ما هي السبع الموبقات التي حذرنا منها النبي، وما معناها؟
حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، من المهلكات السبع التي هي من كبائر الذنوب في الإسلام.
فالكبائر هي: كل ما كبر من المعاصي وعظم من الذنوب مثل: الإشراك بالله تعالى، وترك الصلاة، وترك الزكاة، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، والسحر، وعقوق الوالدين، والربا، والزنا، ويمين الغموس.. وتتفاوت درجاتها من حيث القبح وعظم الجرم، والسبع الموبقات هي أعظمها.
مفهوم الموبقات
أولا: في اللغة: يُقَال: “وبَق” بفتح الباء، “يبِق” بِكَسْرِ الباء: بمعنى: هلك، و”أوبق غَيره”: أي أهلك غيره. الموبقات.
ثانيا في الاصطلاح: هي المُهلكات التي تسبب الهلَكَة لصاحبها، لذلك وصفت بالموبقات أي المهلكات، وإلا فهي من جملة الكبائر.
السبع الموبقات التي حذرنا منها النبي
حذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهلكات السبع التي هي من كبائر الذنوب في الإسلام فجاء في الحديث:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- مرفوعاً: “اجتنبوا السبع المُوبِقَات، قالوا: يا رسول الله، وما هُنَّ؟ قال: الشركُ بالله، والسحرُ، وقَتْلُ النفسِ التي حَرَّمَ الله إلا بالحق، وأكلُ الرِّبا، وأكلُ مالِ اليتيم، والتَّوَلّي يومَ الزَّحْفِ، وقذفُ المحصناتِ الغَافِلات “.
كل ذنب يوجب إقامة الحد على مرتكبه هو كبيرة، وسميت للكبيرة لأنها معصية للكبير سبحانه وتعالى.
السبع الموبقات بالدليل من القرآن والسنة
1.الشرك بالله
الشرك ذنب من كبائر الذنوب لا يغفره الله تعالى ويغفر ما دونه لمن يشاء، مصداقا لقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يَغفِرُ أَن يُشرَكَ بِهِ وَيَغفِرُ ما دونَ ذلِكَ لِمَن يَشاءُ وَمَن يُشرِك بِاللَّهِ فَقَدِ افتَرى إِثمًا عَظيمًا﴾ [النساء: ٤٨]
2. السحر
السحر من كبائر الذنوب ، ويعد السحر باب من أبواب الشرك بالله سبحانه وتعالى، مصداقا لقوله تعالى:
﴿وَاتَّبَعوا ما تَتلُو الشَّياطينُ عَلى مُلكِ سُلَيمانَ وَما كَفَرَ سُلَيمانُ وَلكِنَّ الشَّياطينَ كَفَروا يُعَلِّمونَ النّاسَ السِّحرَ وَما أُنزِلَ عَلَى المَلَكَينِ بِبابِلَ هاروتَ وَماروتَ وَما يُعَلِّمانِ مِن أَحَدٍ حَتّى يَقولا إِنَّما نَحنُ فِتنَةٌ فَلا تَكفُر فَيَتَعَلَّمونَ مِنهُما ما يُفَرِّقونَ بِهِ بَينَ المَرءِ وَزَوجِهِ وَما هُم بِضارّينَ بِهِ مِن أَحَدٍ إِلّا بِإِذنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمونَ ما يَضُرُّهُم وَلا يَنفَعُهُم وَلَقَد عَلِموا لَمَنِ اشتَراهُ ما لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن خَلاقٍ وَلَبِئسَ ما شَرَوا بِهِ أَنفُسَهُم لَو كانوا يَعلَمونَ﴾ [البقرة: ١٠٢].
وحذرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم السحر والعمل به ،فقد جاء في الحديث : عن أبو هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « أتى ساحرًا أو كاهنًا فصدَّقه بما يقولُ، أو أتى حائضًا أو امرأةً في دُبُرِها فقد بَرِئَ مما أُنزِلَ على محمدٍ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم-، أو كفَر بما أُنزِلَ على محمدٍ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم» .
3.قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
توعد الله من يقتل نفسًا بريئة بالخلود الدائم في النار ، فالقتل ظلمًا وعدوانا من أعظم الذنوب ومن الكبائر، مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَمَن يَقتُل مُؤمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِدًا فيها وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذابًا عَظيمًا﴾ [النساء: ٩٣]
وكذلك حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من القتل فجاء في الحديث:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه : عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو من يقتل مؤمنا متعمدا » . رواه أبو داود.
4.أكل الربا
الربا فيه فساد كبير للمجتمع وظلم وأخد مال حرام ، وله نتيجة كبيرة على الناس فهي تؤدي بكثير منهم إلى الفقر، مصداقا لقوله تعالى: ﴿الَّذينَ يَأكُلونَ الرِّبا لا يَقومونَ إِلّا كَما يَقومُ الَّذي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيطانُ مِنَ المَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُم قالوا إِنَّمَا البَيعُ مِثلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ البَيعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَن جاءَهُ مَوعِظَةٌ مِن رَبِّهِ فَانتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ وَأَمرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَن عادَ فَأُولئِكَ أَصحابُ النّارِ هُم فيها خالِدونَ﴾ [البقرة: ٢٧٥].
وقوله تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَروا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِن كُنتُم مُؤمِنينَ﴾ [البقرة: ٢٧٨]
وحذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الربا، فعنْ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال : « لَعَنَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ».
5.أكل مال اليتيم
حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على مساعدة اليتيم وكفالته فقال عليه السلام «أنا وكافِلُ اليَتِيمِ في الجَنَّةِ هَكَذا وقالَ بإصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ والوسطى »، وحذر الله ورسوله من أكل مال اليتيم وقهره ووعد من يقوم بأكل مال اليتيم بالعذاب الشديد، مصداقا لقوله تعالى:
﴿وَآتُوا اليَتامى أَموالَهُم وَلا تَتَبَدَّلُوا الخَبيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأكُلوا أَموالَهُم إِلى أَموالِكُم إِنَّهُ كانَ حوبًا كَبيرًا﴾ [النساء: ٢]
﴿إِنَّ الَّذينَ يَأكُلونَ أَموالَ اليَتامى ظُلمًا إِنَّما يَأكُلونَ في بُطونِهِم نارًا وَسَيَصلَونَ سَعيرًا﴾ [النساء: ١٠]
6. التولي يوم الزحف
التولي يوم الزَّحف هو الفرار ساعة المعركة بسبب الخوف مما يسبب بإضعاف وخذل جيش المسلمين ولقد حذر من ذلك الرسول صلى الله عليه وسلم وعده من الموبقات السبع. قال تعالى : ﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا إِذا لَقيتُمُ الَّذينَ كَفَروا زَحفًا فَلا تُوَلّوهُمُ الأَدبارَ وَمَن يُوَلِّهِم يَومَئِذٍ دُبُرَهُ إِلّا مُتَحَرِّفًا لِقِتالٍ أَو مُتَحَيِّزًا إِلى فِئَةٍ فَقَد باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأواهُ جَهَنَّمُ وَبِئسَ المَصيرُ﴾ [الأنفال: ١٥-١٦].
7.قذف المحصنات
قذف المحصنات هو اتهام المسلمات المحصنات ظلمًا بما ليس فيهن من أوصاف، ومن ذلك اتهامهن بالفاحشة، وقد وعد الله سبحانه وتعالى من يقوم بهذا الفعل العظيم بعذاب عظيم في الآخرة وحدد لنا الحد الذي يقام عليه في الحياة الدنيا، مصداقا لقوله تعالى: ﴿وَالَّذينَ يَرمونَ المُحصَناتِ ثُمَّ لَم يَأتوا بِأَربَعَةِ شُهَداءَ فَاجلِدوهُم ثَمانينَ جَلدَةً وَلا تَقبَلوا لَهُم شَهادَةً أَبَدًا وَأُولئِكَ هُمُ الفاسِقونَ﴾ [النور: ٤].
التوبة من الذنوب
خلق الله الإنسان ليعبده ويُطيعه فيما أمر ويتجنّب المعاصي والذّنوب التي نهاه عنها، ولكن كلّ ابن آدم خطّاء وخير الخطائين التّابين
-قد فتح الله عز وجل باب التوبة لكل مسرف، فقال تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ٥٣﴾ [الزمر:53].
-كل الذنوب لها توبة، وكل كبيرة أو ذنب له توبته الخاصة، وإن الله يغفر الذنوب جميعا إلا الشرك، وبعض العلماء قالوا حتى الشرك يغفره الله، وأهم شروط التوبة رد الحقوق وعقد النية والعزم على عدم العودة للذنب.
-على من ارتكب هذه الكبائر أو غيرها أن يبادر بالتوبة النصوح؛ بالندم على ما فعل، والعزم الصادق على ألَّا يرجع إلى المعصية، وليُكثر من الاستغفار وعمل الخير أملًا في رحمة الله ومغفرته ورضوانه؛ فقد ورد أن هذه الأمور تكفِّر الذنوب وتمحو الخطايا؛ قال تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ٧٠﴾ [الفرقان:70]، وشروط التوبة النصوح التي يكفر الله بها الخطايا ثلاثة:
الأول: الندم على ما وقع منه من السيئات والمعاصي.
والثاني: تركها والإقلاع منها؛ خوفًا من الله سبحانه وتعظيمًا له.
والثالث: العزم الصادق ألا يعود فيها.
وهناك شرط رابع لصحة التوبة، إذا كان الذنب يتعلق بالمخلوق؛ كالقتل والضرب وأخذ المال، ونحو ذلك: وهو إعطاؤه حقه، أو استحلاله من ذلك.