ما الحكمة من تشريع التوبة، وشروط قبولها؟
التوبة في الإسلام، يضعف المسلم في بعض الأحيان فيقع في المُحرّمات التي حرمها الله تعالى، ولكن من رحمة الله -تعالى- به بأن فتح له باب التوبة، وكثيرًا ما تتردد على أسماعنا عبارة “التوبة النصوح”، وهي أمر واجب على كل مسلم بالرجوع إلى الله تعالى، وترك المعصية والندم على فعلها والعزم على عدم العودة إليها.
التوبة في الإسلام
أن الله سبحانه وتعالى فتح باب التوبة للمسلم؛ فمن تاب بعد ذنبه تاب الله -تعالى- عليه، والتوبة التي أمر الله -تعالى- بها هي التوبة النصوح الواردة بقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّـهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) (سورة التحريم، الآية 8 ).
ويقتدي المُسلم بالنبي -عليه الصلاة والسلام- الذي كان يتوب إلى الله -تعالى-دائماً، قال -عليه السلام- عن نفسه: (واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً).
قبول التوبة في الإسلام
بين الله في كتابه العظيم أنه يقبل التوبة من عباده مهما تنوعت ذنوبهم وكثرت معاصيهم، مصداقا لقوله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].
ونحن نحتاج دائمًا للتوبة، في كل وقت وفي كل حين، فالتوبة لازمة لجميع المؤمنين، وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتوبة، فقال: { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } (سورة النور ٣١).
وقال عز وجل: { يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا } [التحريم:8]. وأيضا قوله عز وجل: { إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} (سورة البقرة ٢٢٢).
وفي قول الله تعالى:(إنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) [النساء:17].
فرحمة الله أوسع وعفوه أعظم، مصداقا لقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [الشورى: 25]،
الحكمة من تشريع التوبة
شرع الله -تعالى- التوبة؛ ليُبيّن للإنسان أهمية التكليف وضرورته، وأنه أمر صحيح؛ فهو يعيش بين مُقاومة المعاصي وحمل نفسه على مشقة العبادة والطاعة؛ فلو أراد الله -تعالى- لمنع الإنسان من المعصية وجعله كالملائكة، ولكن خلقه على طبيعته يُخطأ ويتوب، وشرعت التوبة ليكون الإنسان مُتوسّطاً بين عدم القنوط من رحمة الله -تعالى- وبين التمرّد.
شروط التوبة الصادقة
فالتوبة أمر واجب على كل مؤمن، في كل حال، ومن كل ذنب. والتائب يحبه الله، والتوبة من أسباب الفلاح في الدنيا، وأن الله يقبل التوبة من عباده ويتجاوز عن الذنوب مهما عظمت، ومن شروط التوبة الصادقة هي:
1.الإقلاع عن الذنب يترك العبد الذنب الذي ارتكبه ويبتعد عن كل أمر يُقرّبه منه، وذلك ليتخلّص العبد من الذنب كُلّيًا.
2. الندم على ارتكاب الذنب يستشعر العبد عظمة الله -تعالى- حال ارتكابه ذنبًا معيّنًا، كما هي الحال في كل وقت وحين؛ فيندم على ما تقدّم منه من تقصير واعتداءٍ على حقوق الله -سبحانه وتعالى-، راجيًا من الله -تعالى- رحمته ومغفرته.
3.العزم الجازم على هُجران الذنب يجب أن يرافق التوبة من الذنب؛ عدم العودة إليه في المستقبل، وإصلاح ما بدر من العبد من تقصير؛ بالإكثار من الطاعات، والمحافظة على ترك المعاصي والمنكرات حتّى الموت.
4.إرجاع الحقوق إلى أصحابها يجب إعادة كل حقّ إلى صاحبه إذا كان الذنب متعلّقًا بحقّ من حقوق العباد؛ فالتوبة من ذنب فيه ظلم لآدمي لا تكون إلّا بإعادة الحقّ لصاحبه والتحلل منه، كما ثبت في الصحيح عن الرسول -عليه السلام- قوله: (مَن كَانَتْ له مَظْلَمَةٌ لأخِيهِ مِن عِرْضِهِ أَوْ شيءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ منه اليَومَ، قَبْلَ أَنْ لا يَكونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إنْ كانَ له عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ منه بقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وإنْ لَمْ تَكُنْ له حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِن سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عليه).