علي محمد الشرفاء يكتب: مصر فى مواجهة الإرهاب
قدر الشعب المصري جعله الله دائما فى موقف الدفاع عن قيم العدالة والمثل العليا وحماية الأمن الوطني والمحافظة على استقرار الوطن وتأمين حدوده، وقد اتخذت مصر مسارا تاريخيا فى وقوفها مع أشقائها فى كل الأزمات، والتكاتف معهم فى مواجهة التهديدات لأمنهم بكل الإيمان بوحدة المصير المشترك للعرب جميعا، وقدمت تضحيات بالمال والأرواح والدعم الدبلوماسي والدفاع عن مصالح الدول العربية فى كل المحافل العالمية، فهل وقف العرب بنفس القدر والمسؤولية مع جمهورية مصر العربية عندما يتهدد أمنها وسلامة أراضيها ؟!
كلا وألف كلا لم يكن المقابل من الدول العربية رد الجميل كما يجب، فمن وقف مع دولة اليمن منذ سبعين عاما لمساعدة الشعب اليمنى لتحرير ه من ظلام القرون الوسطى؟! ومن الذى وقف مع الكويت إيان تهديد عبد الكريم قاسم رئيس العراق؟! ومن وقف مع الشعب الفلسطيني منذ سنة ١٩٤٨ دفاعا عن قضيته واسترجاعا لأرضه ؟! أما كانت مصر رأس الحربة فى تحرير الكويت إضافة إلى البعثات التعليمية التى أرسلتها مصر لدول الخليج على حساب ميزانية الدولة المصرية؟! ماذا حصدت إزاء تلك المواقف المشرفة غير الجحود بل تعدى ذلك إلى العداء السافر ودعم فرق الإرهاب والمجرمين بالمال والسلاح لتهديد الأمن القومي المصري وقتل أبنائه كما تفعل دويلة قطر دون أي مبرر منطقي؟
كم تلقت مصر ضربات وواجهت حروبا اجتمع عليها بعض الدول الأوروبية واسرائيل فى حرب ٥٦ جزاء مواقفها لصالح القضية الفلسطينية ثم فى لحظة فارقة وظروف عابرة وخيانة غادرة قامت إسرائيل باحتلال سيناء وإنهاك الجيش المصري فى هزيمة غير منصفة لم تتح للجيش المصري ممارسة حقه فى الدفاع عن وطنه، فاجتمعت الصهيونية العالمية ومن يدور فى فلكهاعلى مصر لإحباط معنوياتها وإزاحتها من طريق الحلم الإسرائيلي لإقامة دولته من النيل إلى الفرات، ولم يفت فى عضد الشعب المصري وجيشه البطل الاستسلام.. وقررت قيادته والشعب خوض ملحمة النصر فإما حياة مشرفة كريمة وإما الشهادة فى سبيل حماية الوطن والدفاع عن حقه .
كانت حرب أكتوبر استجابة للتحدي المصري ضد الاحتلال الإسرائيلي، وكان خلف إسرائيل أمريكا بكل قدراتها التكنولوجية والحربية والأقمار الصناعية مسخرة لدعم إسرائيل فى حرب اكتوبر ١٩٧٣، وأذكر عندما زار الإمارات المرحوم البطل مفجر حرب أكتوبر فى لقائه مع المرحوم الشيخ زايد، وكنت حاضرا ذلك اللقاء بعد حرب أكتوبر مباشرة يقول المرحوم السادات لم نكن نحارب إسرائيل وحدها ولكننا فى الحقيقة كنا نحارب أمريكا بكل قدراتها العسكرية، ورأينا كيف كانت تحمل الطائرات سي ١٣٠ الدبابات وتنزلها للجيش الإسرائيلي محملة بكل عتادها المتطور تنزل على الأرض وتذهب مباشرة لميدان المعركة، علاوة على تزويد أمريكا لإسرائيل بالمعلومات الهامة عن مواقع الجيش المصري من الأقمار الصناعية ) فكيف كان الموقف العربي مع مصر أثناء حرب أكتوبر ؟!
هنا أكتب شهادتي للتاريخ. حيث إنني كنت مديرا لديوان الرئاسة فى عهد المرحوم الشيخ زايد ورأيت المشهد بكل الوضوح، فلقد كان الوحيد من القادة العرب المتحمس بكل إخلاص ولديه الاستعداد باتخاذ أي موقف مهما بلغت خطورته فى دعم الشعب المصري وقيادته إيمانا صادقا منه بوحدة المصير العربي المشترك، ولذلك كان المبادر كأول رئيس عربي يتخذ خطوة جريئة وشجاعة بإعلانه قطع البترول عن أمريكا والدول الغربية وكان له الأثر الكبير فى الضغط على القوى العظمى باتخاذهم القرار (٢٤٢) فى مجلس الأمن الذى يوقف الحرب، ويقضي بانسحاب إسرائيل إلى ماقبل حدود ١٩٦7، وقبل ذلك قام الشيخ زايد رحمه الله بأخذ قرض من بنك ( ميد لند ) البريطاني بمبلغ يتجاوز خمسة وعشرين مليون جنيه إنجليزي لدعم القوات الجوية المصرية أثناء حرب أكتوبر ، وقد شهد بذلك المرحوم الرئيس حسنى مبارك أثناء لقائي به فى بيته فى مصر الجديدة، بعد وفاة المرحوم ألرئيس أنور السادات ، حيث نقلت له تعزية الشخ زايد، وحينها قال لي لا أعرف كيف أنقل مشاعر التقدير والشكر للشيخ زايد، حيث جاء دعمه المالي فى وقت نحن أحوج إليه لشراء بعض قطع الغيار للطائرات الحربية، بوصفه كان قائد القوات الجوية أثناء حرب اكتوبر .
وظلت مواقف الشيخ زايد النابعة من إخلاص وايمان بوحدة المصير العربي ، وكان الوحيد من بين كل القادة العرب متميزا فى مواقفه المدركة لأهمية جمهورية مصر العربية، ودورها التاريخي فى مواجهة العدوان من أي مكان على الأمة العربية، ويعتبرها وقواتها وشعبها رصيدا قوميا للأمن القومي العربي، فلم يفعل بقية الأشقاء ولن يفعلوا بالتجرد الذي اتخذه الشيخ زايد فى كل مواقفه، وماذا نرى من الإخوة الفلسطينيين غير اختراق الحدود المصرية بواسطة آلاف الأنفاق وتهريب الإرهابيين وطعن الشعب المصري الذى ضحى بدماء أبنائه من أجل القضية الفلسطينية، وأصبحت غزة المجاورة للحدود المصرية مرتعا للإخوان الإرهابيين ، وقاعدة ينطلق منها المجرمون لقتل أبناء الشعب المصري.
ذلك هو رد الجميل من الإخوة الفلسطينيين وهو أمر مؤسف ومحزن فلا تعول مصر على الإطلاق على أشقائها فماذا فعل أشقاء يوسف ألم يرموه فى البئر؟ ستظل الإمارات كما أسسها المرحوم الشيخ زايد وفية لمبادئها التى غرسها فى قلوب أبنائه يتقدمهم الشيخ خليفة بن زايد وولي عهده الأمين نائب القائد الأعلى الشيخ محمد بن زايد الذى يرعى تطوير العلاقات المميزة بين مصر ودولة الامارات فى استكمال مسيرة القائد المؤسس وتنفيذ مبادئه المشرفة حفظ الله مصر وسدد خطى قيادتها وإنها لمنصورة إن شاء الله على قوى البغي والعدوان وستسحق الشراذم من الإرهابيين ومن يقف خلفهم من الخونة والعملاء وأعوان الشيطان مصداقا لقول الله تعالي:”أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39)” سورة الحج.