في قضية الطفلة ملك.. كيف يتعامل القانون مع جرائم هتك العرض ومتى تُغلظ العقوبة؟
تستكمل النيابة العامة تحقيقاتها في واقعة التعدي الجنسي على الطفلة “ملك” في أسيوط، وقررت إيداع الطفل المتهم دار رعاية أطفال، وندبت الطبيب الشرعي المختص لتوقيع الكشف الطبي على المجني عليها بيانًا لما بها من إصابات، وكيفية حدوثها.
عاينت النيابة العامة محل الحادث واطلعت على ما سجلته آلات المراقبة المطلة عليه، وسألت المسئولين عن إدارة المكان فتبنيت تشغيله دون ترخيص، واستجوبت الطفل المتهم فيما نَسب إليه من اتهام فأنكره خلال التحقيقات.
رأي خبراء قانون، حول جريمة هتك العرض وكيف يتعامل القانون معها؟
قال الخبير القانوني، إن جريمة هتك العرض ثاني جرائم الاعتداء على العرض من حيث الجسامة، وتُعرف على أنها الإخلال العمدي الجسيم بحياء المجني عليه بفعل يرتكب على جسمه و يمس في الغالب عورة فيه، ويمكن القول بتوافر جريمة هتك العرض بحق الجاني فإنه يجب توافر أمران، وهما أولًا- المساس بجسم المجني عليه، ثانيًا- الإخلال الجسيم بالحياء.
أضاف «السويفي» في تصريحات لـ«أهل مصر» أن هناك تباين في الآراء حول ما يعتبر عورة في جسم الإنسان، فالمعنى الشرعي للعورة ووفقا له يعد جسم المرأة كله عورة عدا وجهها ويديها، بينما تنحصر العورة في جسم الرجل فيما بين السرة والركبتين.
لم تأخذ محكمة النقض بالمعنى الشرعي للعورة، بل أخذت بالمدلول العرفي للعورة ولكن الأخذ بهذا المعنى يثير جدلًا وصعوبات فليس للعورة مدلول عرفي واحد وإنما لها مدلولات عديدة تتباين فيما بينها أشد التباين فلها مدلول في الريف يختلف عن مدلولها في المدينة ولها على شاطئ البحر في موسم الاصطياف مدلول يختلف عن مدلولها في داخل المدينة ولها في مصر مدلول يختلف عن مدلولها في بلد آخر.
تابع موضحا أنه يشترط لكى يقع الفعل الذي يأتي به الجاني على جسم المجني عليه ومن ثم لا يكفي في ذلك الفعل أنه يسيء إلى أخلاق المجني عليه بأن يعرض على سمعه أو بصره مشاهدًا أو صورًا بذيئة من الناحية الجنسية، فإذا كانت معاني العورة مختلفة على هذا النحو فإن هناك تنوع في المعايير التي يأخذ بها القضاء ويختلف حظ المتهم باختلاف المعيار الذي يفضله قاضيه.
نوه المحامي أنه وتطبيقا لذلك فإنه إذا أُرغم الجاني المجني عليه على ارتكاب الفعل المخل بالحياء على جسمه كما أنه إذا أرغمه على أن يتعرى أمامه فإنه بذلك يكون مسئولًا عن هتك عرضه، وإذا فاجأ الجاني شخصًا عاريًا في مكان خاص كمنزله فاطلع على عورات جسمه دون رضاء صحيح منه كان مسئولًا عن هتك عرضه أيضًا .
«للمحكمة سلطة تقدير جسامة الاخلال بالحياء»، يقول المحامي منوهًا بأنه المسئول عن تحديد عما إذا كانت درجة إخلاله بالحياء جسيمة فترقى به لأن يكون هتك عرض أم تبقيه فعلًا فاضحًا، مضيفا أنه لا يمكن الحكم على الفعل الذي أتى به الجاني على جسم المجني عليه بأنه هتك عرض إلا إذا كان مُخل بالحياء إخلالا جسيما، لذلك إذا كان هذا الفعل لا يخل بالحياء اخلالا جسيما فإنه لا يقوم به هتك العرض وإنما تكون الجريمة هى الفعل الفاضح.
وأشار محمود حسني، المحامي بالنقض والخبير القانوني، إلى أن جريمة هتك العرض لا تخرج عن حالتين، أولاها- هتك العرض بالقوة او التهديد، وثانيها- هتك العرض دون قوة أو تهديد وهذه الحالة غير معاقب عليها إلا إذا كان المجني عليه لا يتجاوز عمره 18 سنة، ويشترط في القوة أو التهديد كي يقوم به ركن هذه الجريمة أن يكون من شأنه انعدام رضاء المجني عليه بالفعل الذى يأتيه الجاني.
ومن أسباب الإباحة وموانع المسؤولية أن يبيح الدفاع الشرعي هتك العرض بالقوة أو التهديد، فإن لم يجد المعتدي عليه وسيلة لدرء خطر المعتدي غير أن يمزق ملابسه.
وعن عقوبة جريمة هتك العرض، فإن توافر فيها حالة القوة أو التهديد، يعاقب فاعلها بالسجن المشدد من ٣ إلى ١٥ سنة، ولقاضي الموضوع سلطة تقديرية بين الحدين الأدنى والأقصى للعقوبة بالنظر لاعتبارات درجة الفعل الذي صدر عن المتهم ومقدار جسامة العنف أو التهديد الذي صدر منه وله أن يعتبر زواج الجاني من المجنى عليها سببا للهبوط بالعقوبة.
وأضاف أن العقوبة تكون السجن المشدد مدة لا تقل عن 7 سنوات في حالتين، إذ كان من وقعت عليه الجريمة لم يبلغ 18 سنة، أو كان للجاني صفة تعني أن له صلة بالمجني عليه مثل الخادم أو المدرس أو القائم على تربيته، وإذا كان عمر المجني عليه أقل من 18 سنة وكان للجاني صفة على المجني عليه من الصفات السابقة فإن العقوبة هي السجن المؤبد، ويكون تشديد العقوبة هنا أمرًا وجوبيًا.
أضاف المحامي في تصريحات لـ«أهل مصر» أنه حال وقعت جريمة هتك العرض من دون قوه أو تهديد، فهو غير معاقب عليه إلا إذا كان سن المجني عليه أقل من 18 سنه فلا يعتد برضائه إذ أنه غير معتبر قانونًا، ولا تخرج عن صورتين، أولاها- صورة بسيطة وتكون العقوبة السجن من ٣ إلى ١٥ سنة إذا كان سن المجني عليه أقل من 18سنة، وثانيها- صورة مشددة وتكون العقوبة هى السجن المشدد مدة لا تقل عن 7 سنوات وذلك في حالتين، أن يكون سن المجني عليه لم يجاوز 12 سنة، أو أن يكون هناك صفة للجاني على المجني عليه كان يكون من اصوله او من المتولين تربيته أو من له سلطة عليه، ولم ينص المشرع على مزيد من التشديد إذا اجتمع هذين الظرفين معًا على غرار ما فعل بالنسبة لهتك العرض بالقوة او التهديد.