أخبار عاجلةتوب ستوريشئون عربية ودولية

لسعات الجوع والبعوض.. الوجه الآخر لحرب السودان

بالضفة الأخرى للحروب والأزمات، هناك دائما فاتورة باهظة يتكبدها المدنيون ممن يجدون أنفسهم بين ليلة وضحاها عالقين بين الخيام والمدن.

وضع لا يختلف كثيرا عما يواجهه نازحو كسلا شرقي السودان، هناك حيث تتفاقم معاناة النازحين الفارين من أتون الحرب في ظل الشح المستمر بالمواد الغذائية والدواء، وتوقف التحويلات البنكية إثر توقف شبكات الاتصالات والإنترنت.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023، يشهد السودان حربا بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، خلَّفت أكثر من 9 آلاف قتيل، فضلا عما يزيد على 6 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، وفق الأمم المتحدة.

نرصدت لكم أوضاع هؤلاء النازحين البالغ عددهم حوالي 500 ألف يتوزعون على 100 مدرسة في كافة أرجاء المدينة، ويواجهون ندرة الغذاء والدواء.

يقول النازح، عبد الله أحمد: “وصلنا إلى مدينة كسلا بعد معاناة طويلة هربا من القتال الدائر في ولايتي الخرطوم والجزيرة (وسط)، لكن المعاناة ما زالت مستمرة بسبب نقص الغذاء والدواء”.

ويشير عبد الله، في حديثه، إلى أن “الأطفال يعانون من لسعات البعوض داخل الفصول الدراسية، ودائما ما يتذكرون أصوات الرصاص وتحليق الطائرات الحربية، ويدخل إلى قلوبهم الرعب”.

غياب المنظمات

من جهتها، تقول النازحة هاجر عبد اللطيف إن الأوضاع الإنسانية داخل معسكرات الإيواء في أسوأ حالاتها نتيجة نقص الدواء والغذاء ومواد الإيواء في ظل غياب المنظمات التي تقدم الخدمات الضرورية.

وأوضحت هاجر، في حديثها ، أن الأدوية لا تكفي حاجة النازحين في ظل انتشار الأمراض والأوبئة بالولاية.

بدورها، أكدت النازحة علوية الطيب انعدام الدواء في مراكز الإيواء، باعتبار أن العلاج من أكبر التحديات التي تواجه النازحين في مدينة كسلا.

ولفتت علوية ، إلى أن اليونسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) أنشأت مراكز صحية مجانا لعلاج النازحين، الأمر الذي خفف المعاناة الطويلة”.

مبادرات شعبية

بسبب موجة النزوح الكبيرة بمدينة كسلا، ظهرت مبادرات مجتمعية لإيواء النازحين، تبدأ بتوفير المساكن خاصة للمرضى والعائلات الكبيرة.

وتقول الناشطة عبير الطيب إن المبادرات الشعبية ساهمت في تخفيف معاناة النازحين بصورة كبيرة.

وشددت الطيب، في حديثها، على أن دور السلطات المحلية يتمثل في منح التراخيص لطلبات فتح مراكز الإيواء.

أزمة غذاء

مع تصاعد وتيرة العنف، وتوقف شبكة الاتصالات والإنترنت في معظم الولايات، توقفت المطابخ التكافلية في الأحياء السكنية التي توفر الطعام للمواطنين المتواجدين في دائرة الاشتباكات بالعاصمة الخرطوم.

وذكرت غرفة طوارئ الخرطوم في بيان اطلعنا عليه، أن المطابخ التكافلية المشتركة في عدة مناطق توقفت بشكل كامل، مما تسبب في أزمة غذاء قد تؤدي إلى كارثة حقيقية.

وأشارت إلى أنه يوجد داخل ولاية الخرطوم 300 مطبخ تكافلي مشترك، تتوزع على محليات (مقاطعات) الولاية السبعة.

وأوضح البيان أن المطابخ توقف منها حتى الآن 100 مطبخ بمحلية (مقاطعة) شرق النيل، و53 بمحلية الخرطوم، و38 بمحلية بحري، و20 بمحلية أم بدة، و10 مطابخ بمحلية جبل أولياء.

وحسب البيان، فإن السبب وراء التوقف المفاجئ هو انقطاع شبكات الاتصالات والإنترنت التي كانت تعتبر الوسيلة الأساسية لتقديم الخدمات وإرسال الدعم عبر التطبيقات البنكية.

ورغم رجوع شبكات الاتصالات والإنترنت لبعض الولايات، إلا أن ولاية الخرطوم ظلت ضمن الولايات التي لم تعد لها الخدمة حتى الآن، وما زالت تعاني من الانعزال التام وتعطل كافة الخدمات.

أكبر أزمة جوع

أطلق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة تحذيرات جديدة من تحول الوضع في السودان إلى أكبر أزمة جوع في العالم.

وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج سيندي ماكين، إن الحرب في السودان حطمت حياة الملايين وخلقت أكبر أزمة نزوح في العالم.

وأنهت المسؤولة الأممية مؤخرا زيارة إلى جنوب السودان حيث التقت الأسر السودانية الهاربة من العنف والجوع، وحذرت من “خطر تحول هذه الكارثة لأكبر أزمة جوع في العالم ما لم يتوقف القتال”.

وقالت ماكين، بحسب بيان لبرنامج الأغذية العالمي، إن “دارفور شهدت قبل 20 عاما أكبر أزمة جوع في العالم، واحتشد العالم للاستجابة لها، لكن شعب السودان أصبح اليوم في طي النسيان وباتت حياة الملايين والسلام والاستقرار في المنطقة بأكملها على المحك”.

وبحسب البيان، فإن أكثر من 25 مليون شخص في جميع أنحاء السودان وجنوب السودان وتشاد يحاصرون في دوامة من تدهور الأمن الغذائي، فيما لا يتمكن برنامج الأغذية العالمي من إيصال المساعدات الكافية للمجتمعات المحتاجة والمحاصرة بالقتال بسبب العنف وتدخل الأطراف المتحاربة.

هدنة في رمضان؟

ومع استمرار القتال في معظم ولايات السودان، قال دبلوماسيون إن مجلس الأمن الدولي يدرس الدعوة إلى وقف فوري للأعمال القتالية قبل شهر رمضان في الحرب المستمرة في السودان منذ عام تقريبا بين الجيش وقوات الدعم السريع.

ويتفاوض المجلس المؤلف من 15 عضوا على مشروع قرار صاغته بريطانيا، وقال دبلوماسيون إنه قد يطرح للتصويت الجمعة، فيما يبدأ شهر رمضان الأسبوع المقبل.

ويدعو مشروع القرار أيضا “جميع الأطراف إلى ضمان إزالة أي عقبات، وإتاحة وصول المساعدات الإنسانية بشكل كامل وسريع وآمن ودون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر مختلف النقاط، والامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي”.

ويحث مشروع قرار مجلس الأمن جميع الدول على “الامتناع عن التدخل الخارجي الذي يسعى إلى إثارة الصراع وعدم الاستقرار” ويطالبهم “بدعم الجهود من أجل تحقيق سلام دائم”.

ويحتاج قرار مجلس الأمن إلى موافقة تسعة أعضاء على الأقل وعدم استخدام حق النقض من جانب الولايات المتحدة أو روسيا أو بريطانيا أو الصين أو فرنسا.

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button