توب ستوريفن ومنوعات

مانسا موسي .. قصة ملك أفريقي تدور حوله الكثير من الأساطير

المَلِكُ الأَشْرَفُ الحَاج مانسا موسى أو كانجا موسى أو كانكو موسى نياري نياكاتي أو موسى الأول، ولد حوالي 1280 وتوفي في 1337، هو المانسا العاشر لمملكة مالي بين 1312 و1337، ملك أفريقي تدور حوله الكثير من الأساطير ، ويتم وصفة بأنه أغني رجل في التاريخ .

كما يظهر مانسا موسى كزعيم للحضارة المالية في الجزئين الرابع والسادس من اللعبة الاستراتيجية سيفيليزيشن ، وفي القرن الحادي والعشرين أصبح أحد رموز المركزية الأفريقية ” أفرو سنتريك ” ، مما جعل العديد من الشباب الأفريقي يستعيدون ذكراه في إطار المجد الإفريقي، ولذلك صدرت العديد من أغاني الراب تحمل اسم مانسا موسى، مثل أغنية الفنان Calid B. التي استعملت كإحدى الأغاني الرسمية للعبة إن بي آيه تو كاي 20.

سيرة ملك يحيط بها الغموض 

ويكتنف الغموض سيرة الملك مانسا موسي خاصة وأن أغلب المعلومات التاريخية التي وصلتنا عن تاريخ مالي تأتي من كتابات لرحالة أو مؤرخين عرب ومغاربة مثل العمري وابن خلدون وابن بطوطة والمقريزي واليافعي. حسب السلالات المالية التي أوردها ابن خلدون، فإن جد مانسا موسى هو أبو بكر (من المحتمل أنه ينطق باكاري أو بوغاري في مالي) وهو أخ الملك سوندياتا كيتا، مؤسس مملكة مالي حسب الروايات الشفوية. لم يعتلي أبو بكر العرش، وكذلك الأمر بالنسبة لابنه فاجا لاي، وهو والد مانسا موسى. 

وذكر اليافعي الذي التقى مانسا موسى أثناء حجه في مكة أنه موسى بن أبي بكر بن أبي الأسود.

أما كيفية وصول مانسا موسى للسلطة، فإنه يرجع لعادة في مملكة مالي، تقتضي أن يعين الملك المباشر ممثلا له أثناء ذهابه للحج أو للسفر، ثم جعل ممثله خليفةً له ، وهكذا اختير مانسا موسى ممثلا لأبو بكر الثاني الذي سافر في المحيط الأطلسي معتقدا أنه يمكنه الوصول لأقصى نهاية البحر، لكنه لم يعد من رحلته، فأصبح مانسا موسى ملكا. 

أسطورة ذهب رحلة الحج 

حيكت العديد من الأساطير حول مانسا موسي وذاع صيته ووصلت شهرته كل شمال أفريقيا والشرق الأدنى بفضل رحلة الحج التي قام بها. ووفقا لروايات المؤرخين أنطلق الملك مانسا موسي سنة 1324 نحو مكة مع حاشيته التي قدرتها الروايات التاريخية أنها كانت تضم ما بين 000 15 و000 60 شخص، من بينهم 000 12 من الخدم والعبيد، ورجال يرتدون الحرير ويحملون عصيا ذهبية يعتنون بالخيول والأكياس.

 ومن الروايات التي تحكي عن القافلة أنها كانت تتكون من 80 جملا، يحمل كلا جمل فيها ما بين 50 و300 رطل من الذهب

 وان الملك مانسا موسى، كان يوزع الذهب في كل مدينة يمر بها أثناء الرحلة، وذكر العمري ” أنه أنفق في حجته مائة وسق جمل من الذهب، وأنه أفاض في الإحسان والعطاء من الذهب للأمراء والأعيان والتجار وعامة الناس ممن يقابلونه ما لا يحصى ولا يعد، وكذا الأمر بالنسبة للحجيج وأهل الحرمين. وذكر السعدي أنه بني مسجدا في كل مدينة أو قرية صادف مروره بها يوم الجمعة.

ومن الروايات التي تحكي عن رحلة مانسا موسى، لقائه بالسلطان المملوكي الناصر ناصر الدين محمد بن قلاوون في يوليو 1324 ، حيث ذكر العمري أنه عندما نزل مانسا موسى في القاهرة، امتنع أن يقابل السلطان المملوكي الناصر ناصر الدين محمد بن قلاوون متحججا بأنه جاء للحج فقط، ولكن السبب الرئيسي هو عادة تقبيل الأرض واليد في حضرة السلطان المملوكي وكان مانسا موسى يرى هذا انتقاصا منه، وبعد محاولات عدة قبل الدعوة، ولكنه أنكر أمام السلطان عادة تقبيل الأرض واليد بصوت عال، ثم قال ” أنه يسجد لله فقط، فأكره على ذلك حسب ابن الوردي وسجد لله حسب العمري ولم يسجد قط حسب المقريزي وابن كثير، ثم تقدم للسلطان فجلس بجانبه وتحادثا لمدة طويلة. 

وبعد هذا الموعد، أعطى السلطان المملوكي للمانسا موسى أحسن ما تجود به خزائنة من ملبس ومأكل وعدة وخيل مسرجة وأموال له ولأعيانه، وكان نفس الشيء أثناء عودته من الحج.

وصوله مكه 

روى المؤرخ اليافعي في كتابه «مرآة الجنان وعبرة اليقظان في معرفة حوادث الزمان» قصة مرور المانسا موسى بمكة، وكان شاهد عيان على قدومه، وهو ما يكسي الأمر أهمية حيث كان شاهدا لا ناقلا. ومما ذكره اليافعي قصة الفتنة التي وقعت في مكة بين حاشية المانسا موسى والأتراك، حيث أشهرت السيوف في المسجد الحرام، فغضب المانسا موسى غضبا شديدا وصرخ فيهم من شباك إقامته حتى رجعوا عن القتال.

تأثير رحلته علي سوق الذهب

تشير بعض الروايات التاريخية الي أن سخاء موسى وقيامه بتوزيع الذهب في المدن التي مر بها تسبب في آثار جانبية مدمرة بالنسبة لاقتصاد هذه المناطق . ففي القاهرة والمدينة المنورة ومكة المكرمة، أدى التدفق المفاجئ للذهب إلى انخفاض قيمة هذا المعدن لمدة عشر سنوات، وشهدت أسعار السلع الاستهلاكية تضخمًا مرتفعًا، حيث حاول السوق التكيف مع تدفق الثروة المصاحبة لزيارة الملك المالي.

 من أجل تعديل سعر الذهب قيل أن مانسا موسى اشترى بفائدة عالية كل الذهب الذي يمكنه حمله من تجار القاهرة، وكانت المرة الوحيدة في التاريخ الذي يتحكم فيه رجل واحد بسوق الذهب في حوض البحر الأبيض المتوسط.

لكن من النتائج الإيجابية لرحلة المانسا موسى هو تطوير العلاقات التجارية والدبلوماسية مع مصر خصوصا وبقية دول شمال أفريقيا عموما، حيث أصبحت مالي مركزا تجاريا هاما في الصحراء.

نكبة العودة

خلافا للعمري، ذكر المقريزي في كتابه الذهب المسبوك أن مانسا موسى تأخر في العودة من مكة بعد الحج ولم يعد مع قافلة المحمل المصري، «فهلك الكثير من أصحابه وجماله بالبرد، حتى لم يصل معه [للقاهرة] إلا نحو الثلث منهم» وذكر هاته القصة كذلك السعدي في كتابه تاريخ السودان.

المساجد والمدارس الإسلامية 

شيد مانسا موسى العديد من المساجد والمدارس الإسلامية في تمبكتو وجاو، ومن أهم آثاره والأكثر شهرة هي مدرسة سنكوري. أما في نياني، فقام بتشييد قاعة محكمة، متصلة بالبلاط الملكي عبر باب داخلي. بنيت هاته القاعة من الحجر المنحوت، وتعلوها قبة مزينة بزخارف عربية ملونة، ونوافذ الطابق العلوي مزينة بالفضة ونوافذ الطابق السفلي بالذهب. أما اليوم، فلم يبقى أي أثر من هذا المعلم.

تأثيره على تمبكتو

عند رحلة عودته من الحج، مرّ المانسا موسى بمدينة تمبكتو وأبقى فيها معماريين أصلهم من الأندلس (من بينهم أبو إسحاق الساحلي) ومن القاهرة بهدف تشييد قصره ومسجد جينغربر الذي لا يزال موجودا.

 تتمتع تمبكتو بموقع ملائم، قريب من نهر النيجر الذي يمثل محور النقل الرئيسي في المنطقة. أصبحت المدينة مركزا دينيا وثقافيا وتجاريا، فأسست فيها مدرسة إسلامية (كذلك في جني وسيغو)، الأمر الذي ساهم فانتشار الإسلام، وأصبحت تمبكتو تشتهر بتعليمها الإسلامي. وبلغت شهرة المدينة التجارية حتى أوروبا، أين أضافها العديد من تجار البندقية وجنوة وغرناطة إلى مساراتهم التجارية، حيث يقومون بتصدير موادهم المصنعة مقابل الذهب.

في 1330، احتلت مملكة موسي مدينة تمبكتو. بعد استعادة السيطرة عليها بسرعة، بنى المانسا موسى موسى أسوارًا وحصنًا هناك ونصّب جيشا على عين المكان لحماية تمبكتو من الهجمات المستقبلية.

طالما بقي تاريخ وفاة مانسا موسى موضع اختلاف بسبب غياب أرشيف مكتوب لمملكة مالي، ولكن إن أخذنا بعين الاعتبار تاريخ اعتلاء ابنه مقان الأول العرش، فإن وفاته كانت سنة 1332. إلا أن مصادر تاريخية أخرى ومنها العمري ذكرت أن مانسا موسى كان ينوي التنازل على العرش لفائدة ابنه، لكنه توفي بعد عودته من رحلة الحج بقليل، سنة 1325. ولكن حسب ابن خلدون، فإن مانسا موسى كان على قيد الحياة عند الاستيلاء على تلمسان في 1337، حيث أرسل أنذاك مبعوثا لتلمسان من أجل تهنئتهم بالنصر.

عند نهاية حكمه، كانت مملكة مالي تمتد تقريبا من المحيط الأطلسي إلى الضفة الشرقية من نهر النيجر وغابة تاغزة في وسط الصحراء.

بعد وفاته بعدة عقود، صدر في إسبانيا ما يعرف بالأطلس الكتالوني، ومن بين ما احتواه هذا الأطلس، نجد شخصية المانسا موسى بشكل واضح وكبير، ممسكا بقطعة من الذهب المشع بيده مما يبين حجم قوته وإشعاعه في العالم، حتى بعد وفاته بعقود.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button