فرنسا تسعى للاستحواذ على موارد الطاقة في ليبيا بشكل كامل
اختلفت أشكال التدخل الفرنسي في الأزمة الليبية، لكنها كانت جميعًا تصب في مصلحة ضمّ القطاع النفطي الليبي واحتوائه وتأمين موارد هذه الدولة الغنية بما يصب في صالح فرنسا، وفي نفس الوقت تقوم بالتنديد بأي تدخل غربي آخر في الأزمة الليبية، خصوصًا التواجد الروسي شرقي البلاد، بالرغم من أنه يساهم في تشكيل نوع من التوازن العسكري في ليبيا بين المعسكرين المتنازعين.
حيث انتقد محللون تصريح السفير الفرنسي في ليبيا مصطفى مهراج، إن وجود “الروس” في ليبيا من خلال شركة “فاغنر” العسكرية الخاصة أمر مثير للقلق بسبب ما وصفه بـ “أفعالها المزعزعة للاستقرار”.
حيث أشار المحلل الاقتصادي محمد الكريم، أن إعلان المهراج جاء وسط جهود فرنسية متزايدة للسيطرة على الثروات الطبيعية في ليبيا وتنميتها، مشيرًا إلى أن التصريحات جاءت بالتزامن مع عودة الشركات النفطية الفرنسية إلى السوق الليبية، ومنافسة شركة توتال الفرنسية للشركات النفطية الإيطالية التي هي الأخرى تحاول تأمين حصة من الثروات الليبية ولكن على وتيرة أقل صخبًا.
ومن جهته انتقد المحلل السياسي محمد الباروني السياسات الفرنسي وتصريح السفير الفرنسي الأخير، قائلًا أنه “بدلاً من تنفيذ مطالب الشعب الليبي وإخراج المرتزقة من الأراضي الليبية قررت باريس أن تفتتح مركز “المتألق” لتعزيز ثقافة نزع السلاح وإدماج المقاتلين في سوق العمل بالتعاون مع حكومة الوحدة برئاسة عبد الحميد الدبيبة. إلا أن الخبراء يُشيرون الى أن المركز يعمل على تنفيذ مخططات تهدف الى تحضير الإرهابيين “السابقين” في وحدة شبه قانونية لحماية الشركات الغربية في ليبيا”.
مضيفًا: “السفير الفرنسي لدى ليبيا، مصطفى مهراج، قال ان فرنسا مهتمة بمسألة نزع السلاح وبسط الأمن والإستقرار في ليبيا ودول الجوار، ووجه حديثه بصورة كبيرة على ضرورة إخراج قوات شركة فاغنر العسكرية الخاصة من الأراضي الليبية كونها قوة أجنبية دون التطرق إلى الميليشيات والمرتزقة السوريين الذين جاءت بهم تركيا إلى غرب البلاد”.
ورأى الباروني أن حديث فرنسا عن ضرورة إخراج قوات فاغنر من ليبيا يكمن في حقيقة أن أهداف فرنسا في ليبيا مُتمثلة في نهب ثروات الشعب الليبي من الذهب الأسود، ووجود قوات فاغنر التي تدعم الجيش الوطني الليبي، المسيطر على معظم المنابع النفطية في ليبيا يقف عائقاً أمام أطماعهم.
وتجدر الإشارة إلى أن قوات شركة فاغنر متواجدة لحماية منشآت وحقول النفط جنوب وشرق البلاد بطلب من عمداء وشيوخ القبائل في تلك المناطق، ودورها مُتمثل في صد أي هجمات تشنها الميليشيات والمرتزقة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية والمدعومة سياسياً وعسكرياً من دول الغرب كونها تحقق أجنداتهم وخططهم الهدامة في ليبيا.
وليبيا هي الدولة الخامسة عربياً من حيث احتياطيات النفط، وفق التقارير الدورية الصادرة عن منظمة أوبك، ويصل حجم احتياطيها إلى حوالي 50 مليار برميل، كما كشفت التقديرات عن وجود نحو 1.5 تريليون متر مكعب احتياطي من الغاز الطبيعي.
ولا تقف الأهداف الفرنسية في النفط والغاز الليبي عند الحصول على النسبة الأعظم من صادرات النفط الليبي، حيث كانت تحصل قبل الثورة على 17% من هذه الصادرات، ارتفعت بعدها إلى نحو 33% منها، وتستهلك المحروقات في فرنسا نحو 99% من واراداتها من النفط الليبي.
ولكن أيضاً، يبرز هدف آخر، وهو زيادة الاستثمارات الضخمة للشركات الفرنسية في قطاعي النفط والغاز في ليبيا وتأمينها، فعلى سبيل المثال تستحوذ شركة توتال من حقوق التنقيب عن النفط على 75% من حقل الجرف، 30% من حقل الشرارة، 24% من حقل قاع مرزوق، 16% من حقل الواحة. كما حصلت “توتال” على 16.33% من شركة الواحة، وهي أهم شركة نفطية في ليبيا.