كراكوف.. منبع الدهشة وعاصمة الأساطير في أوروبا الوسطى
منبع الدهشة وعاصمة الأساطير في أوروبا الوسطى بأكملها، تتجول في شوارعها الأنيقة فتكتشف أنك تبحر على ضفاف أزمنة بعيدة في موطن الملوك والملكات على مدار 5 قرون.
تتأمل مبانيها الفاخرة بما فيها من كاتدرائيات وكنائس وقلاع فتوقن أنك أمام مزيج بديع من الطرز المعمارية التي تعكس فنون العصر القوطي، والباروك وعصر النهضة.
تلك هي مدينة “كراكوف”، عاصمة بولندا حتى القرن السابع عشر، قبل أن تنسحب من الضجيج السياسي وتتفرغ لمهمة أكثر سموًّا وتكون بحق عاصمة الثقافة والجمال والتاريخ العريق.
تقع في جنوب البلاد وتطل على نهر ” فيتسولا” بارتفاع لافت فوق مستوى سطح البحر يقدر بـ 719 قدما، وتضم العديد من المنتزهات الطبيعية والغابات والسلاسل الجبلية التي تجعلها قطعة من البهاء الذي يمتزج فيه الماء والخضرة والوجه الحسن.
تتيه على العالم بالمهرجانات المفتوحة وموسيقى الشوارع وأغاني الهواء الطلق ومذاقات الطعام العابر للثقافات، والتي جعلت منها وجهة لعشاق الإبداع النادر والخصوصية والهدوء.
يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي حين كانت مجرد مستوطنة بسيطة من الطرق الطينية والأكواخ المشيدة بالخشب. أسسها أحد النبلاء الذي يدعى الأمير ” كراكوس” ويقال، بحسب الأسطورة، أنه نجح في القضاء على تنين شرس كان يؤذي سكانها ويؤرق منامهم، فحملت المدينة اسمه مع تعديل بسيط.
ولا تتوقف الأساطير عند هذا الحد؛ إذ يقال إن أسراب الحمام التي تملأ ساحات المدينة هي أرواح جنود كانوا في خدمة أحد القادة في القرون الوسطى وحولتهم ساحرة طيبة إلى طيور، حتى تسهل عليهم مهمة استيلائهم على إحدى المقاطعات. وحين تأجلت المعركة وأرادت الساحرة إعادتهم إلى صورتهم الأولى، فشلت وظل الحمام معذبا يروح ويجىء في المكان حتى اليوم.
ورغم جمال المدينة خارجيا، إلا أنها تحوي الكثير من الأسرار في باطنها، تحت الأرض، حيث العديد من المطاعم والنوادي الليلية التي تمتد بعيدا على هيئة أقبية وسراديب ومغارات ذات طابع معماري تحيلك إلى الماضي البعيد، وتم تجهيزها بلمسات عصرية مع الحفاظ على صورتها الأصلية.
في النهارات المشمسة، تتألق أبراج الكنائس والكاتدرائيات والقلاع فوق هضبة “فافيل” الشهيرة التي تعد أبرز ملامح المدينة. اتخذ ملوك وملكات بولندا قديما من قلعة “فافيل” مقرا لإقامتهم، قبل أن تتحول حاليا إلى متحف للفن وحارسا على التاريخ.
ويعد التجول في الحي القديم من المدينة متعة بحد ذاته، فهو يتمتع بخصوصية فريدة جعلت هيئة اليونسكو تضعه على لائحة “التراث العالمي” والسياح يقصدونه من كل مكان؛ إذ يعيدك فجاة إلى القرون الوسطى على الطريقة الأوروبية.
ولا تندهش إذا وجدت في هذا الحي وكذلك السوق القديم عددا يكاد يكون لا نهائيا من باعة الـ ” أوبفارزانكي ” وهو الخبز الذي يعد رمز المدينة وسرها العتيق. يصنعونه وفق خلطة شهية المذاق بالسمسم تارة وبالملح الصخري تارة أخرى، وقد يكون على هيئة بيتزا أو ما يسمى ” بيتزا الخبز”.