يحفل الخطاب الإلهي بالعديد من العبر والعظات التي وردت في مختلف سور القرآن الكريم وهو الخطاب الصالح لكل زمان ومكان حيث وردت الكثير من الوصايا والعبر في ثنايا هذا الخطاب وقد جاءت بعض هذه العبر والعظات في قصة بقرة بني إسرائيل التي وردت في سورة من سور القرآن الكريم سميت باسمها وهي من القصص التي تحدث عنها القرآن الكريم
إذ كان لأحد الرجال الصالحين من بني إسرائيل بقرة، كان يُربيها ويرعاها ويُحافظ عليها كي تظلّ من بعده لابنه، وكان يذهب بها إلى المروج الخضراء كي ترعى ويدعو الله قائلًا: “اللهم إني استودعتكها لابني حتى يكبر”، ولم مات الرجل بقيت هذه البقرة من بعده لابنه اليتيم، وبقي يرعى البقرة كما كان يرعاها أبوه من قبله، وقد كان في بني إسرائيل رجلٌ يملك مالًا كثيرًا، ويُعدّ من وجوه بني إسرائيل، أعطاه الله المال والغنى وكان له ابنٌ وحيد، ورث كلّ شيءٍ عن أبيه، فحسده أبناء عمومته على هذا المال؛ لأنه لم يكن لديهم مثله، فتجمعوا عليه وقتلوه، وأشاعوا أن قومًا آخرين هم الذين قتلوه، وراحوا يُطالبونهم بدمه، وعند وقوع هذه المشكلة الكبيرة لم يجد القوم أي ملجأ لهم إلا أن يذهبوا إلى موسى -عليه السلام- كي يحتكموا إليه.
عندما ذهبوا إليه سألهم موسى عن الأمر، فأمرهم أن يأتوا ببقرة ويضربوا الميت بلسانها، فيحيا ويخبر بمن قتله. وظن بنو إسرائيل أنّ موسى -عليه السلام- يستهزئ بهم، فراجعوه في هذا فقال لهم: “أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين”، ولو أنهم أطاعوا موسى -عليه السلام- وذبحوا البقرة لكان كافٍ، لكنهم أخذوا يسألونه عن صفات البقرة التي يجب أن يذبحوها، وكانوا كلما ازدادوا بالسؤال يزداد الوصف تعقيدًا، ولم يجدوا بقرة بالمواصفات المطلوبة إلا بقرة اليتيم التي بارك الله له فيها،فاشتروها منه بالكثير من المال، وذبحوها بعد حيرة وتردد.
وورد هذا في قوله تعالى: “وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ”، ولما ضربوا القتيل بالبقرة أحياه الله تعالى، وأخبر عن قاتله، وأصبحت تُعرف بأنها بقرة بني إسرائيل، وبهذا انتهت قصة بقرة بني إسرائيل.