعطاء المحب للخير والعطاء والذي يعد قيمة إنسانية مستدامة تتجاوز حدود الجغرافيا لتمد يد العون للمحتاجين في مختلف أنحاء العالم.
5- تميز العمل الإنساني في الإمارات بأنه عمل مؤسسي يقوم على النهوض به عشرات من الجهات الرسمية والأهلية.
6- امتلاك الإمارات تجربة ملهمة وفريدة في دعم العمل الإنساني.
8- وجود خارطة طريق إماراتية لتعزيز استدامة عطاء الإمارات الإنساني وتعزيز ريادتها يظهر في توجيهات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان و”مبادئ الخمسين” التي تعد خارطة طريق استراتيجية لتحقيق الريادة الإماراتية بمختلف المجالات، ومنها المجال الإنساني، للخمسين سنة المقبلة.
وتعكس المبادئ العشرة الواردة في وثيقة “مبادئ الخمسين”، روح اتحاد الإمارات وقيمه السامية المتمثلة في التسامح والتعايش والخير والعطاء الإنساني التي شكلت ركائز أساسية في مسيرة دولة الإمارات، كما تعبر عن تطلعاتها للمستقبل وطموحها الكبير لتحقيق الريادة العالمية، وصولا لتحقيق هدفها في “مئوية الإمارات 2071” بأن تكون أفضل دولة في العالم، وأكثرها تقدماً.