في خضم الحرب العالمية الثانية، باشرت القوات الألمانية تدخلها بالأراضي الهولندية يوم 10 أيار/مايو 1940. ويوم 4 من نفس الشهر، استسلمت القوات الهولندية أمام التفوق العسكري الألماني. وبمقاطعة زيلاند (Zeeland)، رفض الهولنديون الاستسلام وواصلوا القتال لحدود يوم 17 أيار/مايو قبل أن يلقوا بأسلحتهم لتقع بذلك كامل هولندا بقبضة الألمان.
إلى ذلك، تواصل الاحتلال الألماني للأراضي الهولندية لحدود العام 1945 حيث انسحب الألمان نهائيا منها أمام تقدم الحلفاء بالأيام الأخيرة من الحرب العالمية الثانية. وأواخر فترة الاحتلال الألماني، مرت هولندا بمجاعة بسبب النقص الحاد بالمواد الغذائية. وقد أسفرت هذه المجاعة حسب إحصائيات تلك الفترة عن وفاة عشرات الآلاف.
مظاهر المجاعة بهولندا
عقب إنزال الحلفاء بنورماندي يوم 6 حزيران/يونيو 1944، تدهورت الأوضاع الإنسانية بهولندا. وخلال الأشهر التالية، تمكن الحلفاء من تحرير القسم الجنوبي لهولندا واضطروا للتوقف عقب فشل عملية ماركت غاردن (Market Garden). وأمام هذا الوضع، لبى عمال خطوط السكك الحديدية الهولندية دعوة حكومة بلادهم بالمنفى للإضراب لدعم جهود تحرير البلاد. وكرد على ذلك، فرض الألمان بداية من أيلول/سبتمبر 1944 حصارا عمدوا من خلاله لقطع الإمدادات الغذائية عن القسم الشرقي لهولندا.
إلى ذلك، كان لهذا الحصار الذي تواصل لحدود شهر تشرين الثاني/نوفمبر 1944 أضرار جسيمة على الهولنديين الذين افتقروا للمواد الغذائية الكافية. فبمدن كأمستردام، انخفضت الحصص الغذائية اليومية لما يقارب ألف سعرة حرارية. وبمدن أخرى بشرق البلاد، لم تتجاوز الحصص الغذائية اليومية للبالغين 450 سعرة حرارية.
من ناحية أخرى، عطلت الفيضانات وقصف الحلفاء عمليات نقل كميات كافية من الغذاء. وحسب تقارير تلك الفترة، بلغ عدد الذين واجهوا خطر المجاعة بشرق البلاد 4.5 مليون هولندي.
بداية من شهر تشرين الأول/أكتوبر 1944، اختفت بعض المواد الغذائية، كالزبدة، من مدن الشرق الهولندي. فضلا عن ذلك، تلقت هذه المناطق كميات ضئيلة من الزيوت النباتية. وبحلول 1945، تراجعت الحصص الغذائية بشكل كبير حيث حصل الفرد الواحد على نحو 100 غرام من الجبنة كل أسبوعين ونحو 1200 غرام من الخبز يوميا تزامنا مع غياب شبه تام للحوم.
وإضافة للمجاعة، افتقرت هذه المناطق الهولندية للغاز وعانت من انقطاع الكهرباء. وللتدفئة، اضطر الأهالي لإشعال الأثاث المصنوع من الخشب.
22 ألف ضحية
بداية من شهر كانون الأول/ديسمبر 1944، سجلت العديد من حالات الوفيات بمدن هولندية كأمستردام ولاهاي وروتردام. وعلى حسب إحصائيات تلك الفترة، بلغ عدد ضحايا مجاعة هولندا ما بين 1944 و1945 أكثر من 22 ألف ضحية كان جلهم من الأطفال والطاعنين في السن.
قبل سيطرة الحلفاء على شرق هولندا بفترة وجيزة، عرفت أزمة الغذاء انفراجا طفيفا. فبحركة إنسانية، أرسلت السويد كميات هامة من الطحين للمناطق المنكوبة. فضلا عن ذلك، سمح الألمان لطائرات الحلفاء بإلقاء الغذاء فوق المدن الهولندية وقدموا وعودا بعدم استهدافها.