الخطاب الإلهيتوب ستوري

ليالي رمضان أحلى مع الطبلة و المسحراتي

دائما ما تحلو حكايات رمضان حتي تكاد حكاوي الشهر الكريم لا تنتهي، ولكل حكاية منها أصل… وحكايتنا في هذا العدد عن «طبلة المسحراتية”.

من هو أول مسحراتي في التاريخ؟ ومتى ظهرت مهنة المسحراتي؟ وكيف تطورت عبر التاريخ؟ وبم اشتهر المسحراتي؟ وكيف يقوم المسحراتي بمهنته؟ كل هذا وأكثر تتعرفون عليه في هذا المقال، فلا تنسوا أن تشاركوه مع من تحبون.

ما هي مهنة المسحراتي؟

المسحراتي أو المسحر هو شخص يقوم بجولة في الأحياء والشوارع خلال شهر رمضان المبارك قبل آذان الفجر لإيقاظ الناس لتناول السحور قبل بدء صوم النهار، فالمسحراتي هو ذلك الشخص الذي يجول الشوارع والحارات في ليالي شهر رمضان لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور. وتعود أصول المسحراتي إلى الحضارة العربية الإسلامية القديمة، حيث لم تكن تتوفر في ذلك الوقت وسائل الاتصال الحديثة المستخدمة اليوم، وكانت الحاجة ماسة لإيقاظ الناس لتناول السحور والصلاة قبل بدء صيام النهار. ومنذ ذلك الحين والمسحراتي يعد جزءًا مهمًا من تقاليد رمضان في العالم العربي والإسلامي.

يتميز المسحراتي بطريقة صوته المرتفعة والمميزة في النداء، وباستخدامه آلات و أدوات صوتية مختلفة مثل الدف والصفارة والبوق وغيرها. يحمل المسحراتي في الغالب الطبلة أو المزمار ليدق أو يعزف عليها بغرض إيقاظ الناس لتناول وجبة السحور. ولا يكتفي المسحراتي بدقه أو عزفه على آلته التي يصطحبها ولكنه يردد الأناشيد والأدعية بصوت مميز يجذب الناس إليه.  ويعد المسحراتي  من أكثر الشخصيات التي تمثل روح رمضان، ويشكل جزءًا أصيلاً من تقاليد رمضان في العالم العربي. وبالإضافة إلى مساهمته في إيقاظ الناس لتناول السحور، فإنه يساعد على إيجاد الروح الإيجابية في المجتمع وتعزيز الصلة بين الناس.

 

تاريخ المسحراتي

ترجع عادة تنبيه الناس إلى وقت السَّحُور إلى عهد الرسول – صلى الله عليه وسلم – حيث كان يُؤذن للفجرمرتين، كان بلال بن رباح يؤذن قبل الوقت ليُعلم الناس أن وقت السَّحُور قد حان، أما عبد الله بن مكتوم كان يؤذن وقت الفجر ليمتنع الناس عن الطعام والشراب.

ثم اختلفت وسائل تنبيه الصائمين إلى وقت السَّحُور مع اتساع رقعة الدولة الإسلامية، وابتكر المسلمون وسائل جديدة انطلاقاً من مبدأ أن التنبيه على الصائمين أحد ضروب التعاون على البر والتقوي ومن أفعال الخير.

وفي عهد الدولة العباسية وبعد أن قام  الخليفة العباسي المنتصر محمد بن الخليفة المتوكل على الله جعفر بتولية عنبسة بن إسحاق ولاية مصر لاحظ عنبسة أن المسلمين لا ينتبهون كثيراً إلى وقت السحور ولا أحد يؤدي هذه المهمة فقرر أن يؤديها بنفسه. فكان عنبسة يطوف الشوارع ليوقظ الناس، وبذلك يعتبر عنبسة هو أول مسحراتي في تاريخ الإسلام جال في الشوارع. وقد كان عنبسة يجوب الشوارع من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص، وكان ينادي قائلاً: “عباد الله، تسحروا فإن في السحور بركة.” كما كان ينشد الأناشيد بصوت جهوري لإيقاظ الناس للسحور.

وفي عصر الدولة العباسية كان المسحراتي يجول الشوارع حاملاً بيده طبلة صغيرة يطبل عليها باستخدام قطعه من الجلد أو الخشب، وبصحبته طفل أو طفلة صغيرة معها شمعة أو مصباح لينير له الطريق.

 

وفي عصر الدولة الفاطمية كان الحاكم بأمر الله يأمر الجنود بأن يطرقوا أبواب البيوت حتى ينتبه الناس لوقت السحور، ثم قام بتعيين مسحراتي لكل منطقة، ليمر في الشوارع منادياً: “اصحى يا نايم، وحد الدايم”. 

وفي عصر المماليك ظهر “بن نقطة”  شيخ طائفة المسحراتيه والمسحراتي الخاص بالسلطان الناصر محمد. ثم بعد ذلك انتشرت مهنة المسحراتي بالطبلة التي كان يُدق عليها دقات منتظمة بدلاً من استخدام العصى.

وفي عصر الدولة الطولونية، كانت السيدات تجلس وراء المشربية منشدةً الأناشيد الدينية في محاولة منهم لإيقاظ أهل الحى للسحور. 

 

وانتشرت مهنة المسحراتي في كافة البلدان العربية والإسلامية، ولكن “المسحراتيه” من أهل مصر هم أول من استخدموا الطبلة لتنبيه الناس لوقت السحور، وكانوا يرددون الأناشيد والأدعية وينادون على الناس وهم يدقون الطبول فينتبه الناس لندائهم فيهبوا للسحور. أما في اليمن كان المسحراتي يقرع الأبواب بالنبوت. وفي المغرب كان المسحراتي يعزف المزمار، أما المسحراتي في الشام كان يمر على البيوت ويعزف على العود والطنابير وينشد الأناشيد الدينية الخاصة برمضان.

وفي القرن التاسع عشر، تطور المسحراتي في مصر والسودان، فكان المسحراتي يمشي ومعه طفل يحمل فانوساً، ومعه دفتر كان قد دوّن فيه أسماء أهل الحي لينادي على كل شخص باسمه.

وفي تركيا مهنة المسحراتي ليست مهنة عشوائية يمارسها  البعض طواعيةً، إنما هي وظيفة تشرف عليها البلديات مثلما تشرف على موائد الرحمن. ويتمسك الكثير في تركيا لاسيما في الأحياء الصغيرة بالمسحراتي كتراث يعيدهم إلى الماضي وذكريات الطفولة. 

وفي كوسوفو، يقوم المسحراتي بقرع الطبول ثلاث مرات مختلفة يومياً خلال شهر رمضان، بعد رفع آذان المغرب ليعلم السكان المسلمين بموعد الإفطار، وذلك لاستمرار عادة متوارثة منذ فترة كانت فيها المساجد قليلة، وصوت المآذن لايصل إلى كل المناطق، كما يجوب المسحراتي قبيل صلاة التراويح أحياء القرية ليجمع التبرعات من السكان الذين يقدمون أنواع مختلفة من المساعدات العينية أو النقدية، وقبيل السحور يقرع المسحراتي الطبول بين أحياء القرية لإيقاظ السكان.

 

عبارات المسحراتي

ربما تختلف قليلاً العبارات التي يستخدمها كل مسحراتي لا سيما من بلد لبلد، ولكن تأتي كلها لنفس الهدف والغاية وهي إيقاظ الناس وتنبيهه لتناول السحور. 

ومن أشهر العبارات التي قالها “المسحراتيه” هي:

“اصحى يا نايم، وحد الدايم، رمضان كريم”

“السحور، السحور، السحور”

“يا نايم وحد مولاك، هو خلقك ما ينساك”

“قوموا إلى سحوركم، جاء رمضان يزوركم”

 

يقول أستاذ التاريخ مجدي أحمد، إن مهنة المسحراتي بدأت عند بلال بن رباح، الذي كان ينادي لكي يتناول الناس « السحور »، ومعه كان «ابن أم مكتوم»، ينادي لكي يمسك الناس عن الطعام «الإمساك».

وفي مصر كان أول من عرف بـ المسحراتي ، هو «عنبسة ابن إسحاق»، كان يتجول من مدينة العسكر في الفسطاط إلي جامع عمرو بن العاص وينادي بالسحور.

وفي عصر الدولة الفاطمية ، وقت حكم الحاكم بأمر الله، أمر الحاكم الجنود أن يمروا علي البيوت ليوقظوا النائمين؛ لكي يتناولوا وجبة السحور ، وفي وقتها خصصوا رجلا لكي ينادي، ويقول يا أهل الله قوموا تسحروا، وفي العصر العباسي ظهر الرجل «أبو نقطة».

وختاماً وعلى الرغم من تغير الأدوات والتقنيات المستخدمة في الأوقات الحديثة، إلا أن دور المسحراتي لا يزال حاضرًا وحيويًا في التقاليد الإسلامية في جميع أنحاء العالم.

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button