في ظل الانهيار السياسي.. هل يذعن نتنياهو لمخطط “الصهيونية الدينية” لاحتلال غزة؟
يتبنى تيارالصهيوينة الدينية بالحكومة الإسرائيلية مخططًا يرنو إلى إعادة احتلال قطاع غزة وتوطين قرابة 300 ألف مستوطن يهودي في 3 مدن كبرى مفترضة.
ووفق المخطط، ستُشيَّد في غزة 3 مدن على غرار مدن عسقلان وأسدود، سيقطن كل واحدة قرابة 100 ألف مستوطن، حسبما أفاد الكاتب والمحلل الإسرائيلي المخضرم شالوم يروشالمي، اليوم الاثنين.
وعكس يروشالمي عبر مقاله التحليلي بصحيفة “زمان يسرائيل” جانبًا مما يدورفي كواليس المشهد السياسي الإسرائيلي، ما بين ضعف موقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ومحاولات تيارالصهيونية الدينية استغلال هذا الضعف لفرض رؤية بُنيت على أساس ديني.
وذكر الكاتب أن الجدل الدائر حاليًّا في إسرائيل بشأن مستقبل قطاع غزة “لا يمكن حسمه بشكل منطقي، طالما أن طرفًا من أطرافه يستند إلى عقيدة دينية متعصبة، دون أن يزعزع رأيه أي ممارسة سياسية أو أمنية”.
الاستيطان في غزة
وضرب يروشالمي مثالًا بعضو الكنيست عميحاي هاليفي (الليكود) الذي ذكر أنه يتعين أن تُقام في غزة 3 مدن إسرائيلية كبرى على غرار عسقلان وأسدود، بحيث يقطن كل منها 100 ألف مستوطن على الأقل، مضيفًا أن العقيدة الدينية هي التي تحرك هاليفي “لأنه من غير الممكن أن تكون إسرائيل قادرة أو مؤهلة لإعادة احتلال غزة وإقامة مدن جديدة بها”.
مثال آخرعثر عليه الكاتب، يتعلق بالناشط عيرا رابابورت، من سكان مستوطنة “شيلو”، وعضو في مركز “الليكود”، يرى أن “طوفان الأقصى” في السابع من أكتوبر الماضي “هي عقاب إلهي بسبب خطيئة الانسحاب من غزة”، كما يعتقد أن “كل انسحاب حدث من سيناء أو جنوب لبنان أو الضفة الغربية سيتبعه ضربة قاصمة (عقاب من السماء).
وفيما يتعلق بمصير مليوني فلسطيني في غزة، يؤمن عضو “الليكود” رابابورت المتطرف، أنه يتعين تطبيق نموذج باكستان، والتي تطرد، على حد قوله، في هذه الأيام 1.7 مليون أفغاني يقيمون في البلاد بشكل غير قانوني، ويفر مئات الآلاف منهم بالفعل باتجاه الحدود مع أفغانستان، ويقول إنه “ربما يتعين أن نتعلم منهم”.
وأوضح رابابورت العضو السابق في منظمة يهودية سرية أن شخصية أخرى انضمت لتلك الأصوات المتطرفة، يوم أمس الأحد، وهو وزير الاتصالات شلومو كرعي، مضيفًا أن الأمر لم يعد يقتصرعلى حزب الصهيونية الدينية أو عوتسما يهوديت (صهيونية دينية أيضًا)، وإنما وزراء من “الليكود”.
وكان وزير الاتصالات الإسرائيلي ذكر في حديث إذاعي لـ “راديو براما”، أن “العودة للاستيطان في قطاع غزة هي حلمنا جميعًا، لكن الآن نحن نركز على استئصال الإرهاب وتطهير غزة بشكل شامل”.
نتنياهو يعارض
ويقول الكاتب إن الفكر السائد بين تيار “الصهيونية الدينية” هو أن “إعادة احتلال غزة وتوطينها باليهود هو أمر إلهي في حال لم يُطبق ستحل بإسرائيل مآس أخرى”، مضيفًا: “أن هذا ما يؤمنون به بشكل أساس، ويتبعه الكثير من أعضاء الصهيونية الدينية وحزب عوتسما يهوديت، شركاء نتنياهو بالحكومة”.
ويقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمام مأزق كبير، وفق الكاتب، “إذ تنضم العقيدة الدينية لدى الداعين لإعادة الاحتلال (الصهيونية الدينية) إلى شعورهم بالظلم التاريخي جراء فك الارتباط عن مستوطنات غوش قطيف عام 2005″، على حد قوله.
وصرح نتنياهو، أمس الأول، خلال مؤتمر صحفي، ردًّا على سؤال أحد الصحفيين، بأنه يعارض إقامة مستوطنات إسرائيلية في غزة بعد الحرب.
لكن الكاتب تساءل “ما إذا كان لدى نتنياهو القوة السياسية للصمود في وجه الداعين للاستيطان في غزة، وهي الدعوات التي يطلقها اليمين وتتصاعد من أسفل (الأولويات السياسية) إلى أعلى لتكتسب المزيد من الزخم” على حد قوله.
ووفق الكاتب الإسرائيلي، فإن كلًّا من الوزير شلومو كرعي، والوزيرة أوريت ستروك (وزيرة الاستيطان والمهمات الخاصة/ صهيونية دينية)، وعضو الكنيست عميحاي هاليفي (الليكود)، وعيرا رابابورت (ناشط الليكود)، وإيتامار بن غِفير (وزير الأمن القومي/ صهيونية دينية)، وبتسلئيل سُموتريتش (وزير المالية/ صهيونية دينية)، ووزير التراث عميحاي إلياهو (حزب عوتسما يهوديت/ صهيونية دينية)، وكل شركاء نتنياهو الآخرين من اليمين “ليسوا أصواتًا في الظلام، ولكنهم قادرون على استغلال ضعف نتنياهو السياسي عقب الفشل في الحرب من أجل فرض احتلال غزة والعودة إلى غوش قطيف، وكفار دروم، ونتساريم، وربما سيناء”.
ويرى الكاتب أن حرص الجنود على وضع أعلام إسرائيل في كل مكان يَصلون إليه في غزة “يعزز شرعية تلك المطالب”.
استنساخ تجربة الضفة
وتابع الكاتب شالوم يروشالمي أن اليمين نجح في إحداث انقلاب بشأن الضفة الغربية حين تولى وزير المالية سموتريتش منصب وزير بوزارة الدفاع إلى جانب يوآف غالانت، لكن لشؤون الضفة فقط.
وقال إن الكثير من الموازنات والخطوات التي جرت هناك كلها دليل على مدى قوة اليمين الديني – القومي في الحكومة (الصهيونية الدينية)، والذي فرض قرارات ليست قليلة على نتنياهو وعلى وزير الدفاع غالانت.
ولفت إلى أن ما يحدث بالضفة اليوم هو تحقيق حلم المستوطنين، فعشرات الآلاف من الجنود هناك يقومون بمكافحة “الإرهاب” بصرامة، ويبطشون بالفلسطينيين، ولا سيما من يلقون الحجارة والزجاجات الحارقة.
وبيَّن أنه “في أعقاب التراجيديا القومية في الجنوب (طوفان الأقصى) وميل الإسرائيليين إلى اليمين، يمكن إذن تطبيق ما يحدث بالضفة على غزة أيضًا، في ظل وجود رئيس وزراء ضعيف جدًّا”.
وأضاف الكاتب أن “تهديدات على غرار – لو لم نستوطن في غزة سنسقط الحكومة- من شأنها أن تجبر نتنياهو على الإذعان، وهو أمر لا ينبغي التقليل من شأنه”.