علي محمد الشرفاء يكتب: الحكم لله وحده
لم يمنح الله سبحانه جميع رسله وأنبيائه أن يقرروا نيابة عنه من هو الكافر ومن المؤمن، فالله وحده سبحانه يعلم ما تكن الصدور ونوايا العباد، ولا يملك أحد غيره الحكم على الناس، وقد وضع الله سبحانه قاعدتين تحدد مسئولية الرسل ووظيفتهم جميعا دون استثناء فى قوله سبحانه (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا (39)) (الأحزاب: ٣٩).
ثم بين الله للناس أنه وحده سبحانه المتفرد فى تقييم أعمال الخلق، والحكم على أعمالهم فى الدنيا فى قوله (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَىٰ وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (17)) الحج (١٧) فمن أين استقى المفتون آراءهم التى تتناقض مع آيات الله البينات وأحكامه العادلة، واحتفظ سبحانه لنفسه حق الحكم على عباده .
ألايستحيون من الله؟! ألايخشونه سبحانه؟! وهم يفترون على الله الكذب ويحرفون آياته؟! ألم يقرأوا كتابه ويتعرفوا على عقابه لكل من سولت له نفسه الأمارة بالسوء بأن يحكم بما لم ينزل الله فى قرآنه؟! ألم يدركوا بأنه أعد لهم حسابه وسيجازيهم بما ارتكبوا من جرائم فى كتابه وأصدروا أحكاما متجاوزين كل الخطوط الحمراء التى تحرم عليهم الكذب على الله، وحذرهم سبحانه فلينتظروا عذابه.
ألم يعلموا بأن كل الرسل والأنبياء مسلمون تأكيدًا لقوله سبحان( قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِۦمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِىَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍۢ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ) (البقرة:133) وقال سبحانه (وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132)) (البقرة :١٣٢) وقال سبحانه وتعالى(أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ )(133) البقرة)(١٣٣).
تلك الآيات تؤكد للناس أن كل الرسل والأنبياء يحملون رسالة واحدة وهي رسالة الإسلام، وكل أتباع أولئك الرسل مسلمون، وإن إختلفت طرق العبادة لديهم وتعددت مذاهبهم وفرقهم، مثل المسلمين أتباع محمد عليه السلام تعددت فرقهم وتناقضت مرجعياتهم، واختلفت طرق عبادتهم ولكنهم مسلمون فلاينبغي أن يتخذ الإنسان مواقف سلبية ضد إخوانه من أهل الكتاب لأنهم أولا إخوانهم فى الوطن وشركاءه فى المجتمع، وثانيا كل المسلمين يؤمنون بكل رسل أهل الكتاب وأنبيائهم وهذا شرط اساسي ليكونوا مسلمين، فمن حرضهم على خطاب الكراهية والله يدعو المسلمين بقوله ( وقولوا للناس حسنا ) البقرة (٨٣) وقال سبحانه مخاطبا رسوله عليه السلام وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا) (53: الإسراء) .
تلك هي بعض صفات المسلمين وأسأل أولئك الذين يفتون بما لم ينزل الله فى آياته فيما يكتبون ويفتون، فما هو وضع المسلم الذى لايتبع صفات المسلمين وأخلاق المؤمنين الذى اشترط الله على الناس ليكونوا مسلمين أن يلتزموا بأخلاق القرآن وصفات المؤمنين، ليستحقوا عضوية الإسلام فمن يسعى فى الأرض مع الشيطان ينشر خطاب الكراهية ويفتري على الآيات فى القرآن فلينتظر عقاب الله يوم الحساب يوم لاينفع مال ولابنون ولاشفيع ولاقريب ولا إمام ولاشيخ دين، فالكل بين يدي الله عقولهم شاردة وقلوبهم زائغة، حيث يصف الله سبحانه مشهد الذين كذبوا على الله وحرفوا فى أحكامه قوله سبحانه ﴿أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَـحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطتُ فِى جَنْبِ اللهِ وَإِن كُنْتُ لَمِنَ السَّـخِرِينَ( 56 ) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدَانِى لَكُنتُ مِنَ الْـمُتَّقِينَ( 57 ) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِى كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الُْمحْسِنِينَ( 58 ) بَلَى قَدْ جَآءَتْكَ ءَايَـتِى فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكَـفِرِينَ( 59 :الزمر )
ذلك ماوعده الله الذين يتكبرون على آياته ويفترون على رسوله ويحرفون دينه فويل لهم من عذاب يوم عظيم