في ذكري ميلاد يحيى شاهين.. تعرف علي حكاية القبض عليه
نشرت مجلة الكواكب، كبرى مجلات الفن المصرية وأشهرها على الإطلاق، في أحد أعدادها الصادرة في عام 1958 مقالاً بقلم الفنان يحيى يحيى حسين شاهين الشهير بـ «يحيى شاهين» المولود بمحافظة الجيزة القاهرية سنة 1917، والمتوفى فيها سنة 1994، والذي جسد الكثير من الأدوار المتنوعة في السينما والمسرح خلال مسيرته الفنية ما بين عامي 1938 و1992، لعل أشهرها دور «سي السيد» في ثلاثية نجيب محفوظ الخالدة (بين القصرين، قصر الشوق، السكرية)، عدا عن أدوار المعلم والدون جوان والفلاح والمراهق العجوز والبدوي والبلطجي والضابط ورجل الدين والطبيب والنجار والرسام ووكيل النيابة والمحامي والقاضي والباشا والسفير والعمدة وغيرها.
في ذلك المقال الذي عنونه بـ «جريمة على الشاطئ» تحدث عن واقعة طريفة حدثت له إبان قضائه فصل الصيف على بلاجات الإسكندرية مع نفر من أصدقائه. وقتها كان شاهين من نجوم الصف الأول في السينما المصرية، وبالتالي كان المعجبون والمعجبات يلاحقونه في كل مكان لالتقاط الصور معه أو على الأقل ليوقع لهم/ لهن على الأوتوغرافات الشخصية.
وذات مرة، وبينما هو على البلاج بمايوه السباحة وحوله المعجبون والمعجبات فوجئ برجل من رجال الشرطة يمسك به ويقول له: «قدامي على القسم»، فسأل الشرطي بدهشة وهو في حالة حرج وصدمة عن الجريمة التي اقترفها كي يقتاد إلى مركز الشرطة، فما كان من الشرطي إلا أن رد بخشونة: «حتعرف جريمتك في القسم»، محذراً إياه من محاولة الهرب.
وإزاء إصرار الشرطي، ودفعاً لفضيحة تمس اسمه وتكون مادة تلوكها الألسن وصفحات الجرائد في اليوم التالي، اضطر أن يذهب مع الشرطي إلى القسم ليفاجأ بأن القضية تتعلق بقصة محاولته إنقاذ فتاة من الغرق على البلاج في وقت سابق من اليوم نفسه.
وملخص القصة أن شاهين ورفاقه اعتادوا أن يستيقظوا مبكراً ويتهجوا للسباحة على شاطئ الإسكندرية قبل أن يمتلئ الشاطئ بالناس كي يتفادوا التفاف الجمهور حولهم. وفي ذلك اليوم المشؤوم فوجئ بفتاة تصارع الأمواج وتوشك على الغرق فسارع لإنقاذها وفي اعتقاده أنها تحاول الانتحار. ولاحظ أنه كلما كان يقترب منها، تجهش بالبكاء. فلما عرف أن سبب بكائها هو تمزق المايوه الذي كانت ترتديه وخجلها من الخروج أمام الناس وهي عارية، أصر على إنقاذها بأي وسيلة وليكن ما يكون، فقام بنزع الحزام الذي كان يربط به بنطاله الخاص بالسباحة وقذفه إليها في محاولة لجرها إلى الشاطئ. وهكذا تمكن من إنقاذها بعد جهد وعناء.
في مركز الشرطة وجهت إليه تهمة ارتداء المايوه على الشاطئ دون حزام، وكانت عقوبتها غرامة مالية قدرها 25 قرشاً، دفعها شاهين صاغراً بعد أن استلفها من أحدهم لأنه ذهب إلى القسم دون أخذ حوائجه المتروكة على البلاج.
والمعروف أن شاهين، قبل دخوله مجال الفن، درس بقسم النسيج في مدرسة العباسية الصناعية فنال دبلومها، ثم حصل على بكالوريوس في هندسة النسيج، فتم تعيينه مهندساً بشركة مصر للغزل والنسيج بالمحلة الكبرى، حيث انضم إلى فرقة الشركة للتمثيل لإشباع شغفه بالفن إلى أن شاهده الممثل الكوميدي «بشارة واكيم» والممثل الأصلع المتخصص في أدوار الخواجة الجواهرجي «إدمون تويما» الذي كان وقتها مديراً للمسرح في دار الأوبرا الملكية، فقاما بمنحه فرصة الانطلاق في عالم النجومية والشهرة والتي بدأت بدور هامشي في فيلم «لو كنت غني» (1942) للمخرج هنري بركات قبل أن يؤدي دور البطولة أمام أم كلثوم في فيلم «سلامة» (1945) للمخرج توغو مزراحي، ويواصل مشواره بنجاح في نحو 97 فيلماً بعضها باعث على الكآبة، والبعض الآخر مصنف ضمن أهم مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية مثل: زينب (1952) لمحمد كريم، جعلوني مجرماً (1954) لعاطف سالم، ابن النيل (1955) والأرض (1970) ليوسف شاهين، أين عمري (1957) لأحمد ضياء الدين، بين القصرين (1964) لحسن الإمام، شيء من الخوف (1969) لحسين كمال.