علي محمد الشرفاء يكتب: المفترون على النبي
كذب المدعون وافترى الظالمون، فالتكليف للرسول حمل الرسالة وتبليغها للعباد فقط، ولَم يمنحه الله تحديد أحكام يقررها الرسول حلالا أو حراما، وقد سمي رسول الله، والرسول لم يعطه الله حق التشريع، حيث يقول سبحانه «كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2)» (الأعراف) ثم حدد له التكليف بوضوح بقوله سبحانه« يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ» (المائدة-67 ) ومنع الله عباده جميعا أنبياء وعلماء ورسلا إطلاق أحكام باجتهاداتهم لم تتضمنها آيات القرآن، فى قوله سبحانه « وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَٰذَا حَلَالٌ وَهَٰذَا حَرَامٌ لِّتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116)» (النحل)
فمن أين جاءوا بتلك الفرية، واتحداهم إذا وجدوا فى كتاب الله تخويلا للرسول بإطلاق الأحكام والتشريع، فاختص الله لنفسه سبحانه التشريع للناس، وأحكمت آياته وتجلت تشريعاته حكمة ونورا.
إن أولئك المجرمين استغلوا تلك الفرية ليفتحوا أبوابا ليكذبوا على الرسول برواياتهم المزورة، ويشوهوا صورته الطاهرة بأقوال وشبهات عاهرة، وكم جعلت الروايات المسلمين فى حروب جائرة، وفرقتهم إلى فرق وطوائف ماكرة، يسفكون دماءهم، وتساقط الناس صرعى فى معارك خاسرة .
ذلك ما سببته الروايات المفتراة على الرسول وعلى المسلمين وخلفت فى النفوس جروحا غائرة ، لأنهم لم يتبعوا ما بلغهم به رسول الله بقوله «اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ (3)» (الأعراف) ولو أن المفترين من شيوخ الدين وناقلي الروايات وأصحاب المذاهب لديهم خوف من الله وتدبروا فى آياته، وتبين لهم عذابه فى كل من يفتري على الله ورسوله من روايات كاذبة، لما تجرأوا على الإقدام بتشويه الإسلام وما يدعو إليه من رحمة وعدل وتسامح وإحسان، ويوم يرون أعمالهم السوداء فى يوم الحساب، فلا مفر من العقاب ولن يشفع لهم أصحاب كتب الصحاح، ومرجعيات الإجرام، حيث يخاطبهم الله بسؤاله لهم بقوله «وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30)» (الفرقان).
حين هجروا القرآن سول لهم الشيطان أعمالهم، وألفوا روايات وأكاذيب افتروها على رسول الله، ولو تفكروا فى كتاب الله سيتبين لهم مهمة الرسول عليه السلام، ليبلغ الناس رسالة الإسلام والرسول مؤتمن على الأمانة المكلف بها، ولذلك اختار الله سبحانه محمد عليه السلام الذى طهر شخصيته من الهوى وحب الدنيا وحفظ الأمانة ، فهيأه سبحانه ليكون على قدر المسئولية العظيمة، التى كلفه الله بحملها للناس جميعا فيا ويل من افترى على الله ورسوله ويا ويل من ألف روايات الزور بأقواله، حين يرى يوم القيامة سواد أعماله ، ويلقى فى جهنم، ويتبين له سوء أعماله، ويعيش يوما عسيرا بكل أهواله، جزاء لهم بما اقترفت عقولهم وأقلامهم من التحريف والافتراءات على الله وأنبيائه.