كيف يتحدث أهل الجنة مع أهل النار.. وما علامات حسن الخاتمة؟
قال الله تعالى: «وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنَا مَا وَعَدَنَا رَبُّنَا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ» )الأعراف: 44) وفي آية أخرى «لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لَا يَسْمَعُونَ» (الأنبياء: 100) فكيف يتحدث أهل الجنة مع أهل النار وهم لا يسمعون في الآية الثانية؟.
القرآن الكريم كتاب الله المحكم
القرآن الكريم كتاب الله المحكم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ كما قال تعالى: «وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد» [فصلت: 41-42]، وقال تعالى: «أفلا يتدبرون ٱلۡقرۡءانۚ ولوۡ كان منۡ عند غيۡر الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا» [النساء: 82].
إثبات السماع لأهل النار
وإثبات السماع لأهل النار في موضع ونفيه عنهم في موضع آخر محمول على اختلاف الأحوال التي يمر بها أهل النار؛ فتارة يحشرون صما كما يحشرون عميا زيادة في عذابهم؛ كما قال تعالى: «ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما» [الإسراء: 97].
وتارة يسمعهم الله تعالى نداء أهل الجنة ويمكنهم من إجابتهم، وتارة يجعلون في توابيت من نار، والتوابيت في توابيت أخر؛ كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: “إذا بقي في النار من يخلد فيها جعلوا في توابيت من نار، فيها مسامير من نار، ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت من نار، ثم جعلت تلك التوابيت في توابيت من نار، ثم قذفوا في أسفل الجحيم، فيروا أنه لا يعذب في النار أحد غيرهم، ثم تلا قوله تعالى: «لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون» [الأنبياء: 100]” رواه البيهقي في “البعث والنشور”. فلذلك لا يسمعون شيئا.
وهو محمول أيضا على أنهم لا يسمعون ما ينفعهم وإنما يسمعون أصوات المعذبين أو كلام من يتولى تعذيبهم من الملائكة، هذا إن حمل الضمير في قوله: «وهمۡ فيها لا يسۡمعون» [الأنبياء: 100] على أهل النار، أما إن كان راجعا إلى المعبودين -على ما قاله الإمام أبو مسلم الأصفهاني- فلا إشكال، ويكون المراد أنهم لا يسمعون صراخهم وشكواهم سماع إغاثة ونصرة على حد قول القائل: سمع الله لمن حمده أي أجاب الله دعاءه؛ كما وصفهم الله تعالى في الدنيا في قوله: «ومنۡ أضل ممن يدۡعوا من دون الله من لا يسۡتجيب لهۥ إلى يوۡم ٱلۡقيمة وهمۡ عن دعآئهمۡ غفلون وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين» [الأحقاف: 5-6].
ما علامات حسن الخاتمة ؟
حسن الخاتمة يراد به توفيق الله سبحانه وتعالى لعبده أن يعمل خيرا في حياته، وأن ييسر له ويوفقه للدوام على العمل الصالح قبل موته حتى يقبضه عليه، حيث لا يبقى للإنسان بعد وفاته إلا إحسان قدمه في حياته يرجو ثوابه، أو عصيان اجترحه يخشى عقابه.
العمل الصالح قبل الموت من علامات حسن الخاتمة
بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن التوفيق للعمل الصالح علامة من علامات حسن الخاتمة، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الله تعالى إذا أراد بعبد خيرا استعمله»، فقيل: وكيف يستعمله يا رسول الله؟ قال: «يوفقه لعمل صالح قبل الموت» أخرجه الأئمة: أحمد في “المسند”، والترمذي في “السنن”، والطبراني في “الأوسط”، والحاكم في “المستدرك” وصححه.
علامات حسن الخاتمة منها:
النطق بالشهادة عند الموت.
الموت بعرق الجبين.
الموت ليلة الجمعة أو نهارها.
الاستشهاد في ساحة القتال.
هل تظهر علامات حسن الخاتمة عند غسل الميت؟
أجابت الدكتورة زينب السعيد، أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، على سؤال حول هل يوجد علامات مبشرة عن حسن الخاتمة على الميت أثناء تغسيله؟.
وأوضحت أمينة الفتوى بدار الإفتاء المصرية، في فتوى لها: “هناك علامات تُعتبر مبشرات، مثل ابتسامة الميت بعد التغسيل، أو ظهور رمز التوحيد على يده، أو زوال آثار المرض الذي كان يعاني منه، أو انتشار رائحة طيبة بعد التغسيل تُعتبر أيضاً من المبشرات التي تعطي أهل الميت شعوراً بالراحة والطمأنينة”.
في المقابل، شددت على أهمية عدم التحدث عن أي علامات غير مبشرة قد تظهر على الجسد، حفاظاً على مشاعر أهل الميت وتجنباً لزيادة حزنهم، مشيرة إلى أن الحفاظ على هذه السرية يُعد من أسباب مغفرة الذنوب، حيث يُعكس الاحترام والرحمة في التعامل مع المتوفين.
من علامات حسن الخاتمة
1-أن يكون آخر كلام الإنسان في الدنيا ذكر الله تعالى وخصوصًا النطق بالشهادتين.
والدليل على ذلك بما أخرجه الإمام أحمد في مسنده قَالَ رَأَى عُمَرُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ثَقِيلاً فَقَالَ مَا لَكَ يَا أَبَا فُلاَنٍ لَعَلَّكَ سَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ يَا أَبَا فُلاَنٍ قَالَ لاَ إِلاَّ أَنِّى سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَدِيثًا مَا منعني أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ إِلاَّ الْقُدْرَةُ عَلَيْهِ حَتَّى مَاتَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ إني لأَعْلَمُ كَلِمَةً لاَ يَقُولُهَا عَبْدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلاَّ أَشْرَقَ لَهَا لَوْنُهُ وَنَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَتَهُ قَالَ فَقَالَ عُمَرُ إني لأَعْلَمُ مَا هي، قَالَ: وَمَا هي قَالَ تَعْلَمُ كَلِمَةً أَعْظَمَ مِنْ كَلِمَةٍ أَمَرَ بِهَا عَمَّهُ عِنْدَ الْمَوْتِ: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) قَالَ طَلْحَةُ صَدَقْتَ هي وَاللَّهِ هي”.
وعن مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: “مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ”.
2-الموت يوم الجمعة أو ليلتها.
روي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ النبي ﷺ قَالَ: “خَيْرُ يَوْمٍ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ يَوْمُ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ أُدْخِلَ الْجَنَّةَ وَفِيهِ أُخْرِجَ مِنْهَا وَلاَ تَقُومُ السَّاعَةُ إِلاَّ في يَوْمِ الْجُمُعَةِ” وفي الحديث عن النبي ﷺ: “ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر” [أخرجه الترمذي] ولا يعني ذلك أن كل من مات يوم الجمعة ينجو ولكن هذه أيضًا من البشريات.
3-أن يوفق الله العبد للعمل الصالح قبل موته كأن يموت وهو صائم أو أثناء الصلاة أو وهو يقرأ القرآن، فعَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: “يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ”.
وعَنْ أَبِي عَطِيَّةَ الْوَادِعِيِّ قَالَ : دَخَلْتُ أَنَا وَمَسْرُوقٌ ، عَلَى عَائِشَةَ ، فَقُلْنَا : إِنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ : مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ أَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ كَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ ، وَالْمَوْتُ قَبْلَ لِقَاءِ اللهِ ، فَقَالَتْ : يَرْحَمُ اللهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَكُمْ بِحَدِيثٍ لَمْ تَسْأَلُوهُ عَنْ آخِرِهِ وَسَأُحَدِّثُكُمْ عَنْ ذَلِكَ : إِنَّ اللهَ إِذَا أَرَادَ بِعَبْدِهِ خَيْرًا قَيَّضَ لَهُ مَلَكًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ فَسَدَّدَهُ وَيَسَّرَهُ حَتَّى يَمُوتَ ، وَهُوَ خَيْرُ مَا كَانَ ، فَإِذَا حَضَرَ فَرَأَى ثَوَابَهُ مِنَ الْجَنَّةِ فَجَعَلَ يَتَهَوَّعُ نَفْسَهُ ، وَدَّ أَنَّهَا خَرَجَتْ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ أَحَبَّ لِقَاءَ اللهِ فَأَحَبَّ اللهُ لِقَاءَهُ ، وَإِذَا أَرَادَ بِعَبْدٍ سُوءًا قَيَّضَ لَهُ شَيْطَانًا قَبْلَ مَوْتِهِ بِعَامٍ فَصَدَّهُ وَأَضَلَّهُ وَفَتَنَهُ حَتَّى يَمُوتَ شَرَّ مَا كَانَ ، وَيَقُولُ النَّاسُ : مَاتَ فُلَانٌ وَهُوَ شَرُّ مَا كَانَ ، فَإِذَا حَضَرَ فَرَأَى ثَوَابَهُ مِنَ النَّارِ جَعَلَ يَتَبَلَّعُ نَفْسَهُ وَدَّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ كَرِهَ لِقَاءَ اللهِ وَكَرِهَ اللهُ لِقَاءَهُ ” .
4-عرق الجبين عند الموت، وقال رسول الله ﷺ: «موت المؤمن بعرق الجبين» رواه أحمد والترمذي.
5- استشهاد الإنسان وهو يدافع عن دينه أو عرضه أو وطنه.
والدليل على ذلك ما رواه مسلم عن النبي ﷺ قال: «رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجري عليه رزقه، وأمن الفتان».