ما السور المستحب قراءتها في صلاة الضحى وأفضل وقت لأدائها؟
ماذا نقرأ من سور في صلاة الضحى ؟ يقرأ المصلي في صلاة الضحى ما تيسر من سور القرآن الكريم بعد سورة الفاتحة، سواء أكانت سورة قصيرة أم طويلة أم آيات من القرآن الكريم، فلا يلزم تخصيص سور بعينها في صلاة الضحى، فقراءة ما بعد الفاتحة سنة من السنن، أما الفاتحة فواجبة، وذهب بعض أهل العلم إلى استحباب قراءة سور معينة فيها:
القول الأول: ذهب الشافعية إلى استحباب قراءة سورتي الكافرون والإخلاص في صلاة الضحى؛ لأن الإخلاص تعدل نصف القرآن، والكافرون تعدل ربعه. القول الثاني: ذهب بعض أهل العلم كالحاكم والزرقاني وغيرهم إلى مشروعية قراءة سورتي الشمس والضحى في صلاة الضحى، واستدلوا بالحديث الذي روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بسند ضعيف أنه قال: «صلوا ركعتي الضحى بسورتيهما والشمس وضحاها والضحى».
ومن صفة صلاة الضحى أنها صلاة سرية لا يجهر بالقراءة فيها؛ لأن الصلاة النهارية سرية، ولا يوجد دليل على الجهر فيها، لا سيما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لم يكن يجهر فيها.
وقت صلاة الضحى في مصر
يبدأ مِن ارتفاع الشمس قدر رمح إلى رُمْحَيْن في عين الناظر إليها -ويُقدر بخمسٍ وعشرين دقيقة تقريبًا بعد شروق الشمس-، وينتهي وقتها قبل زوال الشمس -ويُقدر بأربع دقائق قبل دخول وقت صلاة الظهر-، مع مراعاة فروق التوقيت بحسب إحداثِيَّات المكان.
أقل عدد ركعات صلاة الضحى
صلاة الضحى سُنَّة مؤكدة، وأقلها ركعتان باتفاق الفقهاء، واختلفوا في أكثرها، فمذهب الحنفية وبعض الشافعية أن أكثرها اثنتا عشرة ركعة، وذهب فقهاءُ المالكية، وأكثرُ الشافعية وهو المعتمد عندهم، والحنابلةُ إلى أن أكثرها ثماني ركعات، ويرى بعضُ العلماء أنه لا حَدَّ لأكثرها فيجوز للمسلم أن يصلي الضحى عدد ما شاء مِن ركعات دون تقييد بعدد معين.
أفضلية أداء صلاة الضحى في البيت ونصوص الفقهاء في ذلك
الأصل أنَّ صلاة النوافل في البيوت أفضلُ منها في المساجد مطلقًا؛ لما ورد من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صَلُّوا أَيُّهَا الناسُ فِي بُيُوتِكُمْ، فَإِنَّ أَفْضَلَ صَلَاةِ المَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلَّا الصَّلَاةَ المَكْتُوبَةَ» أخرجه الإمام البخاري في “صحيحه”.
حكم أداء صلاة الضحى في المسجد
أمَّا أداء صلاة الضحى في المسجد فقد جعله فقهاءُ الشافعية هو السُّنة؛ لحديث أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الحَاجِّ المُحْرِمِ، وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ المُعْتَمِرِ، وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِ صَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» أخرجه أبو داود، وذكر الفقهاء أن السُّنن والنوافل -ومنها صلاة الضحى- الأصلُ فيها أن تؤدَّى في البيوتِ، ولا مانعَ شرعًا مِن صلاة الضحى في المسجد مع مراعاة الإجراءاتِ التنظيميَّة التي تُحدِّدها الجهات المختصة بالمساجد.
كم عدد ركعات صلاة الضحى؟
اتفق الفقهاء على أن أقل عدد لركعات صلاة الضحى هو ركعتان، واستدلوا على ذلك بحديث أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- سابق الذكر، كما أنه لم ينقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى الضحى أقل من ركعتين، بالإضافة إلى أن أقل ما يشرع في الصلاة ركعتين باستثناء صلاة الوتر؛ ولذلك فلا يجوز التطوع بركعة واحدة، وتعددت آراء الفقهاء في تحديد أكثر عدد لركعات صلاة الضحى، وفيما يأتي بيان أقوالهم:
القول الأول: ذهب جماعة من السلف إلى أن أكثر عدد ركعات صلاة الضحى هو أربع.
القول الثاني: ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية في المعتمد عندهم والحنابلة إلى أن أكثر الضحى ثماني ركعات؛ حيث استدلوا لقولهم بما روي عن أم هانئ -رضي الله عنها-: (أنه لما كان عام الفتح أتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بأعلى مكة قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله، فسترت عليه فاطمة ثم أخذ ثوبه فالتحف به، ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى)، والحديث يدل على أن أكثر ما فعله رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثماني ركعات، والأصل في العبادة التوقف، وقد صرح المالكية بكراهة ما زاد عن ثماني ركعات، إلا في حال كانت نية المصلي النفل المطلق.
القول الثالث: ذهب الحنفية إلى أن اثنتا عشرة ركعة وهو وجه عند الشافعية ورواية عن الحنابلة، واستدلوا على قولهم بما رواه الترمذي والنسائي بسند ضعيف أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا من ذهب في الجنة)، وقد بين ابن عابدين نقلا عن شرح المنية جواز العمل بالحديث الضعيف في الفضائل، وذكر الحصكفي من الحنفية أن أوسط صلاة الضحى وأفضلها ثماني ركعات، وقد ثبت ذلك بفعل وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما أكثرها فقد ثبت بقوله فقط.
القول الرابع: ذهب ابن جرير الطبري إلى أنه لا حد لأكثر صلاة الضحى، وهو اختيار بعض العلماء واستدلوا على قولهم بما روي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- بسند صحيح أنها قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى أربعا، ويزيد ما شاء الله).
كيفية أداء صلاة الضحى
ذهب جمهور الفقهاء إلى أن طريقة صلاة الضحى، أنها تؤدى مثنى مثنى، والمقصود؛ أي أن يسلم المصلي بعد كل ركعتين، واستدلوا بذلك لما جاء في حديث أم هانئ -رضي الله عنها- حيث قالت: (يسلم من كل ركعتين).
فضل صلاة الضحى
وردت العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تدل على عظم فضل صلاة الضحى ومكانتها، منها ما يأتي:
عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: (أوصاني خليلي بثلاث لا أدعهن حتى أموت: صوم ثلاثة أيام من كل شهر، وصلاة الضحى، ونوم على وتر).
عن زيد بن أرقم -رضي الله عنه- أنه رأى قوما يصلون من الضحى، فقال: (أما لقد علموا أن الصلاة في غير هذه الساعة أفضل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: صلاة الأوابين حين ترمض الفصال).
عن أبي ذر الغفاري -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)، والسلامى هي العظام والمفاصل في جسم الإنسان، وقوله في الحديث: “ويجزئ عن ذلك”؛ أي يسد عن ذلك ويقوم مقامه أداء ركعتي صلاة الضحى.
عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: (من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تامة، تامة، تامة).
وصلاة الضحى صلاة تشهدها الملائكة، يدل على ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم- لعمرو بن عبسة رضي الله عنه: (صل صلاة الصبح، ثم أقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس حتى ترتفع… فإن الصلاة مشهودة محضورة).
فوائد صلاة الضحى
عندما يُقسِم رب العزة بشيء فذلك يدل على فضله وعظمته؛ وقد أقسم الله تعالى بالضحى في سورة الضحى، وهذا يدلّ على أهمية هذا الوقت من النهار، ولصلاة الضحى العديد من الفوائد، وهي :
1- تسد صلاة الضحى الصدقة عن جميع مفاصل الجسم، فالجسم يحتوي على ثلاثمائة وستون مفصلًا وكل مفصل يلزمه صدقة شكرًا لله تعالى على هذه النعم، وصلاة الضحى تسد الصدقة عنها جميعًا.
2- من صلى اثنتي عشر ركعة من صلاة الضحى فإن الله تعالى يبني له بيتًا في الجنة، جاء حديث عن الترمذي أن النبي – صلى الله عليه وسلَّم- قال: «من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرًا في الجنة»، قال ابن حجر- رحمه الله –في كتابه الفتح: “وهذا الحديث له شواهد يتقوى بها”.
3 – نيل أجر الصّدقة؛ فقد رُوي عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام- أنّه قال: «يُصبح على كلّ سُلامى من أحدكم صدقة؛ فكلّ تسبيحة صدقة، وكلّ تحميدة صدقة، وكلّ تهليلة صدقة، وكلّ تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المُنكر صدقة، ويُجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضّحى».
4 -كِفاية الله تعالى للمُحافظين على صَلاةِ الضُّحى: عن أبي الدّرداء وأبي ذر، عن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- فيما رواه عن الله -عز وجل- أنّه قال: «ابن آدم، اركع لي من أول النّهار أربع ركعات أكفِك آخره».
5 – وَصفُ المُحافظين على صلاةِ الضُّحى بالأوّابين: فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام-: «لا يُحافظ على صلاة الضحى إلا أوّاب. قال: وهي صلاة الأوابين».