كانوا محاصرين تحت القصف.. صحفيون سودانيون يروون تفاصيل اللحظات المرعبة
روى صحفيون سودانيون كانوا عالقين في منطقة الاشتباكات المسلحة بين الجيش والدعم السريع في العاصمة الخرطوم، تفاصيل مرعبة حول مواجهتهم للموت خلال فترة العلق وأثناء رحلة الخروج من المخابي إلى منازلهم.
وكانت المواجهات المسلحة بين الجيش وقوات الدعم السريع، اندلعت في منطقة وسط الخرطوم، حيث تتواجد فيها مكاتب غالبية الصحفيين ومراسلي الإعلام الخارجي؛ ما جعلهم في مرمى النيران طوال 3 أيام قبل أن يتمكنوا من الخرطوم، عقب نداءات أطلقتها نقابة الصحفيين السودانيين.
عبدالباقي العوض، مراسل قناة الحرة في السودان، و7 من زملائه علقوا في مكتبهم الكائن في المنطقة الواقعة بين القيادة العامة للجيش والقصر الجمهوري، لمدة 3 أيام، قبل أن يتمكنوا من الخروج اليوم الاثنين في عملية وصفها بـ “الانتحارية”.
تحت القصف
وروى عبدالباقي لـ”إرم نيوز” تفاصيل الأيام العصيبة التي قضوها تحت القصف المتبادل، مع انقطاع الكهرباء والمياه ونفاد المواد الغذائية التي كانت بحوزتهم، حتى وصلوا إلى مرحلة قرروا فيها المخاطرة بحياتهم والخروج لمواجهة الموت في الخارج عوضًا عن انتظاره بالداخل.
وأوضح أنهم مكثوا من بداية الاشتباكات على الأرض داخل مكتب مظلم نتيجة انقطاع الكهرباء، يسمعون دوي الرصاص وقاذفات الأسلحة الثقيلة فوق رؤوسهم، لأن المنطقة أصبحت ساحة حرب، ولا يوجد غير الجنود المسلحين منتشرين في الخارج، مشيرًا إلى تحطم جزء من البناية التي كانوا يتواجدون بها نتيجة تبادل النيران بين الطرفين.
وحاول عبدالباقي العوض وزملاؤه الخروج مساء الأحد أثناء فترة الهدنة التي أعلنها الطرفان لمدة 3 ساعات لفتح ممرات إنسانية واجلاء العالقين، بيد أنهما لم يلتزما بها حيث ظلت الاشتباكات مستمرة بلا توقف، ما جعل العالقون يبيتون ليلة أخرى تحت القصف.
وقال: “حينما أطل صباح اليوم، لم يكن أمامنا غير خيارين، إما البقاء في المخبأ لنواجه الموت البطئ، وأما نخرج إلى الشارع لتجريب لعبة الحظ مع الموت أو الحياة، وقد نجحنا بحمدلله في الخروج سالمين حتى وصلنا بعد رحلة شاقة إلى منازلنا”.
وذكر العوض أنهم حين خروجهم وجدوا قوات الدعم السريع منتشرة في المنطقة الممتدة من شارع المك نمر شرقاً وحتى موقف جاكسون غربا، حيث عبروا بعدها شارع الحرية جنوباً، قائلاً إن أحدهم كان يرفع قطعة بيضاء طوال الرحلة الأمر الذي ساعد في تسهيل حركتهم حيث لم يتعرضوا إلا للتوقيف من أجل التفتيش والتأكد من هويتهم.
ولا زالت المواجهات المسلحة في العاصمة الخرطوم مستمرة بصورة عنيفة لليوم الثالث على التوالي، حيث انحصرت في محيط القيادة العامة للجيش، كما لا زالت الاشتباكات في منطقة المهندسين بامدرمان مستمرة منذ الساعات الأولى من الصباح.
مكاتب مدمرة
من جهته كان أحمد عبدالغني، صحفي في وكالة “تانا فور ميديا” محاصرًا مع زملائه داخل بناية العمارة الكويتية والتي توجد في المنطقة ذاتها الواقعة بين القيادة العامة للجيش والقصر الجمهوري، وهي المنطقة التي لا زالت مسرحًا للاشتباكات المسلحة والمواجهات المفتوحة.
وتمكن أحمد عبدالغني مع زملائه في الخروج من منطقة الحصار مساء الأحد أثناء فترة الهدنة التي أعلنها الطرفان لمدة 3 ساعات، حيث وصلوا إلى منازلهم بعد لحظات رأوا خلالها الموت يحدق بهم.
يقول أحمد عبدالغني، لـ”إرم نيوز” إن مكاتبهم دمرت بسبب القصف المتبادل، حيث لجأوا إلى الإختباء بالطابق الأرضي للبناية، وقد كانت الكهرباء والمياه مقطوعة عنهم كما نفد غذائهم.
وتابع: ” الساعة الرابعة مساء الأحد، توقف تبادل النيران، خرجنا على الفور وسرنا غربًا تجاه القصر الجمهوري فوجدنا جنود الدعم السريع منتشرين في الشوارع، كانوا يوجهوننا بالمسارات التي نسلكها حتى وصلنا جسر توتي غرباً وعبرناه إلى وجهتنا، حيث وصلنا بسلام”.
عالقون جدد
ومع استمرار المعارك لليوم الثالث على التوالي، ما زال هنالك 17 من موظفي وكالة السودان للأنباء (سونا) عالقين منذ السبت الـ15 من نيسان/ أبريل، وهم بحاجة إلى إجلاء عاجل، بحسب نقابة الصحفيين السودانيين.
وأطلقت نقابة الصحفيين السودانيين نداءً عاجلاً للجهات والمنظمات الدولية لإجلاء الموظفين المحاصرين، في المبنى الكائن بشارع الجمهورية في محيط المنطقة العسكرية وهو الآن في قلب الاشتباك.