لماذا سميت الأشهر الحُرم بهذا الاسم؟
الأشهر الحُرم أربعة أشهر؛ ثلاثة منها مُتتابعة، وهي: ذو القعدة، وذو الحجّة، ومُحرَّم، وشهر مُنفرد عنها؛ وهو شهر رجب، وذكر الله -تعالى- هذه الأشهر في قوله: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ).
وجاء ذِكر هذه الأشهر صراحةً في حديث النبيّ -عليه الصلاة والسلام-؛ إذ قال: (الزَّمانُ قَدِ اسْتَدارَ كَهَيْئَتِهِ يَومَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَواتِ والأرْضَ، السَّنَةُ اثْنا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْها أرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثَةٌ مُتَوالِياتٌ: ذُو القَعْدَةِ وذُو الحِجَّةِ والمُحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ، الذي بيْنَ جُمادَى وشَعْبانَ) وأضاف الحديث شهر رجب إلى قبيلة مُضر؛ لأنّها كانت تُبالغ في تحريمه، ولا تنقُله إلى غيره من الشهور، وقِيل لأنّ بعضهم كان يُحرّم شهر رمضان ويُسمّيه رجب، كربيعة بن نزار.
خصائص وفضائل الأشهر الحُرُم للأشهر الحُرُم العديد من الخصائص التي تُميّزها عن غيرها، ومنها ما يأتي:
مُضاعَفة الحَسَنات والسيئات فيها، ويتميّز شهر مُحرَّم خاصّة بأفضليّة الصيام فيه؛ لقول النبيّ -عليه الصلاة والسلام: (وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ)، علماً أنّ الإكثار من الصيام في هذه الأشهُر مُستحَبّ.
تغليظ الدِّية فيها، وهو ما ذهب إليه الشافعية، والحنابلة، خلافاً للحنفية والمالكية الذين لا يَرَون تغليظ الدِّية فيها.
تشريف الله -تعالى- لها بأنّه خَصّها بالذِّكر من بين الأشهر جميعها.
وقوع أعمال الحجّ جميعها فيها، إلى جانب أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- اعتمر أربع مرّات كانت كُلّها فيها، كما أنّ فيها أفضل أيّام السنة؛ وهي العشر الأوائل من شهر ذي الحجّة، وأعظم يوم؛ وهو يوم عرفة، وفيها يوم عاشوراء الذي يُكفّر صيامُه سنةً من الذنوب.
سبب التسمية
واختلف العُلماء في سبب تسمية الأشهر الحُرُم بهذا الاسم، وجاءت أقوالهم كما يأتي: القول الأول: سُمِّيت بذلك؛ لأنّ الله -تعالى- حرّم فيها القتال بين الناس، وجاءت بصيغة الجَمع؛ زيادةً في التحريم، وممّا يدُلّ على ذلك قوله -تعالى-: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ)؛ وذلك ليكون للناس الوقت الكافي للسفر، وزيارة البيت الحرام لأداء الحجّ والعُمرة، ومِمّن قال بذلك ابن باز -رحمه الله-.
القول الثاني: سُمِّيت بذلك؛ لأنّ المعصية فيها تكون أعظم وأشدّ عقاباً، كما أنّ الطاعة تكون فيها أكثر أجراً؛[٣] فقد جاء عن ابن كثير أنّه قال إنّ المعصية في الأشهر الحُرُم تُضاعَف أكثر من غيرها في الشُّهور الأخرى، كما أنّها تُضاعَف في البلد الحرام؛ ولذلك سُمِّيت بالأشهر الحُرُم.