علي محمد الشرفاء يكتب: العرب إلي أين؟
إن الأمة العربية تعيش محنة الفرقة والتنازع والصراع الذى استمر أربعة عشر قرنا، تقاتلوا مع بعضهم، سفكوا دماء الأبرياء بينهم، دمروا مدنهم، واستغلهم الغزاة من الثعالب واللصوص، فاستباحوا أموالهم وأراضيهم، واستعبدوهم وأذلوهم وساموهم كل أنواع القهر والتعذيب، فلم يتعلموا من الماضي البغيض، ليعيدوا النظر فى مستقبل أمتهم العربية ويبحثوا عن السبل الكفيلة بحماية مصالحهم ، ومنع كل من تسول له نفسه التفكير فى احتلال أراضيهم ، فما يجمعهم أكثر مما يفرقهم .
يجمعهم وحدة المصير والوجود والانتماء الواحد لأمة واحدة ولغة واحدة هي لغة القرآن ورسالة الإسلام التى تشرفت بها الأمة العربية وأخطر من ذلك توحد الأعداء فى السيطرة على ثرواتهم، وهذه وحدها تكفيهم للعودة للجلوس مرة أخيرة، لوضع إطار جديد للعلاقات العربية خارج الجامعة العربية ، التى تم إنشاؤها لتفريق العرب وتمزيقهم، والتى أصبحت مقرا للخلاف بين القيادات العربية والصراع المريض لبعضهم على الزعامة والقيادة والتجاء البعض للغزاة الطامعين، يستمدون منهم العون على إخوانهم كما يحدث الآن، وما تقوم به قطر من تحالف شرير مع أخطر أعداء الأمة العربية، الذى استعمر أوطانهم لأكثر من خمسة قرون فى ليبيا وتونس والمغرب وغيرها من البلدان العربية، التى ارتكبت فيها الدولة العثمانية التركية جرائم ضد الإنسانية وضد الشريعة الإسلامية.
وما يقوم به الإرهابي التركي القردوجان الذى يسعي بكل الوقاحة لإعادة السيطرة على ثروات الوطن العربي، متحالفا مع قطر عربي لتدمير الدولة السورية، وتهجير ملايين السوريين، فى مشهد حزين يرى العرب كيف يتساقط الأطفال؟ وكيف تستباح النساء؟ وكيف يجفف الضرع ويدمرالزرع ؟ ليستولي الغازي التركي على أرض عربية ويمارس نفس الدور الذى تقوم به إسرائيل، ونفس المهمة وهي السيطرة على مقدرات الأمة العربية، والعرب مشغولون فى تفاهات واختلافات لا مبرر لها، ويرون بأم أعينهم كيف تتساقط الدول العربية، فبعد تدمير سوريا نرى اليوم بداية لنفس المشروع التدميري العثماني فى ليبيا، فمتى يفيق العرب من غفوتهم، ومتى يستيقظون من نومهم فسيتوالى تساقطهم الواحد تلو الآخر، والشواهد يرونها كل صباح وكل مساء.
لماذا تعصون أمر الله فى وحدتكم، وهو يدعوكم سبحانه بقوله (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ) (103 آل عمران) ثم يحذركم من التنازع بينكم ويقول لكم سبحانه (وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ”.) (46 الأنفال) فلم نطع الله فى الأولى ولم نقدر نصيحته لنا بعدم التنازع، وهكذا فقد حل علينا غضبه ، لأننا سمحنا للصوص والذئاب بدخول أراضينا ، وفتحنا لهم الأبواب مشرعة ينهبون ثروات أمتنا وشعوبها، كما يشاءون..
فحرام عليكم أيها العرب أن تقرروا الانتحار، والله معكم الواحد القهار، فاجمعوا أنفسكم واعيدوا النظر فى مواقفكم ووحدوا صفوفكم، فلن يستثنى من احتلال دولكم أحد، فعدوكم معروف ومطامعه يبتزكم بها ليلا ونهارا، يهددكم باستلابها منكم.
فأين الشهامة؟ وأين الإيمان بحقوقكم؟ لقد شاهدتم كل المآسي التى عاشها إخوتكم فى سوريا والعراق وليبيا واليمن والصومال وهل من مزيد فاعتبروا يا أولي الألباب، واتقوا الله فى أوطانكم، وعودوا إلى رشدكم لتوحدوا الصفوف، وتأتلف القلوب بعقول مفتوحة تدرك أهمية أمن أوطانها وحق شعوبها فى السلام والاستقرار.