أسرة ومجتمع

لا أحد يتحدث عن “الحزن المرتبط بالرضاعة الطبيعية”!

لعدّة عقود، أصبحت الرضاعة الطبيعيّة رسالة مركزيّة في رعاية الأم والطفل، ولكن رغم فوائد الرضاعة الطبيعيّة الصحيّة والنفسيّة العديدة، إلّا أنّ الكثير من الأمهات يواجهنَ تحدّيات وصعوبات تجعل من هذه التجربة مليئة بالضغوط النفسية والحزن.

“الحزن المرتبط بالرضاعة الطبيعية” هو مصطلح بدأ ينتشر مؤخّرًا ليصِف تلك المشاعر المختلطة التي تواجهها الأمهات عندما يجدنَ أنفسهنَّ مضطرّات للتوقّف عن الرضاعة الطبيعية في وقتٍ أبكر ممّا كُنَّ يطمحنَ إليه.

تحديات الرضاعة الطبيعية
لا يمكن اعتبار الرضاعة الطبيعيّة مجرّد عمليّة فطريّة، بل إنّها تجربة معقّدة تتطلّب التكيّف والصبر،ولكن تعاني العديد من النساء من مشاكل مثل الألم الناتج عن الالتصاق غير الصحيح للطفل، الحلمات المتشققة أو النازفة، واحتقان الثدي، وفي بعض الحالات، قد يؤدّي هذا الاحتقان إلى التهاب الثدي، وهي حال مؤلمة قد تجعل الرضاعة الطبيعيّة غير محتملة، وفي كثير من الأحيان، قد تؤدي هذه التحدّيات إلى اضطرار الأم للتوقف عن هذه العمليّة واللجوء إلى تقديم الحليب الصناعي.

تأثير هذا الحزن على الصحة النفسية
تشير الدراسات إلى أنّ العديد من النساء يشعرنَ بخيبة أمل شديدة عندما يتعين عليهنَّ التوقّف عن الرضاعة الطبيعية قبل الموعد الذي كنَّ يخطّطنَ له، وقد تتراوح هذه المشاعر بين الحزن والخجل، وصولًا إلى ما يُعرَف بـ “ذنب الأم”، وهذه حال نفسيّة قد تؤدّي إلى مواجهة اكتئاب ما بعد الولادة، وهو أمر يمكن أن يؤثّر بشكلٍ كبير على العلاقة بين الأمّ والطفل.

أهميّة الحصول على الدعم والمشورة
إنّ مواجهة تحدّيات الرضاعة الطبيعيّة تتطلّب دعمًا ومشورة من المختصّين، حيث أنّ الحصول على دعم مناسب في وقتٍ مبكر يمكن أن يُحدِث فرقًا كبيرًا في استمراريّة الرضاعة الطبيعيّة، لذا من الضروريّ أن تكون هناك مبادرات لزيادة الوعي بأهميّة الحصول على مشورة مختصّي الرضاعة الطبيعيّة وأن يتمّ توفير الدعم اللازم لكلّ أمّ، بغض النظر عن الطريقة التي تختارها لإطعام طفلها.

أهمية احترام القرارات الشخصية
من المهمّ أن نتذكّر أنّ لكلّ أمّ قصتها الخاصّة وتحدّياتها الفريدة، وفي مجتمع يشدّد على أهميّة الرضاعة الطبيعيّة، قد تجد النساء صعوبة في اتّخاذ قرارات تتعلّق بتغذية أطفالهن بطرق أخرى، لذا، يجب أن تكون هناك مرونة وتفهّم لهذه الاختيارات، وأن نحرص على عدم تحميل الأمّ مشاعر الذنب أو الفشل عندما تضطرّ لاستخدام الحليب الصناعي.

في نهاية المطاف، تُعتبَر الرضاعة الطبيعيّة تجربة شخصيّة تختلف من أم لأخرى، ولكن ما يهم حقًا هو صحّة الأم ورضاها النفسي، وكذلك صحة الطفل، أمّا الشعور بالحزن المرتبط بالرضاعة الطبيعية فهو حقيقة تواجهها العديد من الأمّهات، وهو موضوع يحتاج إلى مزيد من الوعي والدعم، لذا علينا أن ندرك أنّ الرضاعة الطبيعيّة ليست دائمًا الخيار المثالي لجميع الأمّهات، وأنّ الأهمّ هو توفير بيئة داعمة تحترم اختيارات الأمّهات وتدعمهنَّ في رحلتهنَّ مع أطفالهنَّ. ومن الجدير بالذكر أنّنا سبق وقدّمنا لكِ نصائح للتعامل مع مشاكل الرضاعة الطبيعية الشائعة.

 

Related Articles

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button