علي محمد الشرفاء يكتب: القرآن والروايات
كما يعلم المسلمون بأن الخطاب الإلهي قد أكمل نهايته، وأتم الرسول الأمانة التي كلفه بها ربه عندما قال في حجة الوداع، حيث يقول سبحانه مخاطبًا آلاف الحجيج في يوم عرفة قول الله:
( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا )
هناك وفى تلك اللحظة بلغ الرسول الناس بهذه الكلمات الإلهية انتهاء خطاب الله إليكم أيها الناس ولن يأتى خطاب غيره إلى يوم القيامة، فمن سار على هدي القرآن اهتدى للطريق المستقيم الذى يجعله في الحياة الدنيا لا يضل ولا يخشى، ويبعث آمنًا يوم الحساب، ويجزيه الله جنة النعيم بما آمن بالله ورسوله وكتابه المبين وما عمل من الصالحات، متبعًا التشريع الإلهي وعظات الله وأخلاقيات القرآن، واتباعًا لما أمر به الله سبحانه من عمل الصالحات، ومن أعرض عن القرآن واتبع ما رواه أتباع الشيطان فسيكون جزاؤه في الدنيا يعيش حياة الضنك والبؤس، وجزاؤه فى الآخرة جهنم وبئس المصير، ولَم يقل سبحانه من أعرض عن السنة، إنما قال من أعرض عن ذكري،
فالسنة هي أخلاقيات الرسول وتعامله مع أسرته ومع من حوله ومع مجتمعه من كل الديانات والأطياف والفرق دون تفرقة، مطبقًا كل التعليمات الإلهية والقيم السامية التي وردت في القرآن الكريم، وعليه تأكيدًا لقوله:
( تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۖ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ )
وقوله سبحانه:
( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا )،
وقوله سبحانه أيضًا:
( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا )
فإن سلمنا بالروايات وصدقنا ما أطلقوا عليه حديثًا فقد خالفنا أمر الله سبحانه بأنه على المسلم اتباع كتاب الله فقط، ولا قول يجاري قول الله سبحانه لأنه واحد لا شريك له فى القول والتشريع تأكيدًا لقوله يخاطب رسوله:
( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ )،
وقال سبحانه:
( المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ )
فإذًا لا يجب أن يكون في صدر المسلم المؤمن حرج أو ينساق نفاقًا مع المجتمع بأن الروايات التي توافق القرآن هي سنة، وطالما توافق القرآن فما قيمتها طالما بين أيدينا كلام الله الذى سيحاسبنا عليه يوم القيامة وقد أنذرنا بأننا سنسأل عنه جميعًا يوم الحساب هل اتبعنا القرآن أم اتبعنا مصطلحًا دخيلًا على ما بلغه رسول الله وجعلناه منافسًا لكلام الله
فهل أمرنا الله باتباع سنة محمد أم أمرنا الله باتباع ما أنزل الله على رسوله من آيات بينات، فلنستيقظ فبل فوات الأوان عندئذ لن ينفعنا البخاري أو الترمذي أو أبو داود، وهم أنفسهم سيكونون في محنة وعذاب بما افتروا مع غيرهم من كذب على الله ورسوله والذي توعدهم الله سبحانه بقوله ( قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) وفى نارجهنم عقابهم يعذبون
ذلك هو الخطاب الإلهي ولا نشرك مع كلام الله كلامًا مكذوبًا، فلنحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب .