كفارة الفطر في رمضان.. مقدارها وأحكامها وعلي من تجب؟
ا انقضي شهر رمضان وفرح من فرح بالصيام والفطر وأكمل الجميع عدة الصيام إلا أن هناك بعض الشر ربما منعتهم الاعذار من صيام الشهر كاملا أو الأفطار في بعض أيامه وهذا ما سنتعرف عليه خلال التقرير التالي:
اتّفق الفقهاء على أنّ الجماع عامداً في نهار رمضان يُوجب الكفّارة، واختلفوا على وجوب الكفارة في الأكل أو الشرب عمداً؛ إذ أوجبها الحنفية والمالكية، ولم يوجبها الشافعية والحنابلة.
مقدار كفّارة إفطار رمضان وأنواعها
للكفّارة ثلاثة أنواع، هي: العتق، والصيام، وإطعام المساكين؛ ويكون العِتق بأن يعتق رقبة عبد، والصيام بصيام شهرَين على التتابُع دون انقطاع، ثمّ إن لم يجد عبداً، ولم يستطع أن يصوم شهرَين، فإنّه يُطعم ستّين مسكيناً، وتجب هذه الكفارة عند الجمهور على الترتيب، إلّا أنّ المالكية خالفوهم في ذلك؛ فجعلوا إطعام المساكين الأولى من حيث الأفضليّة، ثمّ قالوا إنّ المسلم مُخيَّر في هذه الكفّارات وليس مُجبراً على ترتيبها، إلّا أنّ الأولى أن يبدأ المسلم بالإطعام
1- بالنسبة لعِتق الرقبة :
اشترط جمهور العلماء من الحنفية، والمالكية، والشافعية أنّ الرقبة التي يتمّ عتقها ينبغي أن تكون خالية من العيوب التي قد تُؤثّر في العمل؛ فقال الحنفية بشرط وجود النية، وأنّ المُعتَق ينبغي أن يكون عبداً كاملاً تُؤدّى به المنفعة؛ فالفاقد لبصره، أو قدرته على المشي غير صالح للعِتق، أمّا من عنده خلل في المنفعة، كمن قُطِعت إحدى يدَيه فيجوز إعتاقه، وقال المالكيّة أنّ وجود العيب في المُعتَق لا يمنع من جواز إعتاقه إن كان هذا العيب لا يُؤثّر في تصرُّفاته، ولا يمنعه من الكسب، أمّا الشافعية والحنابلة فقد منعوا أن يكون في الرقبة خلل واضح يمنعها من العمل.
2- صيام شهرَين مُتتابعَين:
يلجأ المسلم في الكفّارة إلى صيام شهرَين مُتتابعَين إن لم يجد رقبة يُعتِقها؛ فإن بدأ بالصيام مع بداية شهر من الأشهر الهجريّة، فإنّه يكمل الشهر، ويستمرّ في صيامه مع الشهر الذي يليه، ويعتمد في حسابه على رؤية الهلال، وإن ابتدأ صيامه أثناء الشهر الهجريّ، فإنّه يُكمله مع الشهر الذي يليه كاملاً مُعتمِداً على الهلال أيضاً، مع التنبيه إلى أنّ يوم القضاء لا يدخل ضمن الشهرَين، ويُشترَط أن يكون الشهران مُتتابعَين، حتى لو أفطر يوماً بعُذر شرعيّ، كالسفر، فإنّ ما صامه يُعَدّ تطوُّعاً، ويبدأ الصيام من جديد، أمّا الحنابلة فاعتبروا أنّ انقطاع الصيام لعُذر شرعيّ لا يقطع تتابُع الشهرَين، وإنّما يُكمل صيامه.
3- إطعام ستّين مسكيناً والمقصود بالإطعام في الكفّارة: أن يُخرج المسلم طعاماً، أمّا المُراد بكلمة طعام؛ فهو كلّ ما يأكله الإنسان من أنواع الطعام المختلفة،وينتقل المسلم إلى الإطعام إن عجز عن الصوم؛ لكِبر في سِنّه، أو مرضه، أو خوفاً من أن يُحدث صيامه زيادةً في مَرضه، ويُطعم ستّين مسكيناً؛ لأنّ صيام شهرَين متتابعَين يعادل ستّين يوماً، فكان الإطعام لستّين مسكيناً عن كلّ يوم مسكين،ويطعم في الكفّارة ما يُطعم عند الفطرة؛ سواءً كان قمحاً، أو شعيراً، أو تمراً، أو زبيباً، أمّا إن كان قوت أهل البلد من غير ذلك، فقال القاضي إنّه لا يُجزئ، وقال أبو الخطاب إنّه يُجزئ، لقول الله -تعالى-: (مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ)، ولأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يذكر طعاماً مُحدَّداً، وإنّما أطلقَه.
أحكام مُتعلّقة بكفّارة الصيام:
لا يُسقط عَجْز الذي عليه الكفّارة الإعتاق، أو الصيام، أو الإطعام عنه، بل تبقى ذمّته مشغولة بها، فإن تيسّر له أداء واحدة منها أدّاها، وإن تيسّر له أداء أكثر من واحدة، فيتّبع الترتيب في الأداء، وهذا ما قاله جمهور الفقهاء بخِلاف الحنابلة الذين قالوا بأنّ الشخص إن كان عاجزاً عن أداء الكفّارة في وقتها، فإنّها تسقط وتُعتبَر كلٌّ من كفّارة الجماع في نهار رمضان، وكفّارة القتل من الكفّارات التي ينبغي أداؤها على الفور؛ بمعنى أنّ المُكلَّف يجب أن يؤدّيها بمُجرّد عِلمه بوجوبها عليه، وقدرته عليها؛ ففي الحديث الذي روته السيدة عائشة -رضي الله عنها-: (أَتَى رَجُلٌ إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ في المَسْجِدِ في رَمَضَانَ، فَقالَ: يا رَسولَ اللهِ، احْتَرَقْتُ، احْتَرَقْتُ، فَسَأَلَهُ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ما شَأْنُهُ؟ فَقالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي، قالَ: تَصَدَّقْ)،ولا يجوز أداء الكفّارة قبل حدوث ما يستدعيها؛ فلا يجوز مثلاً أداء كفّارة الجماع في رمضان قبل الجماع، والعكس هو الصحيح في ذلك.