لماذا حرم الله القتال في الأشهر الحرم.. وسبب تسمية شهر رجب “بمضر”
يعتبر شهر رجب، هو الشهر السابع من السنة القمرية أو التقويم الهجري، وكلمة رجب جاءت من “الرجوب” بمعنى التعظيم، وفيه حدثت معجزة “الإسراء والمعراج”، ويرجع فضل هذا الشهر بأن الله عز وجل قد فضل الأشهر الحرم عن سائر شهور العام،
وخصصها بمزيد من الإجلال والإكرام. ورجب من الأشهر الحرم، وهو شهر كريم ويدعى بـ”الشهر الأصب” وذلك لأن الرحمة الإلهية تصب على عباده صبًا، ويستحب فيه الصيام والقيام بالأعمال العبادية وضرورة تجنب المعاصي في مثل هذه الأشهر والبعد عن الرذيلة.
ويستحب للمسلم في “رجب” الإكثار والمواظبة على ما ثبتت به السنة في سائر الأيام من نوافل الطاعات، صلاة، صيام، صدقات وغيرها من القربات.
و”رجب”: الراء والجيم والباء أصل يدل على دعم شيء بشيء وتقويته، ومن هذا الباب: رجبت الشيء أي عظّمته، فسمي رجبًا لأنهم كانوا يعظّمونه وقد عظمته الشريعة أيضًا.
لماذا رجب شهر حرام؟
إن للأشهر الحرم مكانةً عظيمة ومنها رجب، لأنه أحد هذه الأشهر الحرم قال تعالى: “يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام”، المائدة، أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها، فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل اعتقاده.
وقال تعالى: “فلا تظلموا فيهن أنفسكم”، التوبة 36، أي في هذه الأشهر المحرمة، والضمير في الآية عائد إلى هذه الأربعة الأشهر على ما قرره إمام المفسرين ابن جرير الطبري. ومراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة، والحذر من الوقوع في المعاصي والآثام تقديرًا لما لها من حرمة،
ولأن المعاصي تعظم بسبب شرف الزمان الذي حرّمه الله، ولذلك حذرنا الله في الآية السابقة من ظلم النفس فيها من ظلم النفس ويشمل المعاصي ويحرم في جميع الشهور.
لماذا حرم الله القتال في الأشهر الحرم؟
قال تعالى: “يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير”، البقرة، واتفق جمهور العلماء على أن القتال في الأشهر الحرم منسوخ بقوله تعالى: “فإذا أنسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم”، التوبة،
واستدلوا بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قاتل أهل الطائف في ذي القعدة وهو من الأشهر الحرم. وقال آخرون: لا يجوز ابتداء القتال في الأشهر الحرم، وأما استدامته وتكميله إذا كان أوله في غيرها فإنه يجوز،
وحملوا قتال النبي صلى الله عليه وسلم لأهل الطائف على ذلك؛ لأن أول قتالهم في حنين في شوال. وكل هذا في القتال الذي ليس المقصود فيه الدفع، فإذا دهم العدو بلدًا للمسلمين وجب على أهلها القتال دفاعًا سواء كان في الشهر الحرام أو في غيره.
وأما الحكمة من تحريم القتال فيها، فقد أوردها ابن كثير في تفسيره: “وإنما كانت الأشهر المحرمة أربعة: ثلاثة سرد، وواحد فرد، لأجل مناسك الحج والعمرة، فحرم قبل شهر الحج شهر وهو ذو القعدة، لأنهم يقعدون فيه عن القتال، وحرم شهر ذي الحجة لأنهم يوقعون فيه الحج ويشتغلون فيه بأداء المناسك،
وحرم بعده شهر آخر وهو المحرم ليرجعوا فيه إلى أقصى بلادهم آمنين، وحرم رجب في وسط الحول لأجل زيارة البيت والاعتمار به لمن يقدم إليه من أقصى جزيرة العرب فيزوره ثم يعود إلى وطنه آمنًا”.
ـ سبب تسمية شهر رجب “بمضر”؟
سمي رجب به، لأن “مضر” كانت لا تغيره بل توقعه في وقته بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم
وهو النسيء المذكور في قوله تعالى: “إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عامًا ويحرمونه عامًا ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله”، التوبة. وقيل أن سبب نسبته إلى “مضر” إنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك.